نظم كومبيوترية جديدة تقلد عمل الدماغ البشري

تتمكن من الرؤية والإصغاء والملاحة والتحكم وتتعلم من أخطائها

كوابينا بوهن إلى اليمين يحمل معالجا صنع على النمط البيولوجي ووضع على ذراع روبوتية بالقرب من سمير مينون طالب الدراسات العليا في مختبر جامعة ستانفورد الأميركية في بالو التو
كوابينا بوهن إلى اليمين يحمل معالجا صنع على النمط البيولوجي ووضع على ذراع روبوتية بالقرب من سمير مينون طالب الدراسات العليا في مختبر جامعة ستانفورد الأميركية في بالو التو
TT

نظم كومبيوترية جديدة تقلد عمل الدماغ البشري

كوابينا بوهن إلى اليمين يحمل معالجا صنع على النمط البيولوجي ووضع على ذراع روبوتية بالقرب من سمير مينون طالب الدراسات العليا في مختبر جامعة ستانفورد الأميركية في بالو التو
كوابينا بوهن إلى اليمين يحمل معالجا صنع على النمط البيولوجي ووضع على ذراع روبوتية بالقرب من سمير مينون طالب الدراسات العليا في مختبر جامعة ستانفورد الأميركية في بالو التو

لقد دخلت الكومبيوترات عصرا تستطيع خلاله أن تتعلم من أخطائها، وهو تطور من شأنه أن يقلب العالم الرقمي رأسا على عقب. ومن المقرر أن تطرح النسخة التجارية لنوع من الرقائق الكومبيوترية الجديدة في العام الجديد هذا، والتي لن يكون بمقدورها أن تقوم بأتمتة الأعمال التي لا تزال تتطلب عمليات برمجة منهكة فحسب، مثل تحريك الذراع الروبوتية بمرونة وكفاءة، بل ويمكنها أيضا أن تتجاوز الأخطاء أو تتحمل وجودها، مما يعني أن إمكانية تعطل الكومبيوتر المفاجئ صارت أمرا من الماضي.

* نظام عصبي كومبيوتري
هذا المسعى الكومبيوتري الجديد الذي بات قيد الاستخدام من قبل بعض الشركات التقنية الكبيرة، يعتمد على النظام العصبي البيولوجي، وبصورة خاصة على كيفية تعامل الخلايا العصبية مع عملية التحفيز والتواصل مع الخلايا الأخرى لتفسير المعلومات. وهذا من شأنه إتاحة المجال أمام أجهزة الكومبيوتر لامتصاص المعلومات الجديدة أثناء قيامها بالأعمال، وبالتالي تعديلها والتأقلم معها، وفقا للإشارات المتغيرة.
وفي السنوات المقبلة فإن هذا الأسلوب سيجعل من الممكن قيام الجيل الجديد من نظم الذكاء الصناعي ببعض المهام التي يؤديها الإنسان، مثل النظم القادرة على الرؤية، والإصغاء، والملاحة، وعمليات الاستخدام والتحكم. وسيكون لهذا عواقب كبيرة على صعيد الأعمال، كالتعرف على الوجوه والنطق، والتخطيط، التي ما تزال في مراحلها الأولية، وتعتمد بشكل كبير على البرمجة البشرية.
ويقول المصممون إن مثل هذا النمط من شأنه إفساح المجال أمام الروبوتات التي تستطيع بأمان أن تمشي وتقود المركبات في العالم الطبيعي، على الرغم من أن الكومبيوتر المفكر والواعي، هو سلعة من عالم الخيال ما تزال أمرا بعيدا في أفق العالم الرقمي.
ويقول لاري سمار عالم الفيزياء الفلكية الذي يدير معهد كاليفورنيا للتقنيات المعلوماتية والاتصالات، الذي هو واحد من الكثير من مراكز الأبحاث التي كرست ذاتها لتطوير هذه الأنواع الجديدة من الدارات الكومبيوترية، «نحن ننتقل من النظم الكومبيوترية الهندسية إلى أمر له الكثير من مواصفات العمليات الكومبيوترية البيولوجية».
الكومبيوترات التقليدية هي محدودة بأعمالها، ببرمجياتها التي درجت عليها، فنظم الرؤية في الكومبيوترات التقليدية على سبيل المثال لا تتعرف سوى على الأجسام التي يمكن تمييزها بالخوارزميات المبرمجة عليها، ذات الاتجاه الإحصائي. والخوارزميات ما هي إلا وصفة تقوم بإصدار إرشادات وتوجيهات خطوة خطوة لإنجاز عملية حسابية.
بيد أن باحثي «غوغل» تمكنوا في العام الماضي من الوصول إلى خوارزميات تعلم الآلة، تعرف بالشبكة العصبية، بغية القيام بعملية تمييز وتحديد من دون أي إشراف. وقد قامت هذه الشبكة بمسح قاعدة بيانات مؤلفة من 10 ملايين صورة، وهي بفعلتها هذه مرنت ذاتها على التعرف على القطط. وفي يونيو (حزيران) من العام الماضي ذكرت الشركة أنها استخدمت أساليب هذه الشبكة العصبية، لتطوير خدمة بحث جديدة لمساعدة الزبائن على العثور على صور محددة بدقة أكثر.

* أبحاث عميقة
وهذا المسعى الجديد المستخدم في الأجهزة والعتاد، فضلا عن البرمجيات، مصدره الانفجار الجديد للمعرفة العلمية عن الدماغ. لكن كوابينا بوهن عالم الكومبيوتر الذي يرأس برنامج أبحاث «الأدمغة في السليكونات» في جامعة ستانفورد يقول إن مثل هذا المسعى له قيوده ومحدوديته، لأن العلماء ما يزالون بعيدين جدا عن معرفة كيفية عمل الدماغ. وأضاف: «لا نملك دليلا بعد، فأنا مهندس وأقوم بتشييد الأشياء، وهنالك الكثير من النظريات الطنانة، لكن أعطوني واحدة منها أستطيع من خلالها تشييد الأشياء».
وحتى اليوم فإن تصميم الكومبيوتر يعود إلى أفكار عالم الرياضيات جون فون نيومان قبل 65 سنة، إذ تقوم المعالجات الصغيرة بعمليات بسرعة الضوء، متتبعة تعليمات مبرمجة مستخدمة سلسلة طويلة من أرقام «واحد» و«صفر». وعموما تقوم بتخزين المعلومات بشكل منفصل فيما يعرف باللهجة الدارجة بـ«الذاكرة»، سواء في المعالج ذاته، أو في رقائق تخزين مجاورة له، أو في أقراص مغناطيسية صلبة عالية السعة.
والبيانات على سبيل المثال، كدرجات الحرارة في نماذج الطقس، أو الأحرف في معالجة الكلمات، يجري نقلها جيئة وذهابا من ذاكرة المعالج القصيرة المدى، بينما يقوم الكومبيوتر بتنفيذ الجانب، أو الفعل، البرمجي، والنتيجة يجري نقلها في النهاية إلى الذاكرة الرئيسة.
أما المعالجات الجديدة فتتألف من أجزاء إلكترونية يمكن وصلها بواسطة الأسلاك التي تحاكي الوصلات، أو نقاط التشابك العصبي البيولوجي. لكنها ترتكز على مجموعات كبيرة من العناصر التي تشبه الخلايا العصبية، التي تعرف بمعالجات «نيورومورفيك»، وهو اصطلاح خرج به الفيزيائي كارفر ميد من معهد «كاليفورنيا للتقنيات المعلوماتية والاتصالات» الذي كان من أوائل الذين ابتكروا هذا البحث في الثمانينات من القرن الماضي.

* تجاوز الأخطاء
يقول دهاميندرا مودها عالم الكومبيوتر في شركة «آي بي إم» الذي يرأس البحوث الكومبيوترية الإدراكية إنه «بدلا من جلب المعلومات والبيانات إلى العمليات الحسابية، كما نفعل اليوم، يمكننا الآن جلب هذه الحسابات إلى البيانات نفسها، فالمستشعرات تصبح هي الكومبيوتر ذاته لتفتح سبيلا جديدا لاستخدام الرقائق الكومبيوترية التي ستكون موزعة في جميع الأمكنة».
والكومبيوترات الجديدة هذه التي ما تزال تعتمد على الرقائق السليكونية، لن تحل محل كومبيوترات اليوم، بل ستكملها، على الأقل حاليا، إذ يرى الكثير من مصممي الكومبيوتر فيها معالجات ثانوية يمكنها العمل ترادفيا مع الدارات الأخرى التي يمكن تبييتها في الهواتف الذكية، أو في الكومبيوترات المركزية العملاقة التي تقوم بالخدمات السحابية. وتتألف الكومبيوترات العصرية من تشكيلة من المعالجات الثانوية التي تقوم بإنجاز عمليات متخصصة، مثل إنتاج الرسومات البيانية في الهاتف الجوال، وتحويل المرئيات، والأصوات، والسمعيات والبيانات الأخرى إلى جهاز اللابتوب.
ومن المميزات الكبيرة لهذا المنحى الجديد القدرة على تجاوز مواطن الخلل. فالكومبيوترات التقليدية هي دقيقة، لكنها لا تستطيع العمل بوجود خلل ما، أو عطب يصيب أحد الترانزستورات. أما مع التصميمات البيولوجية، فإن رموز البرامج تتغير باستمرار متيحة المجال أمام النظام لكي يتأقلم باستمرار، والعمل على تجاوز الإخفاقات بغية إنجاز ما عليه.
وكانت «آي بي إم» قد أعلنت في السنة الماضية أنها شيدت كومبيوترا متفوقا يقلد عمل الدماغ البشري، ويضم نحو 10 مليارات خلية عصبية، أكثر بنسبة 10 في المائة من الدماغ البشري. لكنه أبطأ في عمله 1500 مرة من الدماغ الحقيقي، فضلا عن أنه يتطلب عدة ميغاواط من الكهرباء، مقارنة بـ20 واط فقط بالنسبة إلى الدماغ البيولوجي.
وتشغيل البرنامج الذي يعرف بـ«كومباس» الذي يحاول محاكاة الدماغ البشري بسرعته الاعتيادية، يتطلب تيارا كهربائيا بالنسبة إلى الكومبيوتر العادي التقليدي، يوازي ما نحتاجه لمد مدينة مثل سان فرانسيسكو ونيويورك معا بالكهرباء وفقا للباحث مودها.

* خدمة «نيويورك تايمز»



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».