الإعصار «دوريان» يجتاح ساحل كندا ويقطع الكهرباء عن مئات الآلاف

برنامج الأغذية يحذر من أن ظروف الحياة «تتدهور سريعاً» في الباهاما

دراجة طفل في منزل دمره الإعصار «دوريان» بجزر الباهاما (رويترز)
دراجة طفل في منزل دمره الإعصار «دوريان» بجزر الباهاما (رويترز)
TT

الإعصار «دوريان» يجتاح ساحل كندا ويقطع الكهرباء عن مئات الآلاف

دراجة طفل في منزل دمره الإعصار «دوريان» بجزر الباهاما (رويترز)
دراجة طفل في منزل دمره الإعصار «دوريان» بجزر الباهاما (رويترز)

اجتاح الإعصار «دوريان» ساحل كندا المطل على المحيط الأطلسي، أمس (السبت)، حيث أسقط أشجاراً وقطع الكهرباء وأطاح برافعة بناء ضخمة في وسط مدينة هاليفاكس عاصمة إقليم نوفاسكوشيا.
وقال وزير السلامة العامة رالف جوديل على «تويتر» إن الحكومة سترسل الجيش للمساعدة في جهود الإغاثة بعد اجتياح العاصفة المنطقة.
وحثَّت السلطات أي شخص يعيش قرب شاطئ البحر على مغادرة المكان كإجراء وقائي. وقالت هيئة كهرباء نوفاسكوشيا إن أكثر من 300 ألف شخص انقطعت عنهم الكهرباء بالفعل في الإقليم، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.
ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات بسبب الإعصار في سواحل كندا.
وقال مركز الأعاصير بكندا إنه من المتوقَّع أن تجتاح رياح قوية تبلغ سرعتها 150 كيلومتراً في الساعة المنطقة الواقعة حول هاليفاكس.
وفي سياق متصل، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس (السبت) إن آلاف المشردين يعيشون في ظروف «تتدهور سريعاً»، في أسوأ المناطق المتضررة بجزر الباهاما وذلك بعد ستة أيام من وصول الإعصار «دوريان».
جاء التحذير بعدما هرعت منظمات الإغاثة لتقديم المساعدة، وعقب إعلان المسؤولين أن عدد القتلى البالغ 43 شخصاً سيزيد على الأرجح بعد اتضاح عدد المفقودين بين السكان البالغ عددهم 400 ألف نسمة، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.
وقال البرنامج إن نحو 90 في المائة من المنازل والأبنية والبنية التحتية في مارش هاربر التي ضربها الإعصار على مدار يومين كاملين تقريبا قد تضررت. وأشارت تقديرات البرنامج إلى أن نحو 70 ألف شخص يحتاجون للغذاء والمأوى، وقدرت محطات تلفزيونية خاصة حجم الممتلكات المدمرة أو المتضررة المؤمن عليها بنحو ثلاثة مليارات دولار.
وذكرت صحيفة «ميامي هيرالد» ووسائل إعلام أخرى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب طلبت دعماً جويّاً ولوجيستياً من وزارة الدفاع أمس لدعم جهود الإغاثة في الباهاما.
وكانت قوات خفر السواحل الأميركية وغيرها من الوكالات قد وفرت الدعم بالفعل، فيما وصل قائد القيادة الشمالية الأميركية الجنرال تيرانس أوشونيسي الجمعة إلى ناسو لتقييم الاحتياجات. وقال للصحافيين: «سنواصل الدعم والتعاون مع حكومة الباهاما».
واجتاح «دوريان»، وهو أقوى إعصار تشهده الباهاما على الإطلاق، جزر أباكو والباهاما الكبرى الأسبوع الماضي وسوّى أحياء بأكملها بالأرض وغمر أخرى بالمياه مما تسبب في سقوط ما وصفته مسؤولة في القطاع الطبي بأنه عدد «صادم» من القتلى.
كما دمر الإعصار أنحاء في جزر أوتر بانكس بولاية نورث كارولاينا ثم توجه شمالاً بامتداد ساحل الأطلسي الأميركي أمس (السبت).
وقال المركز الوطني للأعاصير ومقره ميامي إن الإعصار وصل أمس (السبت)، مصحوباً برياح تصل قوتها إلى عاصفة مدارية، إلى جنوب شرقي ولاية ماساتشوستس وجزيرتي نانتوكيت ومارثاس فينيارد التابعتين لها. وأضاف المركز أن العاصفة كانت على بُعد نحو 260 كيلومتراً جنوب شرقي نانتوكيت، ونحو 500 كيلومتر جنوب غربي إقليم نوفاسكوشيا الكندي في ساعة مبكرة من صباح أمس (السبت). وذكر أن من المتوقع أن يصل إلى نوفاسكوشيا محملا برياح تصل سرعتها إلى 150 كيلومترا في الساعة.
وقالت كارولين بورنت - جاراواي رئيسة الفريق الطبي في مستشفى الأميرة مارجريت في العاصمة ناسو إن عدد القتلى سيكون «صادماً»، وإن الأمر سيتطلب شاحنتي تبريد عملاقتين لحفظ الجثث المتوقَّع العثور عليها. وأضافت: «طلبنا الكثير من أكياس الجثث».
وقال الصليب الأحمر الأميركي إنه خصص بصورة مبدئية مليوني دولار للمساعدة في مواجهة آثار الإعصار في الباهاما، من خلال توفير الأغذية والمياه ومراكز الإيواء وغيرها من مستلزمات الحياة. وقال شاهد من وكالة «رويترز» إن غالبية المنازل قرب منطقة ذا ماد التجارية بمدينة مارش هاربور سُوّيت بالأرض وإنه رأى جثة رجل ملقاة قرب شارع رئيسي وجِيَف كلاب نافقة طافية على المياه. وأضاف الشاهد أنه بينما كان بعض السكان يغادرون المنطقة ومعهم ما خف وزنه من ممتلكاتهم أصر البعض على البقاء.
وكتبت السفارة الأميركية في ناسو على «تويتر» أن خفر السواحل الأميركي أنقذ 295 شخصاً منذ وصول الإعصار. ويرجح مسؤولون ارتفاع عدد القتلى بشدة والعثور على مزيد من الجثث وسط الأنقاض والركام ومياه الفيضانات التي خلفها الإعصار.


مقالات ذات صلة

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

أميركا اللاتينية انقطاع التيار الكهربائي في هافانا بعدما ضرب الإعصار أوسكار مساء الأحد كوبا (د.ب.أ)

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

 أعلن الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أمس (الاثنين) وفاة ما لا يقل عن 6 أشخاص بعدما ضرب إعصار «أوسكار» شرق كوبا.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
العالم صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية بواسطة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لإعصار أوسكار (أ.ب)

الإعصار أوسكار يصل إلى اليابسة في جزر البهاما

قال المركز الوطني الأميركي للأعاصير، اليوم الأحد، إن الإعصار أوسكار وصل إلى اليابسة في جزيرة إيناجوا الكبرى؛ إحدى جزر البهاما.

«الشرق الأوسط» (ميامي )
الولايات المتحدة​ امرأة تسير في وسط المدينة أثناء وصول إعصار «ميلتون» إلى اليابسة في تامبا بفلوريدا (أ.ف.ب)

رياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات... الإعصار «ميلتون» يبدأ باجتياح فلوريدا (صور)

بدأ الإعصار «ميلتون» الذي يُعتبر «خطراً للغاية» باجتياح سواحل ولاية فلوريدا في جنوب الولايات المتحدة ليل الأربعاء، مصحوباً برياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج دعت السفارة المواطنين في حالات الطوارئ إلى الاتصال بأرقام الطوارئ (الشرق الأوسط)

السعودية تدعو مواطنيها في أميركا للحيطة من إعصار «ميلتون»

طالبت سفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية مواطنيها الموجودين في ولايات جورجيا ونورث كارولاينا وساوث ‫كارولاينا، بأخذ الحيطة والحذر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن الإعصار «هيلين» في حدوث فيضانات وأضرار قياسية في كارولينا الشمالية (أ.ف.ب)

الإعصار «هيلين» يقتل 63 شخصاً على الأقل في الولايات المتحدة

ارتفعت حصيلة القتلى جراء الإعصار «هيلين» إلى 63 شخصاً على الأقل، وفقاً للسلطات التي أشارت إلى أن ملايين الأميركيين في 10 ولايات لا يزالون من دون تيار كهربائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».