تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.


مقالات ذات صلة

نتنياهو غير معني بكسر القوالب مع «حماس»

شؤون إقليمية ناشطون يفترشون الطريق تحت المطر في القدس مطالبين بإطلاق الرهائن الإسرائيليين (أ.ب) play-circle

نتنياهو غير معني بكسر القوالب مع «حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخشى من أن يفسر الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفه على أنه خائف.

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

ترمب بحث هاتفياً مع بوتين وزيلينسكي إنهاء الحرب

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، إنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح اليوم، بشأن بدء المفاوضات على الفور لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية العميد مجيد خادمي رئيس منظمة حماية في جهاز استخبارات «الحرس الثوري» (أرشيفية - إيسنا)

«الحرس الثوري» يتوعد باستهداف المصالح الأميركية

هدد قيادي في «الحرس الثوري» بالرد على أي تهديد أميركي للمصالح الوطنية الإيرانية، محذراً من أن طهران ستستهدف مصالح واشنطن حول العالم إذا تعرضت مصالحها للخطر.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ لافتات تطالب بالحفاظ على عمل الموظفين خلال احتجاج على قرارات الرئيس دونالد ترمب و«دائرة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

ترمب يمنح ماسك قوة ضاربة لاستكمال تطهير واشنطن

منح الرئيس الأميركي دونالد ترمب قوة ضاربة لاستكمال عملية تطهير واشنطن التي تنفذها «دائرة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك عبر الوكالات الفيدرالية.

علي بردى (واشنطن)
خاص الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وملك الأردن عبد الله الثاني خلال اجتماع بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن (أ.ف.ب) play-circle

خاص سياسيون أردنيون عن قمة ترمب - عبد الله الثاني: «انتهت بأقل الخسائر»

مثلما كانت قبل حدوثها محلاً للترقب أصبحت القمة الأميركية - الأردنية بعد انعقادها موضعاً لقراءات متباينة وتوضيحات عدة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

مخزونات النفط الأميركية ترتفع بأكبر من التوقعات

صهاريج تخزين النفط الخام والبنزين والديزل في محطة كيندر مورغان في لوس أنجليس (رويترز)
صهاريج تخزين النفط الخام والبنزين والديزل في محطة كيندر مورغان في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مخزونات النفط الأميركية ترتفع بأكبر من التوقعات

صهاريج تخزين النفط الخام والبنزين والديزل في محطة كيندر مورغان في لوس أنجليس (رويترز)
صهاريج تخزين النفط الخام والبنزين والديزل في محطة كيندر مورغان في لوس أنجليس (رويترز)

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، اليوم الأربعاء، إن مخزونات النفط الخام والمقطرات في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات البنزين، الأسبوع الماضي.

وأضافت الإدارة أن مخزونات الخام ارتفعت 4.1 مليون برميل إلى 427.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في السابع من فبراير (شباط)، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز» لزيادة قدرها ثلاثة ملايين برميل.

وأوضحت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كوشينغ بولاية أوكلاهوما ارتفعت 872 ألف برميل، الأسبوع الماضي.

وعوضت العقود الآجلة للخام الأميركي والعالمي بعض الخسائر التي تكبدتها في وقت سابق عقب صدور التقرير. وجرى تداول العقود الآجلة لخام برنت عند 75.97 دولار للبرميل، بانخفاض 1.32 دولار في الساعة 10:41 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1541 بتوقيت غرينتش)، في حين جرى تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي عند 72.26 دولار للبرميل، بانخفاض 1.06 دولار في الوقت نفسه.

وقالت الإدارة إن استهلاك الخام في المصافي ارتفع بمقدار 82 ألف برميل يومياً، بينما ارتفعت معدلات التشغيل بمقدار 0.5 نقطة مئوية في الأسبوع إلى 85 في المائة.

وانخفضت مخزونات البنزين في الولايات المتحدة بمقدار 3 ملايين برميل في الأسبوع إلى 248.1 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز» لزيادة قدرها 1.4 مليون برميل.

وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، ارتفعت بمقدار 135 ألف برميل في الأسبوع إلى 118.6 مليون برميل، مقابل توقعات بانخفاض قدره 1.5 مليون برميل. وانخفض صافي واردات الخام الأميركية، الأسبوع الماضي، بمقدار 184 ألف برميل يومياً.