تراجع أسعار «الليثيوم» نتيجة تأخّر ثورة السيارات الكهربائية

TT

تراجع أسعار «الليثيوم» نتيجة تأخّر ثورة السيارات الكهربائية

عاشت أسعار معدن «الليثيوم» مجدها في عام 2018، جراء تعاظم الرهان الدولي على ثورة غير مسبوقة في عالم العربات تمحورت حول استبدال السيارات الملوّثة للهواء، العاملة بالبنزين والديزل، بأخرى نظيفة وصديقة بالبيئة تعمل بالبطارية يمكن شحنها عبر محطات وقود خاصة منتشرة على الأوتوسترادات والطرقات الداخلية، أو بواسطة مقبس الكهرباء المنزلي. ولقد تزايد إنتاج هذه السيارات المتطوّرة لكنه اصطدم، فجأة، بنمو مخزونها المتراكم للآن في مستودعات الشركات المنتجة لها لتراجع الاستثمارات في الحملات التسويقية.
يقول الخبير الألماني دانيال فيشر من شركة «فولكسفاغن»، إن كبار المراهنين الدوليين على العربات الكهربائية فقدوا صبرهم بسبب تأخّر فقاعة أسواق هذا النوع من السيارات الواعدة، التي كان ينبغي عليها أن تشابه الانتعاش المدوي الذي شهدته أسواق السندات والأسهم عبر الإنترنت في مطلع القرن 21. ومع أن مستقبل العربات الكهربائية مضمون، إلا أن ازدهارها، من المنطلق المالي والصناعي، طال انتظاره، ولم يتحقق بعد على النحو التجاري - الربحي المطلوب.
ويضيف أن معدن «الليثيوم» الضروري لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، أي محرّكها الرئيسي، أضحى في الأعوام الأخيرة بين المعادن الأولية الأكثر شهرة حول العالم. وبين منتصف عام 2015 وأواخر عام 2018، ارتفعت أسعاره ثلاث مرّات لتواكب نمواً إنتاجياً لافتاً في عدد السيارات الكهربائية، حول العالم، رسا عند 5 ملايين سيارة نهاية عام 2018.
ويختم: «أُصيبت الشركات المُنتجة للعربات الكهربائية بموجة اضطرابات، تكمن جذورها في جو عدم اليقين المهيمن على كل القطاعات الإنتاجية العالمية والتباطؤ الاقتصادي الحاصل. وعلى صعيد ألمانيا فهي أوشكت على دخول مرحلة الكساد الاقتصادي. أما الدول النامية فتشهد معدلات نمو اقتصادي هزيلة.
وتحتضن الصين حالياً أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم. مع ذلك، نمت سوق سياراتها الكهربائية المحلية 90 في المائة في الربع الأول من عام 2019 مقارنة مع أكثر من 180 في المائة في عامي 2017 و2018».
في سياق متصل، تقول الدكتورة الألمانية ساندرا فون موللر، من معهد الأبحاث السوقية في جامعة «كولونيا»، إن الطلب العالمي الرئيسي على معدن «الليثيوم» بات، في مقامه الأول، معلّقاً بجميع تطبيقات الطاقة المتجددة، حيث تجد العربات الكهربائية مكاناً طليعياً لها داخلها. في تلك الأثناء، تقود أستراليا وتشيلي لائحة الدول المهيمنة على «الليثيوم»، من حيث القدرة الإنتاجية. وتتربع أستراليا على قائمة الدول المنتجة له. ومن المتوقع أن تغمر أستراليا الأسواق العالمية بكميات من «الليثيوم» تفوق حجمها الحالي بنحو 23 في المائة في الأعوام الخمسة المقبلة. وفي عام 2017 وحده افتتحت أستراليا 6 مناجم جديدة لإنتاج «الليثيوم». لكن، ومنذ منتصف عام 2018، تراجعت أسعار هذا المعدن الأولي 30 في المائة.
وتضيف هذه الخبيرة أن تراجع الأسعار ليس إلا إعادة هيكلة لسوق طاقوية مهمة تباطأت محرّكاتها منذ مطلع هذا العام. ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى استثمارات ضخمة أقرّتها شركات كبرى ومستثمرين دوليين بقيت حبراً على ورق لغاية اليوم.
وتختم: «ستعاني أسعار (الليثيوم)، في الفترة القصيرة المقبلة، من تقلّبات غير عنيفة. بيد أن الاستثمار في هذا المعدن الثمين مضمون على المدى الطويل بسبب أهميته. على الأرجح، ستعود أسعار (الليثيوم) إلى الارتفاع اعتباراً من الربع الأول من العام المقبل، علماً بأن تراجع أسعاره حالياً يعطي المنتجين فرصة لا تفوّت لحبك شبكات تجارية تنافسية دولية تخّولهم السيطرة على أسواق المستقبل، ما يعني أن عليهم الاستعداد لتوطيد قدراتهم الإنتاجية تمهيداً لتلبية الطلبات الشرائية، في الأعوام الخمسة المقبلة. فالتحدي الأبرز في أسواق (الليثيوم) يتركّز في مجاراة التطوّرات التكنولوجية التي تشمل تحديث البنى التحتية الإنتاجية من ماكينات وخطط هندسية، وإنتاج جيل جديد من البطاريات التي تدوم أكثر، والتي يمكن استعمالها، أيضاً، في إنتاج الطاقة الشمسية».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.