العرض الأخير لمهرجان باريس.. نهاية راقصة لفصل جميل للموضة

«جون بول غوتييه» يودع مجال الأزياء الجاهزة من دون «دمعة»

اختيار كوكو شانيل ملكة لعرض عام 2015 - أسبوع باريس للموضة - العرض الأخير لمهرجان باريس

كان آخر عرض سيقدمه شقي الموضة الفرنسية، جون بول غوتييه مساء أول من أمس، بعد أن أعلن منذ أكثر من أسبوعين، أنه سيغلق جانب الأزياء الجاهزة ليركز على الـ«هوت كوتير» والعطور، مما جعله أيضا أهم عرض في البرنامج الرسمي على الإطلاق.
في أسبوع تضمن لحد الآن جرعة كبيرة من الإثارة، من كيني ويست وكيم كارداشيان، اللذين حضرا معظم العروض، متسببان في تدافع كبير خارج وداخل القاعات، إلى إطلاق كارل لاغرفيلد كتابا عن قطته «شوبيت» التي أصبحت أشهر من مادونا، كان تلقي دعوة لحضور عرض الوداع من غوتييه، أقصى ما يتمناه أي متابع للموضة. فهو ليس أهم حدث يشهده «أسبوع باريس» لهذا الموسم، فحسب، بل أيضا يسجل نهاية فصل مهم من تاريخ الموضة ككل. تصل إلى سينما «ريكس»، مكان العرض في شارع بواسونيير، وأنت تتوقع الازدحام، لكن ما لم تتوقعه أن مجرد الدخول من الباب الخارجي إلى المسرح الداخلي كان يستغرق ما بين 20 إلى 30 دقيقة. بعد أكثر من 40 دقيقة من الانتظار في القاعة التي يغلب عليها معمار فن «ديكو»، بدأ العرض. كان موضوعه اختيار ملكة جمال جون بول غوتييه، مما كان يعني الجمال والأناقة والطرافة على حد سواء. المثير أنه منذ اللحظة الأولى لم تتخلله أي نبرة حزن أو علامة تشي بأن المصمم يتحسر على ما فقده، ولو كان يعرف الموسيقى العربية لاستعمل أغنية عبد الحليم حافظ «أي دمعة حزن لا لا» في عرضه. كفارس شجاع، قدم مهرجانا احتفل فيه مع باقة من الشخصيات الشهيرة التي حضرت لمساندته، والعارضات اللاتي عملن معه منذ بدايته إلى الآن، بأكثر من 4 عقود من الإبداع. استرجع لنا كل تاريخه من خلال القطع الأيقونية التي أبدعها لنا، مثل أزياء البحارة والكورسيه والتايورات المفصلة، التي تلعب على ازدواجية الذكورة والأنوثة. كما عاد إلى كل الثقافات التي استقى منها لكي يقدم لها تحية، من دون أن ينسى أن يقدم تحية لكل من عمل أو تعاون معه طوال مشواره.
فكرة اختيار ملكة جمال جون بول غوتييه بدأت من بطاقات الدعوة التي تمثلت في شريط بألوان العلم الفرنسي، يلتف حول الكتف وكتب عليه: «ميس جون بول غوتييه 2015» وانتهت باختيار كوكو شانيل ملكة للعرض. لكن ليس قبل أن يتحفنا بعدة فصول مسرحية ظهرت فيها التايورات المفصلة، أحيانا على شكل توكسيدو، علما بأن هذا الأخير ظهر أيضا في ما يشبه الفساتين تحولت فيها الأكمام إلى كابات متطايرة لخفة أقمشتها. وظهر هذا الكاب في أشكال أخرى، ربما أبرزها ذلك الذي ربطه بفستان بكورسيه وكان بلون وردي يخاطب فتاة باريسية جريئة.
كما ظهرت قطع تستحضر أسفاره إلى الهند من خلال الساري والتطريزات. وتخللت هذه الأسفار مسرحيات صغيرة، بعضها في غاية الطرافة، مثل التي أرسل فيها عارضات يتشبهن بأشهر محررات الأزياء مثل غرايس كودينغتون، المحررة الفنية في مجلة «فوغ» الأميركية، بشعرها الأحمر المنكوش، ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» الفرنسية السابقة كورين روتفيلد بأسلوبها القوطي، ورئيستها الحالية إيمانويل آلت بأسلوبها المائل للـ«روك آند رول» العصري. وطبعا لم يكن من الممكن ألا يقدم تحية لسوزي مانكس، محررة الأزياء السابقة في «نيويورك تايمز» و«فوغ إنترنت» حاليا بغرتها المعقوصة للوراء وحبها للألوان.
أرسل أيضا مجموعة من العارضات متشبهات بزوجات لاعبي كرة القدم، بأزياء براقة واستعراضية، وهكذا ما إن تفيق من مشهد حتى يداهمك مشهد آخر لا يقل أناقة أو طرافة ليذكرنا بأننا هنا في عرض رجل مسرح واستعراض وليس مجرد مصمم أزياء عادي.
عندما انتهى العرض وجرى اختيار ملكة جمال جون بول غوتييه، ظهر شقي الموضة، البالغ من العمر 62 عاما، وهو يجري ويقفز في الهواء بحيوية شاب في العشرين، وكأنه تخلص من عبء كان يثقل أكتافه. ما إن ظهر حتى تحول المسرح إلى مهرجان راقص تناثرت فيه أوراق ذهبية من على السقف وصدحت فيه موسيقى من الثمانينات، حقبته الذهبية، لتكون أجمل نهاية لواحد من أجمل فصول تاريخ الموضة العالمية عموما، والفرنسية خصوصا.
يذكر أن جون بول غوتييه دخل عالم التصميم في السبعينات متدربا في دار «بيير كاردان»، قبل أن يؤسس داره في عام 1976، لكن نجمه بزغ في الثمانينات حين ظهرت المغنية مادونا في إحدى ألبوماتها بكورسيه من تصميمه. وهو الآن من المصممين الفرنسيين القلائل الذين يتمتعون باسم كبير وسمعة عالمية، مما يجعل أسبوع الأزياء الجاهزة يشعر بأنه تابع مساء أول من أمس، نهاية حقبة مهمة في تاريخ الموضة.
عن قراره، قال غوتييه بعد العرض، إنه جاء بعد تفكير طويل في المستقبل، كانت نتيجته أنه يشعر بمتعة أكبر وهو يصمم لموسم الـ«هوت كوتير» لأنها تتيح له فرصة أكبر للتعبير عن فنيته كما تتيح له فرصة البحث وتجريب تقنيات جديدة. تصميم الأزياء الجاهزة في المقابل يضعه تحت ضغوطات كبيرة بسبب إيقاعه السريع ومتطلباته الكثيرة التي تجعل البحث والإبداع بالطريقة التي يطمح إليها ويعمل بها، صعبا.
يذكر أن الشركة الإسبانية «بوش» تملك نسبة عالية من أسهمه.