«منتدى الشرق» منصة جذب الاستثمارات لأطراف روسيا الاستراتيجية

شهد توقيع 50 اتفاقية بين موسكو ونيودلهي بـ5 مليارات دولار

الرئيس الروسي مصافحاً رئيس الوزراء الياباني على هامش إحدى فعاليات منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفيستوك الروسية أمس (إ.ب. أ)
الرئيس الروسي مصافحاً رئيس الوزراء الياباني على هامش إحدى فعاليات منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفيستوك الروسية أمس (إ.ب. أ)
TT

«منتدى الشرق» منصة جذب الاستثمارات لأطراف روسيا الاستراتيجية

الرئيس الروسي مصافحاً رئيس الوزراء الياباني على هامش إحدى فعاليات منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفيستوك الروسية أمس (إ.ب. أ)
الرئيس الروسي مصافحاً رئيس الوزراء الياباني على هامش إحدى فعاليات منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفيستوك الروسية أمس (إ.ب. أ)

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحولات إيجابية اقتصادياً شهدتها مناطق أقصى شرق روسيا خلال السنوات الماضية، وذلك في كلمته أمام الجلسة العامة لـ«منتدى الشرق الاقتصادي»، المنعقد في مدينة فلاديفيستوك الروسية على المحيط الهادي. وكانت روسيا أطلقت ذلك المنتدى منذ خمس سنوات، بموجب قرار رئاسي؛ بهدف «تعزيز التنمية الاقتصادية في أقصى الشرق الروسي، وتوسيع التعاون الدولي في منطقة آسيا والمحيط الهادي».
ويذكر أن فلاديفيستوك تقع في جيب استراتيجي في أقصى الشرق الروسي، في بقعة تطل على بحر اليابان شرقاً، وقريبة من الصين غرباً وكوريا الشمالية جنوباً؛ ما يؤهلها لتكون معبراً لتنمية منطقة اقتصادية وتجارية بالغة الأهمية.
ولم تخرج القضايا الرئيسية التي ركز عليها المشاركون والضيوف عن تلك الأهداف المعلنة؛ إذ حرص المسؤولون الروس على الإشارة إلى توفر ظروف مناسبة لتطوير الأعمال والاستثمارات في أقصى شرق البلاد؛ بغية جذب المزيد من الاستثمارات. كما شهد المنتدى توقيع اتفاقيات تعاون بين روسيا وعدد من الدول المشاركة، لعل أهمها الاتفاقيات مع الهند، التي أعلنت بما في ذلك عن منح «خط ائتماني» بقيمة مليار دولار لتطوير منطقة أقصى شرق روسيا، والتعاون مع روسيا في إنتاج النفط والغاز في المنطقة القطبية.
وفي كلمته أمام الجلسة العامة يوم أمس، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريصاً على عرض «المزايا» الاقتصادية للمنطقة والتطور فيها خلال السنوات الأخيرة، وقال: إن مدينة فلاديفيستوك الروسية باتت اليوم مركزاً للتعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، لافتاً إلى فتح الأبواب أمام الاستثمارات في جميع القطاعات الاقتصادية في تلك المنطقة، بما في ذلك في مجال صناعة الطائرات، وتطوير مطار «فوستوتشني» الفضائي، ومشروعات أخرى، مع قيود تشمل فقط الصناعات العسكرية. واقترح تأسيس صندوق استثماري لتمويل المشروعات الواعدة هناك. وعبّر عن قناعته بأن «ظروف مضي منطقة الشرق على درب النمو قد تشكلت»، متعهداً بتعزيز الحكومة جهودها لتحقيق المزيد، وأشار إلى استثمارات في المنطقة بلغت قيمتها 612 مليار روبل (نحو 9.27 مليار دولار) خلال خمس سنوات «بفضل تدابير الدعم الحكومية». وحسب يوري تروتنيف، مفوض الرئيس الروسي في مديرية أقصى الشرق، تزيد حصة الاستثمارات الروسية على 80 في المائة من إجمالي الاستثمارات في المديرية.
وتوقف الرئيس الروسي بشكل غير مباشر عند مشاكل رئيسية تعرقل النمو الاقتصادي في أقصى الشرق الروسي، حين عرض تدابير لمواجهتها، منها على سبيل المثال لا الحصر، الوضع الديموغرافي وهجرة الأيدي العاملة المحلية إلى مناطق أخرى في البلاد أو خارجها، وأعلن في هذا السياق عن خطوة للحد من تلك الهجرة، عبر برنامج رهن عقاري للعائلات «الشابة» في أقصى الشرق، بسعر فائدة لا يتجاوز 2 في المائة، لحل مشكلة السكن.
كما شدد بوتين على ضرورة اتخاذ جميع الخطوات الضرورية حتى يتمتع الشباب بأوسع فرص للحصول على التعليم، وتكوين أسرة، وتقديم مساهمة في تطوير مناطق الشرق الأقصى الروسي القريبة منهم. كما اقترح مضاعفة قيمة الأجور الشهرية للأطباء هناك، والهدف دوماً الحد من «الهجرة» والحفاظ في المنطقة على الكادر العلمي والفني والطبي الضروري في عملية التنمية.
في سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي عن فتح بلاده «خطاً ائتمانياً» بقيمة مليار دولار أميركي لتطوير أقصى شرق روسيا. وقال في كلمته خلال الجلسة العامة للمنتدى أمس، إن «الهند تقدم خطاً ائتمانياً بقيمة مليار دولار»، لافتاً إلى أن هذه حالة نادرة عندما تقدم الهند مثل هذا الخط الائتماني لدولة أجنبية، وقال: إن هذه الخطوة «حالة غير مسبوقة، وهذه نقطة انطلاقنا في أقصى شرق روسيا»، موضحاً أن «الهند تعمل بنشاط في المنطقة». وعبّر عن قناعته بأنها «خطوة ستمنح دينامية لتطوير العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين دول المنطقة». وأشار إلى 50 اتفاقية وقّعتها الهند وروسيا على هامش أعمال المنتدى، حول استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار، لافتاً إلى أن «أقصى شرق روسيا منطقة تتمتع باحتياطي خامات طبيعية ضخم، وإمكانات كبيرة للتطور».
وفي أعقاب محادثاتهما في اليوم الأول من أعمال المنتدى، وقّع الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الهندي مجموعة من الاتفاقات، بينها اتفاق استراتيجية عمل لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري، فضلاً عن اتفاق للتعاون في مجال الإنتاج المشترك لقطع الغيار ومكونات الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية. كما اتفقا على خريطة للتعاون لمدة خمس سنوات في إنتاج النفط والغاز المسال في الشرق الأقصى ومنطقة القطب الشمالي. ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق الأخير قد يكون الأهم بين البلدين للمرحلة المقبلة.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.