جهد سعودي ـ إماراتي يحتوي أحداث الجنوب... ويعيد البوصلة لمواجهة الحوثي

دعوة إلى الانخراط في «حوار جدة»... ولجنة مشتركة لتثبيت وقف إطلاق النار... ومجلس التعاون يشيد

رئيس الحكومة اليمنية خلال اجتماع مع السلطة المحلية في شبوة أمس (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال اجتماع مع السلطة المحلية في شبوة أمس (سبأ)
TT

جهد سعودي ـ إماراتي يحتوي أحداث الجنوب... ويعيد البوصلة لمواجهة الحوثي

رئيس الحكومة اليمنية خلال اجتماع مع السلطة المحلية في شبوة أمس (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال اجتماع مع السلطة المحلية في شبوة أمس (سبأ)

وضعت السعودية والإمارات حداً للأحداث الأخيرة التي شهدها الجنوب اليمني، عبر التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار تعهدت جميع الأطراف بالالتزام به، وأعادتا البوصلة لمواجهة الانقلاب الحوثي. كما شدد البلدان على سرعة الانخراط في «حوار جدة» الذي دعت إليه المملكة لمعالجة أسباب أحداث الجنوب اليمني. وأكدت حكومتا البلدين ضرورة الالتزام التام بالتعاون مع اللجنة المشتركة التي شكلتها قيادة تحالف دعم الشرعية لفض الاشتباك، وإعادة انتشار القوات في إطار المجهود العسكري لقوات التحالف.
ووجه الفريق محمد المقدشي، وزير الدفاع اليمني، جميع الوحدات العسكرية في محافظات عدن وأبين وشبوة، بوقف إطلاق النار استجابة لدعوة قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، فيما أصدر «المجلس الانتقالي الجنوبي» أمس بياناً أكد فيه التزامه بوقف إطلاق النار استجابة لدعوة التحالف بقيادة السعودية.
وأكد الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، أن «العلاقة الأخوية الراسخة بين المملكة والإمارات وقيادتيهما، والتعاون الوثيق بين البلدين في مختلف المجالات، هما حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة ورخائها، أمام مشاريع التطرف، والفوضى، والفتنة، والتقسيم». وقال الأمير خالد بن سلمان في تغريدات عبر حسابه على «تويتر» أمس: «نعمل سوياً مع أشقائنا في الإمارات، لتحقيق الأمن والاستقرار في عدن وشبوة وأبين، وسنستمر مع دول التحالف في توحيد الصف وجمع الكلمة لمواجهة التهديد الإرهابي سواء الحوثي المدعوم إيرانياً أو تنظيمي (القاعدة) و(داعش)، وتقديم الدعم للشعب اليمني حتى يسود الأمن والاستقرار كافة أرجاء اليمن». ولفت إلى أن «الحوار الداخلي، وليس الاقتتال، هو السبيل الوحيد لحل الاختلافات اليمنية الداخلية، وشتان بين من يختلف في سبيل مصلحة وطنه وطرق توفير الحياة الكريمة للمواطن اليمني، وبين من يقاتل اليمنيين أصل العرب تقرباً وتزلفاً لولاية الفقيه ومشروع النظام الإيراني الإرهابي في المنطقة».
من جانبه، شدد العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم قوات التحالف في اليمن، على أن القيادة المشتركة للتحالف تؤكد ضرورة التزام الأطراف كافة في محافظة شبوة باستمرار وقف إطلاق النار والمحافظة على التهدئة. وأوضح العقيد المالكي أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تتابع الموقف ميدانياً بمحافظة شبوة، وشكلت لجنة مشتركة سعودية ـ إماراتية بدأت في العمل يوم أمس (الاثنين) لمعالجة الأحداث وتثبيت وقف إطلاق النار في شبوة، وأبين، واستكمال الجهود والإجراءات كافة في محافظة عدن. ودعا المالكي الأطراف والمكونات كافة إلى «تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين باليمن وشعبه من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، والتنظيمات الإرهابية الأخرى، الذين أوقدوا نار الفتنة ويحاولون زرع ونشر الفوضى». وعبّرت السعودية والإمارات، عبر بيان مشترك لوزارتي الخارجية، عن قلقهما البالغ بسبب المجريات ومستجدات التطورات السياسية والعسكرية عقب الأحداث التي وقعت في العاصمة المؤقتة عدن في 7 أغسطس (آب) الحالي، وما تلا ذلك من أحداث امتدت إلى محافظتي أبين وشبوة. ورفض البلدان واستنكرا الاتهامات وحملات التشويه التي تستهدف الإمارات على خلفية تلك الأحداث، مذكرين «الجميع بالتضحيات التي قدمتها قوات التحالف على أرض اليمن بدافع من الروابط الأخوية وصلة الجوار والحفاظ على أمن المنطقة ورخاء شعوبها ومصيرهم المشترك»، كما أكد البلدان حرصهما وسعيهما الكامل «للمحافظة على الدولة اليمنية ومصالح الشعب اليمني وأمنه واستقراره واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه تحت قيادة الرئيس الشرعي لليمن، والتصدي لانقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والتنظيمات الإرهابية الأخرى». كما أكدا استمرار كل جهودهما السياسية والعسكرية والإغاثية والتنموية «بمشاركة دول التحالف التي نهضت لنصرة الشعب اليمني».
في السياق ذاته، أكد عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، أن العلاقة المتينة بين بلاده والإمارات تشكل ركيزة أساسية لمستقبل مشرق للمنطقة. وقال الجبير في تغريدات له على موقع «تويتر» إن «المملكة تقود جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ومواجهة مساعي النظام الإيراني والقوى المتطرفة لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، وتشكل العلاقة المتينة التي تجمع المملكة بالإمارات الشقيقة ركيزة أساسية لهذه الجهود لمستقبل مشرق للمنطقة». وتابع: «يعمل التحالف، بقيادة المملكة، وبجهود مقدرة من الأشقاء في الإمارات على تحقيق الأمن والاستقرار في عدن وشبوة وأبين، ولن نألو جهداً حتى يسود الاستقرار والأمن سائر أرجاء اليمن الشقيق»، موضحاً أن «السبيل الوحيد أمام الشعب اليمني هو تجاوز الاختلافات الداخلية عبر الحوار الذي دعت له المملكة، والعمل صفاً واحداً لتخليص اليمن من براثن النفوذ الإيراني الذي لا يريد خيراً باليمن وشعبه الكريم».
في غضون ذلك، أشاد الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمدلولات ومضامين البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية بدولة الإمارات، بشأن التطورات السياسية والعسكرية عقب الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة عدن العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية. ووصف الزياني البيان بأنه «تعبير واضح وصادق عن حرص البلدين الثابت على اليمن الشقيق أرضا وشعبا، وسعيهما الحثيث، ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، على نصرة الشعب اليمني والحفاظ على الدولة اليمنية وتأكيد سيادتها واستقرارها وأمنها، تأكيدا لعمق الوشائج التي تربط أبناء دول مجلس التعاون مع الشعب اليمني الشقيق».
وأعرب الأمين العام عن رفضه التام للتطاول على دولة الإمارات، مثمنا الدور الإيجابي الفاعل الذي تقوم به دولة الإمارات في اليمن، وما قدمته من تضحيات وبذلته من جهود سياسية وعسكرية وتنموية في سبيل الحفاظ على وحدة واستقلال وسلامة اليمن وشعبه، معربا عن أمله في أن يسود السلم والأمن والاستقرار في اليمن، وأن تتضافر جهود كافة قواه ومكوناته للتصدي للانقلاب الحوثي والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، وأن يتجاوب الجميع مع الدعوة المخلصة التي تقدمت بها السعودية لعقد حوار في جدة لمعالجة تداعيات تلك الأحداث المؤسفة التي لن يستفيد منها إلا أعداء اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.