«ورد مسموم» يمثل مصر في الأوسكار... وهجوم على اختياره

المخرج أحمد صالح: لم أصنع فيلماً تجارياً ولا تغضبني الآراء السلبية

لقطة من فيلم «ورد مسموم»
لقطة من فيلم «ورد مسموم»
TT

«ورد مسموم» يمثل مصر في الأوسكار... وهجوم على اختياره

لقطة من فيلم «ورد مسموم»
لقطة من فيلم «ورد مسموم»

حظي فيلم «ورد مسموم» الذي اختير ليمثل السينما المصرية في مسابقة الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي (غير ناطق بالإنجليزية) بأغلبية أصوات الحاضرين في اللجنة التي شكلتها نقابة المهن السينمائية وضمت 44 عضوا من السينمائيين والنقاد، فقد فاز الفيلم بـ11 صوتا تمثل نصف عدد الحاضرين للجلسة الختامية التي جرى فيها التصويت سريا مساء أول من أمس، بالمجلس الأعلى للثقافة وترأسها نقيب السينمائيين مسعد فودة وأدارها بشفافية رافضا مبدأ التصويت الإلكتروني للأعضاء الذين حالت ظروف السفر أو المرض دون حضورهم.
كان أعضاء اللجنة قرروا بعد جلستهم الأولى قبل أسبوع تشكيل قائمة قصيرة ضمت 7 أفلام من بين 31 فيلما عرضت تجاريا خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2018 إلى سبتمبر (أيلول) 2019، وتم التصويت عليها إلكترونيا والتي تنطبق عليها شروط الأكاديمية الأميركية المانحة لجوائز الأوسكار، وضمت القائمة بالترتيب أفلام (ورد مسموم - ليل خارجي - الفيل الأزرق - الممر - الكنز - عيار ناري - الحلم البعيد)، ولم يكن اختيار هذه القائمة أمرا سهلا، خاصة مع غلبة الطابع التجاري والسطحية على بعض الأفلام، لهذا السبب تعالت أصوات بعض أعضاء اللجنة بعدم ترشح فيلم مصري للأوسكار هذا العام، والذي تبناه الناقد طارق الشناوي وأيده عدد محدود في ذلك، مؤكدين أنه إما أن يكون لدينا فيلم جيد نراهن عليه وإلا فلا داعي لهذا السيناريو المتكرر: «نرشح أفلاما لاتصل حتى للقائمة القصيرة وتخرج مبكرا جدا من السباق»... وطلب نقيب السينمائيين التصويت على هذا الاقتراح بين الحضور فاختارت الأغلبية مبدأ المشاركة، وكانت وجهة نظرهم أن الاعتذار قد يكون حلا سهلا ويصبح تقليدا معتادا، وأنه رغم سوء مستوى أغلب الأفلام فهناك من بينها ما يستحق إعطاءه الفرصة ومن ثم التزم الجميع بقرار الأغلبية وجاء اختيار فيلم «ورد مسموم» بمثابة مفاجأة لصناعه.
الفيلم تدور أحداثه داخل منطقة دبغ الجلود بحي مصر القديمة (والتي تم إزالتها ونقلها مؤخرا) من خلال عاملة النظافة «تحية» التي تعيش مع أمها وشقيقها هناك ويسعى شقيقها للهجرة هربا من الحياة الشاقة التي يعيشها لكن شقيقته تحاول ثنيه عن السفر بكل الطرق... الفيلم مأخوذ عن رواية بعنوان «ورود سامة» للمؤلف أحمد زغلول الشيطي وشارك في بطولته محمود حميدة، وكوكي، وإبراهيم النجاري. ويقدم المخرج من خلال الفيلم رؤية بصرية جديدة لحي المدابغ الذي جرى تصوير الفيلم كاملا به، راصدا من خلاله معاناة سكان المنطقة من الفقر والظروف المعيشية القاسية، وكان المخرج قد قدم فيلما تسجيليا عن منطقة المدابغ بعنوان «جلد حي» وارتبط كثيرا بالمكان وأهله فقرر أن يقدم فيلما روائيا عنهم.
وفى أول رد فعل على اختيار الفيلم، قال السيناريست بشير الديك أحد أعضاء اللجنة إن «ورد مسموم» هو أسوأ فيلم يمكن أن يمثل السينما المصرية في الأوسكار، مؤكدا أنه لم يمنحه صوته، وأنه فيلم شديد الافتعال يخاطب الغرب بشكل فج، وأن الفيلم لم تجر له أعمال مونتاج، ولا يحمل قيمة فنية حتى يمثل السينما المصرية بكل تاريخها الكبير.
من جهته، قال المخرج أحمد فوزي صالح مخرج ومنتج الفيلم في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يكن يتوقع اختيار فيلمه، وإنه لا يحب فكرة التوقع ذاتها حتى لا يصاب بالإحباط إن لم تتحقق، قائلا: «اخترت من البداية تقديم الأفلام التي أقتنع بها والتي تسير عكس التيار التجاري السائد في السينما المصرية لأنها تجنح أكثر للفن والتجريب، وأعتمد في تمويلها ذاتيا لأنه لا أحد سينتج لي، ومن ثم فلست بحاجة لتقديم تنازلات بل أقدم رؤيتي الفنية لإيماني بأن الأموال لا تصنع أفلاما، وأن التمويل ونجاح الأفلام أو عدم نجاحها أشياء لاحقة، وأنا متجاوز من البداية فكرة المكسب والإيرادات فلم أصنع فيلما تجاريا للرهان عليه في شباك التذاكر، وإن كنت أعتقد أن هذه النوعية من الأفلام تعيش أطول وتربح أكثر على المدى البعيد».
وحول هجوم البعض على اختيار الفيلم ليمثل مصر في مسابقة الأوسكار أكد صالح أنه يهتم برصد ردود الفعل السلبية أكثر من اهتمامه بالإيجابية منها «لأن ذلك هو الذي سينير بصيرتي ويفيدني بصفتي مخرجا لأن أغلبها محق»، مشيرا إلى أن «الإجماع في الفن أمر غير صحي وهذه الآراء لا تسبب لي أي ضيق».
يذكر أن مسابقة أفضل فيلم أجنبي في النسخة 92 التي تعلن جوائزها في 9 فبراير (شباط) 2020 تشهد مشاركة عربية واسعة؛ إذ يتنافس عليها حتى الآن من فلسطين فيلم «إن شئت كما في السماء» للمخرج إيليا سليمان، ومن المغرب فيلم «آدم» للمخرجة مريم نوراني، والجزائر «بابيشا» منية مندور، ويمثل فيلم «ولدي» لمحمد بن عطية السينما التونسية إلى جانب الفيلم المصري.
وتشهد المسابقة هذا العام انضمام 12 سينمائيا عربيا جديدا للجنة تحكيمها، من بينهم الفنانة يسرا والمخرج عمرو سلامة ومحمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي والمخرجة التونسية رجاء عماري والمخرجة اليمنية خديجة سلامي.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.