تُعدّ متلازمة رائحة الفم الكريهة اللانموذجية، المعروفة أيضاً بـ«رُهاب رائحة الفم الكريهة»، حالة نفسية تؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد. وفي هذه الحالة، يعتقد الشخص المصاب بأن لديه رائحة فم كريهة مستمرة ومزعجة، على الرغم من عدم وجود أي دليل طبي أو تأثير حقيقي لهذه الرائحة. وتذكر كتب التاريخ أن اضطرابات قلق الحكم قد تُسبب هذه الحالة، مثل تلك التي عانى منها الإسكندر المقدوني، والخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وستالين.
الأعراض والأسباب
• الأعراض والتأثيرات النفسية. الأفراد الذين يعانون من رهاب رائحة الفم الكريهة غالباً ما يتصورون أن رائحتهم تُسبب إزعاجاً لمن حولهم، ما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والقلق المتزايد. وتشمل الأعراض:
- الاهتمام الزائد بصحة الفم: إذ قد يمضي الشخص ساعات في تنظيف الأسنان، ومضغ العلكة وغسول الفم.
- العزلة الاجتماعية: يتجنّب المصاب التفاعلات الاجتماعية خوفاً من الإحراج أو الانتقاد.
- التوتر والقلق: تتسبب الحالة في توتر نفسي مستمر، وشعور بعدم الراحة. وحسب بحث نشره الكاتب في مجلة «Dental Update» عام 2012، فإن 90 في المائة ممن يعانون من هذه المتلازمة يعانون كذلك من أعراض اضطرابات القلق المزمن، كالشقيقة والقولون العصبي وألم الرقبة والظهر والإكزيما أو الذئبة الحمراء.
• الأسباب المحتملة. لا يوجد سبب واضح لمتلازمة رائحة الفم الكريهة اللانموذجية، ولكن هناك عدة عوامل قد تُسهم في تطورها:
- اضطرابات القلق: الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق أو الوسواس القهري قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.
- تجارب سابقة: تجربة سلبية مع رائحة الفم الكريهة في الماضي قد تترك تأثيراً طويل الأمد على الشخص، خصوصاً عند الطفولة إذا ما عانى الطفل من التهاب اللوزتين أو أي التهاب في الفم يؤدي إلى رائحة فم كريهة، وكذلك إذا ما تنمّر عليه الأطفال ووصفوه بصاحب فم متعفن فإن الآثار النفسية لدى الطفل تبقى معه إذا كان لديه الاستعداد الجيني لذلك.
- تغيُّرات كيميائية في الدماغ: قد تكون هناك تغيُّرات كيميائية في الدماغ تؤثر على حاسة الشم والتذوق، ما يؤدي إلى الإدراك الخاطئ للرائحة. وعادة فإن الكآبة واضطرابات القلق المزمن غير المعالج قد يؤديان إلى مثل هذه التغيرات الكيميائية.
التشخيص والعلاج
• التشخيص، يمكن أن يكون تحدياً؛ نظراً لطبيعة متلازمة رائحة الفم الكريهة اللانموذجية، النفسية. ومع ذلك، يمكن للأطباء والمختصين تحديد الحالة من خلال:
- التقييم النفسي: من خلال مقابلات واستبيانات لقياس مستويات القلق والوسواس.
- الفحص الطبي: للتأكد من عدم وجود أي مشاكل صحية فعلية تُسبب رائحة الفم الكريهة.
- جهاز الهالوميتر: وهو جهاز يقيس المركبات الكبريتية الطيارة الموجودة في نَفَس المريض، والمسؤولة عن رائحة الفم الكريهة لتطمين حامل هذه الحالة بعدم وجود رائحة فم كريهة، لكن لا بد أن يصاحب ذلك العلاج النفسي.
• العلاج. وتشمل العلاجات الممكنة:
- العلاج النفسي: العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يساعد الأفراد على تغيير أفكارهم وسلوكياتهم السلبية المتعلقة برائحة الفم.
- الأدوية: مضادات الاكتئاب والقلق قد تكون مفيدة في تخفيف الأعراض.
- التوعية الصحية: تقديم معلومات صحيحة حول صحة الفم، وإزالة المخاوف غير المستندة إلى الواقع.
وتعد متلازمة رائحة الفم الكريهة اللانموذجية من الحالات النفسية التي تتطلب فهماً عميقاً ودعماً نفسياً. ويمكن للتوعية الصحية والعلاج النفسي أن يساعدا الأفراد في التغلب على هذه الحالة، وتحسين جودة حياتهم. ولا يقل الاهتمام بالصحة النفسية أهمية عن الصحة الجسدية، فكلاهما يسهم في تحقيق رفاهية شاملة للفرد.