تستمرّ ردود الفعل الغاضبة على تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اتهم فيها أي شخص يهودي يصوّت لصالح الديمقراطيين «إمّا بالافتقار الكامل للمعرفة وإما بعدم الولاء».
كان ترمب قد هاجم في تصريحات في البيت الأبيض النائبتين الديمقراطيتين إلهان عمر ورشيدة طليب، اللتين رفضت إسرائيل السماح لهما بزيارتها بإلحاح من ترمب. وتساءل ترمب في تعليقاته: «أين ذهب الحزب الديمقراطي؟ أين ذهبوا في الدفاع عن هاتين المرأتين على حساب دولة إسرائيل. أعتقد أن أي شخص يهودي يصوّت لديمقراطي إما يفتقر للمعرفة تماماً وإما لا يتمتع بالولاء».
وفيما ثار غضب الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة من تصريحات ترمب، واعتُبرت أنها تغذّي الانقسام بين الأميركيين وتباعد بين الأديان، التزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت، رغم أن تصريحاته قد تشكل خطراً على الأقلية اليهودية من المؤمنين بنظرية تفوق العرق الأبيض الذين نفّذ عدداً منهم هجمات مروعة على اليهود في السنتين الأخيرتين.
وفي حين لم يشرح ترمب تصريحاته، فإن كثيرين عدّوها اتهاماً لهم بالولاء المزدوج وتذكيراً بمعاداة السامية، رغم تأكيده الدفاع عنهم، ومهاجمته المكثفة للنواب الديمقراطيين المعارضين لإسرائيل. وتختلف غالبية الديمقراطيين مع النائبتين طليب وعمر في موقفهما من إسرائيل، غير أن هجمات ترمب المتكررة عليهما حشد لهما الدعم في صفوف الحزب.
وقال لوغان بايروف مدير الاتصالات في جماعة «جيه ستريت»، وهي مجموعة ضغط يهودية أميركية ليبرالية، في بيان رسمي، إنه «من الخطر والعار أن يهاجم الرئيس ترمب الأغلبية الكبيرة من يهود أميركا ووصفها بالجهل وعدم الولاء». وأضاف البيان أنه «ليس مفاجئاً أن تنتقل هجمات الرئيس العنصرية المخادعة عن النساء التقدميات الملونات في الكونغرس الآن إلى تشويه يستهدف اليهود».
كما أعربت اللجنة الأميركية اليهودية عن غضبها الشديد من تصريحات ترمب. وقال رئيسها التنفيذي ديفيد هاريس، إن تعليقات الرئيس مثيرة للانقسام بشكل صادم ولا تليق بمن يشغل أعلى منصب منتخب في البلاد. وأضاف أن اليهود الأميركيين مثل كل الأميركيين، تتنوع آراؤهم وأولوياتهم السياسية، غير أن تقدير الرئيس لمدى معرفتهم أو ولائهم بناءً على أفضليتهم الحزبية غير ملائم أو مستحبّ، وخطير بكل ما تعنيه الكلمة.
كما أدان دبلوماسيون ومحللون تعليقات ترمب واتهموه بتهديد الدعم من الحزبين لإسرائيل في الولايات المتحدة، في حماسته لكسب التأييد من بعض الناخبين اليهود وتشديد تحالفه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مناهضة التشهير في تغريدة على «تويتر»: «من غير الواضح مَن الذين يتهمهم الرئيس من اليهود بأنهم غير موالين له، لكن منذ فترة طويلة تُستخدم تهم الخيانة لمهاجمة اليهود».
وقال النائب الديمقراطي اليهودي تيد ديوتش من ولاية فلوريدا، إن على الرئيس الاعتذار عن استخدام اللغة التي في نهاية المطاف ستؤدي إلى تأجيج غضب القوميين البيض. وأضاف أن ما يقوم به الرئيس هو خلق بيئة يمكن أن تزدهر فيها معاداة السامية.
في المقابل، دافع بعض حلفاء ترمب من اليهود عنه، وقالو إن كلامه كان تعبيراً عن شعوره بالإحباط والخلط الموجود عند اليهود الأميركيين، حيث يبدو أن الكثير من الديمقراطيين يتسامحون مع وجهات النظر المتطرفة ضد إسرائيل.
وقال مات بروكس، المدير التنفيذي للائتلاف اليهودي الجمهوري، إن آراء عمر وطليب بعيدة عن التيار الرئيسي لحزبهما والبلد ككل. وأضاف: «يوجد سرطان متنامٍ داخل الحزب الديمقراطي في الوقت الحالي من أشخاص يدعمون حركة مقاطعة إسرائيل، ويدافعون عن تحول في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بعيداً عن الرابطة القوية القائمة الآن بين هذه الإدارة والحكومة الإسرائيلية».
تعليقات ترمب كانت لها انعكاسات كبيرة، في الوقت الذي أظهر إحصاء لمركز «بيو» للأبحاث أن 79% من اليهود صوّتوا لصالح الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام الماضي. واعتُبرت تعليقاته متوافقة مع استراتيجيته المتمثلة في محاولة جعل النائبتين عمر وطليب مع النائبتين التقدميتين ألكسندرا كورتيز وإيانا بريسلي، وجوه الحزب الديمقراطي.
وانتقد ترمب، أول من أمس (الثلاثاء)، تصريحات النائبتين عمر وطليب لاقتراحهما قطع الولايات المتحدة المساعدات عن إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات عليها، حتى تُنهي احتلالها للضفة الغربية.
النائبة إلهان عمر أثارت احتمال قطع المساعدات عن إسرائيل، وأن الغرض الرئيسي من الزيارة التي كانت تعتزم القيام بها إليها مع النائبة رشيدة طليب هو الإشراف على مبلغ 3 مليارات دولار من التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.
لكنّ مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي صوّت بأغلبية ساحقة الشهر الماضي على إدانة حركة مقاطعة إسرائيل. وقال محللون إن اتهام اليهود بالولاء المزدوج ليس بالأمر الجديد، لكنه أصبح عنصراً سامّاً في الخطاب السياسي للمتشددين البيض، وترددت هذه اللغة في التصريحات والكتابات الأخيرة للأشخاص العازمين على العنف.
وأعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، الثلاثاء، أنه اعتقل أحد المتعاطفين مع النازية هدد بقتل امرأة من أصل إسباني وتفاخر بأن الرئيس ترمب سوف يمحو غير البيض في «حرب عنصرية وحملة صليبية».
كان شاب من ولاية تكساس قد نفّذ في بداية الشهر مجزرة مروعة في مدينة إل باسو الحدودية مع المكسيك، ونشر خطاباً ردد فيه لغة الرئيس التي تصف حركة المهاجرين الذين يعبرون الحدود الجنوبية الغربية بـ«الغزو»، وقال إن هجومه هو رد على الغزو الإسباني لتكساس.