عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الدكتور محمد أبو رمان، وزير الثقافة والشباب الأردني، افتتح ملتقى البلقاء العربي الخامس للفنون التشكيلية، الذي شهد تكريم الفنان التشكيلي السعودي الراحل نصير السمارة. وشارك في الملتقى من المملكة العربية السعودية، الفنانة التشكيلية الدكتورة حصة المحمد، والفنانة التشكيلية أحلام المشهدي اللتان قدمتا بعض اللوحات الجميلة التي تعبر عن عمق العلاقة والشراكة السعودية الأردنية. وكرم الوزير الأردني، خلال الملتقى، ممثل السفارة السعودية السكرتير الثاني ماجد الخيبري.
> محمد بن سالم الحارثي، سفير سلطنة عمان لدى كوريا الجنوبية، حضر ملتقى البيت المفتوح تحت عنوان «مرحباً بكم في عُمان» الذي نظمته السفارة بالتعاون مع هيئة التعليم التابعة لبلدية العاصمة سيول. وقدم السفير عرضاً للجوانب التاريخية والحضارية والثقافية لعُمان، وأكد على أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي للسلطنة والدور العُماني في الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
> جمال الجراح، وزير الإعلام اللبناني، رعى وحضر يوماً سياحياً بيئياً في إهدن نظمه موقع Upndownbeirut، بالتعاون مع مؤسسة رينيه معوض. وشكر الجراح القائمين «على هذه الرحلة الجميلة التي أتاحت الفرصة لي كي أتعرف على إهدن، التي أعرفها وأعرف جمال طبيعتها ومناخها، لكن في هذه المرة تعرّفت على أشياء جديدة فيها، وكل الشكر أيضا للسفراء الذين شرفونا في إهدن، وهم أيضا سفراؤنا إلى دولهم وشعبهم، كي ينقلوا إليهم صورة لبنان الجميل».
> محمد داود داود، وزير الثقافة اللبناني، حضر افتتاح المكتبة العامة لجمعية «القلب كفرا» خلال احتفال أقيم في مدينة صور. وتحدث الوزير داود فقال: «يسعدني أن نجتمع في مناسبة الحرف والكلمة، في افتتاح مكتبة عامة في كفرا، لتكون شرارة للثقافة، بما فيها من كتب تمثل نتاج الفكر الإنساني، والثروة التي لا تقدر بثمن، وثروة ليست كباقي الثروات».
> أشرف إبراهيم، سفير مصر لدى المغرب، أقام مأدبة للبعثة المصرية المشاركة في منافسات دورة الألعاب الأفريقية، وذلك بحضور المهندس هشام حطب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية. وأعرب السفير عن سعادته بالنتائج التي حققتها البعثة المصرية المشاركة في دورة الأفريقية بالمغرب، مثمناً الدور الذي قامت به وزارة الشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية في دعم الاتحادات لتحقيق هذه النتائج المشرفة على مستوى عدد كبير من الألعاب الفردية والجماعية في واحدة من أقوى البطولات الأفريقية.
> لي جي وان، سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الأردن، التقى أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة عمان، وأكد رغبة بلاده في تعزيز العلاقات التجارية والسياحية والاستثمارية مع المملكة، مبيناً أنه سيتم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل تسيير رحلات طيران مباشرة بشكل عارض من كوريا إلى الأردن لزيادة التعاون السياحي بين البلدين، مضيفاً أن كوريا الجنوبية تقوم حالياً بتنفيذ عدة مشاريع في المملكة، وخاصة في مجالات البنية التحتية والكهرباء ومشاريع المياه.
> الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة بالإمارات، استقبل ديمتري كوبيكلين، وزير الموارد الطبيعية والبيئة في جمهورية روسيا الاتحادية، والوفد المرافق له، خلال زيارته لمركز F3R الوطني للطيور والتدريب في إمارة دبي. وأبدى الوفد الضيف اهتمامه بنقل التجربة الإماراتية المتقدمة في هذا المضمار إلى جمهورية روسيا الاتحادية وإنشاء مركز مشابه فيها، والتعرف على التقنيات المتقدمة في مجال إنجاب الطيور، والاطلاع على نوعية الطيور التي سيتم نقلها لمركز موراس القرغيزي للصقور.
> الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، كرّمه ملك ماليزيا السلطان عبد الله رعاية الدين المصطفى شاه، بمنحه جائزة العام الهجري الجديد، وهي أعلى جائزة تمنحها ماليزيا لعلماء المسلمين في العالم؛ تقديراً لجهودهم في نشر العلم وقيم السلم والتسامح والتعايش والتأثير الإيجابي في العالم.
> أشرف دبور، سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية، قلّد نيابة عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، الوزير اللبناني غازي العريضي «وسام الرئيس ياسر عرفات» و«نجمة يابوس». وجاء هذا التكريم تقديراً لعطاء الوزير غازي العريضي الوطني المشرف في خدمة وطنه لبنان عبر الكثير من المناصب الوزارية التي تبوأها، وتثميناً عالياً لنتاجه الفكري المرموق الذي كرّسه للدفاع عن قضايا أمته، وفي الطليعة منها قضية فلسطين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)