باحثون من «كاوست» يكشفون عن جينات عتيقة قد تهب المرجان حياة جديدة

إنتاج عدد أكبر من الطفرات يزيد من فرصة إحداث أخرى مفيدة

صورة للطحلب وحيد الخلية
صورة للطحلب وحيد الخلية
TT

باحثون من «كاوست» يكشفون عن جينات عتيقة قد تهب المرجان حياة جديدة

صورة للطحلب وحيد الخلية
صورة للطحلب وحيد الخلية

قد تتمكن الجينات القافزة من أن تجعل بعض أنواع الطحالب، والمرجان المضيف لها، أكثر قدرة على تحمُّل درجات حرارة البحر الآخذة في التزايد. والجينات القافزة هي تلك التي تتحرك إلى مواقع مختلفة داخل الجينوم الخلوي لخلية ما.
وقد كشف باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) عن جين معين يمكن أن يساعد أحد الطحالب التي تعيش تكافليّاً مع المرجان، في زيادة قدرته على تحمُّل ارتفاع درجات الحرارة، وهو الأمر الذي قد يساعد مرجان البحر الأحمر على التكيف مع بعض الاحترار.
طحلب Symbiodinium هو طحلب وحيد الخلية، يمد مضيفه المرجاني بنواتج عملية البناء الضوئي في مقابل الغذاء والمأوى. غير أن ارتفاع درجات حرارة مياه البحر يمكن أن يتسبب في انهيار تلك العلاقة التكافلية على نحوٍ يؤدي إلى طرد هذا الطحلب من أنسجة مضيفه، وهو حدث يُعرف باسم «ابيضاض المرجان». وإذا لم تتعافَ الشعاب المبيضة، فإنها تموت جوعاً، مخلفة وراءها هيكلها الخارجي الأبيض الطباشيري.
أخيرا تمكَّن باحثون من «كاوست» من التعرُّف على جينات خاصة - تسمى «الينقولات الراجعة» retrotransposons– يمكنها مساعدة الطحالب على التكيُّف بسرعة أكبر مع الإجهاد الحراري.
أجرى الباحثان الرئيسيان، وهما باحث ما بعد الدكتوراه، جيت إرن تشن، وطالب الدكتوراه، جيوكسين كوي وفريقهما، تحليلات لتحديد الجينات التي تنشط أو تتوقف عن العمل عند تعرُّض طحلب Symbiodinium للإجهاد الحراري. وكان الأمر المثير للدهشة أن أغلب الجينات المرتبطة عادة بالإجهاد الحراري توقفت عن العمل، في حين نشط عدد قليل من الينقولات الراجعة.
والينقولات الراجعة عبارة عن تسلسلات جينية صغيرة لديها القدرة على التكاثر ووضع نفسها في مواقع جديدة من جينوم مضيفها. ويوضح مانويل أراندا - عالم الوراثة والباحث الرئيسي في الدراسة - أن قدرة الينقولات الراجعة على نسخ نفسها ودمج النسخ الجديدة في جينوم المضيف تجعلها طفيليات جينية». ويضيف: «كل اندماج جديد ما هو في الحقيقة إلا طفرة جديدة في جينوم المضيف. وكثيراً جدّاً ما تؤدي تلك النسخ الجديدة إلى تعطيل جينات المضيف أو تمزيقها، إلا أنها تستطيع كذلك في بعض الأحيان تغيير سلوك بعض الجينات. إنها ضارة في أغلب الأحيان كما هو حال معظم الطفرات، لكن بعضها يمكنه إحداث آثار مفيدة».
ويشير أراندا وفريقه إلى أن تنشيط ونسخ الينقولات الراجعة لطحلب Symbiodinium استجابة للإجهاد الحراري قد يؤدي إلى استجابة تطورية أسرع، ويفسر ذلك قائلاً: «لأن إنتاج عدد أكبر من الطفرات يزيد من فرصة إحداث طفرة مفيدة تسمح لهذا الطحلب بالتكيف بصورة أفضل مع هذا النوع من الإجهاد».
يخطط الفريق بعد ذلك لدراسة جينومات المرجان لمعرفة ما إذا كانت تلك الجينومات تمتلك أيضاً ينقولات راجعة تنشط عند التعرض للإجهاد الحراري. وبحسب أراندا أنه إذا كان الأمر كذلك، فسيعني هذا أن المرجان قد يكون قادراً على التكيُّف جينيّاً بسرعة أكبر مما كنا نظن.
كذلك يخطط الفريق لدراسة إمكانية «سلب» الآلية الجزيئية للينقولات الراجعة من أجل هندسة جينومات أكثر قدرة على الصمود في كلٍّ من الطحلب ومضيفه المرجاني على حدٍّ سواء.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

علاج جيني لجفاف الفم

علاج جيني لجفاف الفم
TT

علاج جيني لجفاف الفم

علاج جيني لجفاف الفم

هل شعرت يوماً بالعطش الشديد حتى بات فمك كالصحراء؟ تخيل أن يكون هذا شعورك طوال الوقت.. هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من جفاف الفم.

مشكلة جفاف الفم

إن هذه المشكلة التي قد تبدو بسيطة في البداية، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على صحة الفم والجسم. ووفق الدراسات العلمية فإن 26 في المائة من الرجال و33 في المائة من النساء يعانون من جفاف الفم.

ومن أهم أسباب جفاف الفم هو عدم شرب الماء بكميات مناسبة، وتناول الأدوية، حيث إن 70 في المائة من أدوية القلب وارتفاع ضغط الدم والمهدئات ومضادات الكآبة والمسكنات ومضادات الحساسية. كما أن أغلب أدوية الأمراض المناعية لها آثار جانبية تسبب جفاف الفم.

وقد يكون جفاف الفم من أعراض بعض الأمراض مثل السكري والتهاب المفاصل الروماتويدي. كما أن التدخين والإكثار من شرب القهوة يمكن أن يؤدي إلى جفاف الفم. ولعل أكثر الأسباب شيوعاً لجفاف الفم هو القلق والتوتر النفسي.

دور اللعاب المهم

ويلعب اللعاب الذي تفرزه 3 أزواج من الغدد اللعابية دوراً مهماً في حماية الفم فهو حارس الفم الصامت. ومن أهم وظائفه:

-تنظيف الفم: يعمل اللعاب كمُنظّف طبيعي يزيل بقايا الطعام والبكتيريا.

-الهضم: يحتوي اللعاب على إنزيمات تساعد في بدء عملية الهضم.

-حماية الأسنان: يعادل اللعاب الأحماض التي تنتجها البكتيريا، مما يقلل من تسوس الأسنان.

-الترطيب: يحافظ على ترطيب الفم والأنسجة الفموية، ما يمنع الجفاف والتشقق. ويسهل عملية النطق وانسيابية مخارج الحروف.

-مكافحة العدوى: يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا والفطريات، مما يحمي الفم من العدوى.

دراسة دولية جديدة

وتمنح نتائج البحث الجديد لمستشفى جامعة يونيفرسيتي كوليدج- لندن UCLH أملاً جديداً لمرضى سرطان الفم والرأس، الذين يعانون من جفاف الفم. فمن المعروف أن العلاج الإشعاعي لمرضى سرطان الفم والرأس هو من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تلف الغدد اللعابية، حيث إن 90 في المائة من هؤلاء المرضى يعانون من جفاف شديد للفم بسبب التلف الدائم للغدد اللعابية، ما يجعلها غير قادرة على إنتاج كمية كافية من اللعاب. ويسبب هذا الأثر تدهوراً دائماً في القدرة على الكلام والأكل.

وشارك في الدراسة الدولية التي أطلق عليها AQUAx2 أيضاً، باحثون من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة. وهي تعد الأولى من نوعها في المملكة المتحدة. وتشمل مواقع عدة تابعة لـUCLH، بما في ذلك مستشفى RN ENT الملكي للأنف والأذن والحنجرة ومستشفى ايستمان لطب الأسنان Eastman Dental، بالإضافة إلى مركز ماكميلان للسرطان.

علاج جيني لجفاف الفم

وقال الباحثون الذين نشروا دراستهم في عدد ديسمبر (كانون الأول) 2024 في «المجلة الطبية البريطانية» إنهم طوّروا علاجاً مبتكراً لمرضى جفاف الفم الناجم عن الإشعاع.

ويأمل الباحثون أن يسهم العلاج الجيني المسمى AAV2-hAQP1 في تحسين حياة المرضى الذين نجوا من سرطان الفم والبلعوم ولكنهم يعانون من جفاف الفم المستمر (الذي يعرف xerostomia) نتيجة لتلف الغدد اللعابية بسبب الإشعاع.

ويهدف العلاج إلى زيادة كمية اللعاب وتخفيف أعراض جفاف الفم عن طريق نقل جين Aquaporin 1 (hAQP1) إلى الغدد اللعابية المتضررة من الإشعاع المضاد للسرطان.

بروتين يعمل كـ«قناة ماء»

تستخدم الدراسة ناقلاً فيروسياً (فيروساً معدلاً) لنقل جين مصمم لإنتاج بروتين معين يسمى Aquaporin، الذي يعمل كـ«قناة ماء» لتسهيل نقل الماء. وتصبح خلايا الغدة اللعابية المتبقية أكثر نفاذية للماء، ما يسمح بتدفق الماء إلى الفم لترطيبه. ويتم إعطاء العلاج مرة واحدة فقط.

وبسبب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الفم والرأس في السنوات الأخيرة فإن العلماء يتوقعون زيادة عدد المرضى الذين يعانون من جفاف الفم الناجم عن الإشعاع في السنوات المقبلة.

وتتسم العلاجات الحالية لجفاف الفم الناجم عن الإشعاع بفاعلية محدودة وتسبب آثاراً جانبية وتعتمد على وجود نسيج غدة لعابية وظيفية متبقٍّ. ولم يتم تقديم أي علاج جديد لهذه المجموعة من المرضى على مدار العشرين عاماً الماضية.

سرطانات الرأس والعنق

وتعد سرطانات الرأس والعنق سادس أكثر أنواع السرطان شيوعاً على مستوى العالم والثامنة في المملكة المتحدة. وارتفعت معدلات الإصابة في إنجلترا بشكل كبير، بزيادة قدرها 47 في المائة منذ عام 2013. وتظهر البيانات الحالية تفاوتات صارخة في جميع أنحاء البلاد، حيث يعيش الأشخاص في المناطق الأكثر حرماناً تقريباً ضعف معدل الإصابة بسرطان الرأس والعنق ومن المرجح أن يتم تشخيصهم في مرحلة متأخرة مقارنة بأولئك الذين يعيشون في المناطق الأقل حرماناً.

ويعتقد العلماء أن هذه الدراسة ستنعش مستوى الحياة والرفاهية لآلاف مرضى سرطان الفم والرأس بعد أن يتم إنقاذهم من مشكلة جفاف الفم.