البناء الاستيطاني حول القدس يصل إلى مستويات قياسية في عهد ترمب

في تقرير أصدره {المكتب الوطني للدفاع عن الأرض} التابع لمنظمة التحرير

TT

البناء الاستيطاني حول القدس يصل إلى مستويات قياسية في عهد ترمب

أظهرت معطيات في تقرير رسمي أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس، أن البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة وصل منذ فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية إلى مستويات قياسية مقارنةً بالأعوام الـ20 الأخيرة. وأشار التقرير إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي رفعت من وتيرة البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة في عهد إدارة ترمب، وسط تبدل في تعاطي البيت الأبيض سياسياً مع النشاطات الاستيطانية المخالفة للقوانين الدولية في الضفة الغربية المحتلة، علماً بأن الإدارات الأميركية السابقة عكفت على اعتبار الاستيطان عائقاً أمام «عملية السلام» في الشرق الأوسط.
وبيّن التقرير أن إدارة ترمب غضّت الطرف عن النشاط الاستيطاني في الأرض الفلسطينية، حتى إن وزارة الخارجية الأميركية أوقفت في أبريل (نيسان) الماضي، استخدام تعبير الأراضي المحتلة، في إشارة إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ووفقاً للتقديرات فإن إسرائيل أقامت منذ احتلال مدينة القدس الشرقية عام 1967 عشرات المستوطنات في محيط مدينة القدس وأقامت فيها أكثر من 55 ألف وحدة سكنية على أقل تقدير، فيما طرأ خلال الفترة بين عامي 2017 و2018، عقب فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، تصاعد هائل في وتيرة البناء الاستيطاني في المدينة المحتلة، حيث تمت المصادقة على بناء 1861 وحدة استيطانية جديدة، بارتفاع يبلغ 58% مقارنةً بعامي 2015 و2016 في ظل تفاوت كبير في تراخيص البناء الممنوحة للمقدسيين، الذين تتجاوز نسبتهم 38% من مجمل سكان القدس، ولم تتجاوز نسبة تصاريح البناء التي وافقت عليها لجنة التخطيط والبناء التابعة للحكومة الإسرائيلية في بلدات وأحياء القدس المحتلة 16.5% فقط من مجمل تراخيص البناء.
ووثّق التقرير خططاً لإقامة حي استيطاني جديد في مستوطنة «دوليف» وسط الضفة الغربية المحتلة، حيث سيضم الحي الاستيطاني 300 وحدة سكنية جديدة. كما أن هناك مخططاً لبناء 200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «ميتساد»، وآخر لبناء 100 وحدة سكنية في مستوطنة «إيبي هناحال». وتقع المستوطنتان في شرقي الكتلة الاستيطانية «غوش عتصيون» في منطقة بيت لحم. إضافة إلى مصادقة «مجلس التخطيط الأعلى» على شرعنة بناء مؤسسة عامة في مستوطنة «غفاعوت»، وعلى شق شارع لمبان تخطط سلطات الاحتلال لبنائها في هذه المستوطنة.
وفيما يسمى اللواء الأوسط في إسرائيل وامتداداته الاستيطانية في الضفة الغربية، قررت لجنة للتنظيم والبناء إيداع مخطط هيكلي لمستوطنة «موديعين» التي تمتد داخل الضفة الغربية وتصل إلى حدود بلدة بيت سيرا في محافظة رام الله يتضمن بناء 43 ألف وحدة سكنية، وذلك في إطار سياسة طويلة المدى للمستوطنة التي تمتد على مساحة 50 ألف دونم. ويهدف المخطط إلى زيادة سكان «موديعين»، التي بُنيت قبل عشرين عاماً إلى نحو ربع مليون مستوطن، وتضم الآن 23 ألف وحدة سكنية ويقطنها نحو 89 ألف مستوطن.
وفي الأغوار الفلسطينية شرع مستوطنون في إقامة بؤرة استيطانية جديدة على الأراضي المهددة بالمصادَرة من سلطات الاحتلال في منطقة الفارسية بالأغوار الشمالية. فيما أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي قرية ديراستيا غرب سلفيت، وقرية كفر لاقف شرق قلقيلية، لبناء وحدات استيطانية. وفي محافظة بيت لحم جرّفت آليات الاحتلال الإسرائيلي أراضي في منطقة المخرور شمال غربي بيت جالا لشق نفقٍ تحت الأرض على غرار آخر يوصل بين القدس ومجمع مستوطنة «غوش عصيون» بمسافة تصل إلى قرابة الكيلومتر، وذلك في إطار توسيع الشارع الالتفافي رقم «60»، علماً بأن أعمال التجريف ستسلب العشرات من الدونمات من أراضي المواطنين في بيت جالا، وذلك في ظل الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تتعرض لها المنطقة.
وفي القدس أيضاً تواصل جمعية «العاد» الاستيطانية وسلطة آثار الاحتلال، توسيع وتعميق الحفريات جنوبي المسجد الأقصى في منطقة القصور الأموية، حيث تقوم سلطة الآثار بأوسع عملية حفر وتنقيب واستهداف أساسات المسجد الأقصى وتنقل كميات كبيرة من الأتربة بحاويات مشابهة لتلك الحاويات التي تنقل الأوزان الثقيلة وتقوم بإخراجها من باب المغاربة حيث تقف عند مدخل ساحة البراق حاويات مغطاة، وتستمر هذه العملية حتى ساعات الليل، وهناك أصوات حفر ونقل للأتربة من المنطقة الغربية الجنوبية، كما يبدو استكمالاً للحفريات التي تجريها دائرة الآثار مع جمعية «العاد» الاستيطانية في النفق الجنوبي الذي يطلق عليه «مركز الزوار» في واد حلوة، إلى داخل أسوار البلدة القديمة أسفل المسجد الأقصى باتجاه ساحة البراق.
وعلى صعيد آخر، تفيد التقديرات بأن حكومة الولايات المتحدة كثّفت من مساعيها لإنقاذ بنيامين نتنياهو قبيل الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، فقد تُقْدم على تقديم المزيد من الهدايا المجانية لليمين الإسرائيلي، حيث ترددت أصداء في أروقة العاصمة الأميركية عن إعراب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة «جي 7» التي انعقدت مؤخراً في فرنسا، عن استعداده قبول وساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، ربما على هامش الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل، مقابل ثمنٍ يُرضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وسيكون ثمن ذلك موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إعلان نتنياهو ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، لخدمة الأخير الذي يواجه تحديات جمّة في مساعيه للفوز بدورة جديدة كرئيس لوزراء إسرائيل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.