«استنفار» صيني قرب حدود هونغ كونغ... وترمب يدعو إلى تسوية «إنسانية»

سفير الصين في لندن: لدينا الحلول الكافية لقمع الاضطرابات بسرعة

جانب من القوات الصينية التي تم حشدها على حدود هونغ كونغ (إ.ب.أ)
جانب من القوات الصينية التي تم حشدها على حدود هونغ كونغ (إ.ب.أ)
TT

«استنفار» صيني قرب حدود هونغ كونغ... وترمب يدعو إلى تسوية «إنسانية»

جانب من القوات الصينية التي تم حشدها على حدود هونغ كونغ (إ.ب.أ)
جانب من القوات الصينية التي تم حشدها على حدود هونغ كونغ (إ.ب.أ)

بينما شوهد أمس تجمع كبير لقوات حفظ النظام الصينية على بعد بضعة كيلومترات من هونغ كونغ، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب بكين إلى تسوية الأزمة فيها «بإنسانية» في مواجهة المظاهرات.
وبعد شهرين من المظاهرات المناهضة للسلطة التنفيذية الموالية لبكين في هونغ كونغ، تجمع أمس رجال يرتدون بزات عسكرية في ملعب رياضي في مدينة شينزين، الواقعة على تخوم منطقة هونغ كونغ التي تتمتع بحكم ذاتي.
وذكر مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه شاهد أمس أيضاً شاحنات وآليات مصفحة لنقل الجنود، ورجالا يرتدون بزات عسكرية، قد يبلغ عددهم آلافاً، وهم يمرون في صفوف ويتدربون على الجري، بينما يقوم آخرون بجولات على دراجات نارية داخل الملعب، الذي يبعد سبعة كيلومترات عن حدود هونغ كونغ.
ولم يعرف سبب وجود هذه القوات في الملعب، لكن بكين لوحت في الأيام الأخيرة باحتمال تدخل لإعادة النظام إلى المستعمرة البريطانية السابقة، بينما بثت وسائل إعلام حكومية تسجيلات فيديو لقوافل عسكرية تسير باتجاه شينزين.
وتخضع الشرطة العسكرية، التي يعتقد أن القوات تابعة لها، للجنة العسكرية المركزية التي يديرها الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وأمس، أكد ليو شياو مينغ، سفير الصين في لندن، أن بلاده لن «تقف مكتوفة الأيدي»، موضحاً أن لديها الإمكانات لإعادة الهدوء «بسرعة» إذا خرجت الأزمة في هونغ كونغ «عن السيطرة». وقال مينغ «إذا تدهور الوضع وتحول إلى اضطرابات، لا تقدر حكومة المنطقة الإدارية الخاصة السيطرة عليها، فإن الحكومة المركزية لن تقف مكتوفة الأيدي. لدينا حلول وقدرة كافيتان لقمع الاضطرابات بسرعة».
وفي مواجهة خطر التدخل هذا، مارس الرئيس الأميركي ضغوطاً على الصين عبر ربط ملفين ساخنين، أحدهما دبلوماسي يتمثل بالأزمة في هونغ كونغ، والآخر اقتصادي وهو المفاوضات التجارية بين البلدين.
وكتب ترمب في تغريدة محذراً «في الصين تزول ملايين الوظائف لتذهب إلى دول لا تخضع لرسوم جمركية وآلاف الشركات تغادر هذا البلد». وأضاف: «بالتأكيد، تريد الصين إبرام اتفاق (مع الولايات المتحدة)، لكن ليتصرفوا بإنسانية مع هونغ كونغ أولاً».
واقترح الرئيس الأميركي عقد لقاء ثنائي مع الزعيم الصيني شي جينبينغ لمناقشة الوضع في هونغ كونغ، والتوصل إلى حل إنساني للإضرابات، التي تجتاح مناطق واسعة من الإقليم، الذي يتمتع بالحكم الذاتي. وقال ترمب في تغريدة أمس «أنا أعرف جيداً الرئيس الصيني شي. إنه قائد عظيم يحظى باحترام شعبه... وليس لدي شك في أنه إذا أراد الرئيس شي حل مشكلة هونغ كونغ بسرعة وإنسانية، فيمكنه القيام بذلك».
وجاءت تصريحات ترمب متأخرة بشكل كبير في الاستجابة للاحتجاجات، التي تضرب الإقليم منذ 10 أسابيع، والتي تحولت في كثير من الأحيان إلى اشتباكات مع الشرطة. وجاءت أيضاً بعد أن واجه الرئيس موجة من الانتقادات من المشرعين الديمقراطيين في الكونغرس، بسبب سياسة الحياد التي اتبعها ترمب في التعامل مع احتجاجات هونغ كونغ، حيث اتهمت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، الرئيس بأنه يتغاضى عن ملف حقوق الإنسان في الصين، بسبب سعيه إلى تحقيق مكاسب تجارية على حساب حقوق الإنسان.
وقالت بيلوسي في تغريدة مساء أول من أمس: «إذا لم نتحدث عن حقوق الإنسان في الصين بسبب المصالح التجارية، فإننا نفقد كل سلطة معنوية للتحدث في مكان آخر». مشددة على أنه «من المثير للقلق أن نشاهد شرطة هونغ كونغ وهم يكثفون بدعم من بكين استخدام القوة ضد المتظاهرين، ويصفونهم بأنهم مجرمون عنيفون».
من جهته، رد السيناتور الديمقراطي كريس مورفي على تصريحات ترمب، التي دعت الأطراف في هونغ كونغ إلى التحلي بالهدوء، قائلاً: «هذه ليست سياسة خارجية... من الصعب المبالغة في مدى دعم الولايات المتحدة المجدي لعمل نشطاء حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارج. ومن الصعب أيضاً المبالغة في تقدير مدى الدمار الذي يحدث عندما يخاطرون جميعاً بالتحدث عن هذه القيم الأميركية، وأميركا صامتة».
بدوره، حذر الجمهوري ميتش مكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، الصين من محاولة التعدي على الاستقلال الذاتي، وحرية إقليم هونغ كونغ. وقال في بيان أول من أمس: «أي حملة عنيفة ستكون غير مقبولة على الإطلاق. العالم يراقب».
في سياق ذلك، أعلن السيناتور الجمهوري ميت رومني دعمه الصريح لشعب هونغ كونغ، وذلك في تناقض واضح لتصريحات ترمب، التي دعت الجانبين إلى الهدوء. وكتب رومني على «تويتر» أول من أمس: «الاحتجاجات في هونج كونج تكشف كذلك حملة الصين القاسية للقمع والرقابة وسجن الملايين. أنا أؤيد أهالي هونغ كونغ في سعيهم إلى الحرية والاستقلال الذاتي. ويجب على الحزب الشيوعي الصيني والجيش البقاء في بكين».
من ناحية أخرى، هددت بكين أمس بالانتقام إذا أمضت الولايات المتحدة في تهديدها، وفرضت رسوماً جمركية على المزيد من الواردات الصينية في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل. وقالت إنها ستطلق «تدابير مضادة ضرورية»، لكن دون الخوض في التفاصيل حول ما قد يترتب على ذلك، أو كيف يمكن أن يؤثر ذلك على محادثات التجارة المرتقبة الشهر المقبل في واشنطن.
وكانت إدارة ترمب قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الحالي أنها ستفرض رسوماً بنسبة 10 في المائة، على واردات صينية إضافية، بقيمة 300 مليار دولار. إلا أن الرئيس ترمب أعلن بعد ذلك أنه سيرجئ تطبيق هذه الرسوم حتى حلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات فضّل الرئيس ترمب البقاء على الحياد فيما يتعلق بالاحتجاجات في إقليم هونغ كونغ. ورداً على سؤال حول المخاوف من تهديد الصين بقمع المتظاهرين عن طريق نشر قوات عسكرية على الحدود، أكد ترمب أنه متفائل من أن جميع الأطراف ستصل إلى نتيجة مرضية بالقول: «آمل أن تنجح من أجل الحرية، وآمل أن تنجح من أجل الجميع، بما في ذلك الصين».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».