«المرشح المثالي» لهيفاء المنصور يطرق باب الجوائز

السينما السعودية لأول مرّة في المسابقة الرسمية لمهرجان عالمي

هيفاء المنصور
هيفاء المنصور
TT

«المرشح المثالي» لهيفاء المنصور يطرق باب الجوائز

هيفاء المنصور
هيفاء المنصور

يرابط فيلم هيفاء المنصور الثالث «المرشح المثالي» (The Perfect Candidate)‬ على أبواب مسابقة «مهرجان فنيسيا السينمائي» المقبل في سابقة بالغة الأهمية لا بالنسبة لمخرجته فقط، بل للسينما السعودية.
ويجيء إعلان تواجد فيلم هيفاء المنصور في مسابقة الدورة السادسة والسبعين، التي ستنطلق في الثامن والعشرين من الشهر المقبل، ضمن إعلان المهرجان عن مجمل الأعمال المشتركة في مختلف أقسامه، وهي أفلام المسابقة الأولى، ومسابقة «آفاق»، ومجموعة من المظاهرات التي تحتوي على أفلام روائية وغير روائية تُعرض خارج المسابقة، كما على قسم بعنوان «عروض خاصة». مجموع الأفلام المعروضة في هذه الأقسام 64 فيلماً تتوزع على النحو التالي:
> المسابقة الرسمية: 21 فيلماً
> مسابقة «آفاق»: 19 فيلماً
> خارج المسابقة (الأفلام الروائية): 7
> خارج المسابقة (الأفلام غير الروائية): 10
> أفلام العروض الخاصة: 7
هذا بالإضافة إلى 18 فيلماً تعرض في القسم الموازي الذي تشرف عليه جمعية نقاد السينما في إيطالياً باسم «أيام فنيسيا»، الذي يضمّ هذا العام 18 فيلماً، من بينها 12 فيلماً في المسابقة.
- لأول مرّة
وجاء الإعلان عن أفلام فنيسيا يوم أول من أمس (الخميس) مناسبةً للاحتفاء بحد ذاتها، فالأسماء المتداولة في أي من هذه الأقسام تثبت أن «مهرجان فنيسيا» هو في المقدّمة بين كل مهرجانات العالم بالنسبة لحسن الاختيار وقوّة العروض وأهمية الأسماء التي تشترك بها.
عملياً، لا يمكن أن تجتمع أسماء لامعة من دون أن تنهض بأي مناسبة تجتمع خلالها، وما لدينا هنا بعض أهم المخرجين العالميين المعروفين بنتاجاتهم حتى بصرف النظر عما ستأتي بها أعمالهم.
يفتتح المخرج كوري - إيدا هيروكازو المسابقة بفيلمه الجديد «الحقيقة»، وتنطلق بعده أفلام روي أندرسون وأتوم إيغويان وجيمس غراي وبابلو لاران ورومان بولانسكي وستيفن سودربيرغ وكوستا - غافراس وأوليفييه أوساياس.
وفي وسط هؤلاء أسماء لمعت في السنوات الأخيرة، من بينها هيفاء المنصور، المخرجة السعودية التي نقلت السينما المصنوعة باسم المملكة إلى العالم. ليس أنها أول من فعل ذلك (قبلها عبد الله المحيسن ولو في حدود مهرجانات أصغر حجماً) بل لها الفضل في أنها اقتحمت مجال المهرجانات السينمائية الأولى بدءاً بـ«مهرجان فنيسيا السينمائي» ذاته، عندما قدّمت فيلمها الأول «وجدة» في مسابقة «آفاق» سنة 2012.
على ذلك، هذه هي المرّة الأولى التي تدخل فيها المخرجة السعودية المسابقة الرسمية في مهرجان بحجم فنيسيا (الآخران هما «برلين» و«كان»). والأهم من هذا الفوز الفردي هو فوز السينما السعودية ذاتها، فهذه هي المرّة الأولى التي يقتحم فيها فيلم سعودي روائي طويل مسابقة أولى في مهرجان من وزن وأهمية «مهرجان فنيسيا».
سنتطلع هنا إلى فيلم يعيد هيفاء المنصور إلى طرح القضايا الاجتماعية التي بدأتها في فيلم «وجدة». ذلك الفيلم دار حول أحلام فتاة صبية بركوب الدراجة الهوائية والموانع الآتية من عمق التقاليد التي تمنعها من ذلك على خلفية وضع عائلي شائك.
فيلمها الثاني، «ماري شيلي»، تناول المرأة كذلك، لكن بعيداً عن الوطن. فيلمها كان يدور حول سنوات شباب الروائية البريطانية الشهيرة (كما قامت بها الأميركية إيل فانينغ). أما هذه المرّة الثالثة لها فهي بمثابة العودة إلى الأصول. بطلتها هذه المرّة طبيبة تأمل في الوصول إلى منصب إداري عبر الانتخابات وسط مرشحين رجال. «المرشح المثالي» هو أحد فيلمين من إخراج نساء في المسابقة. الثاني هو «بايبي تيث» (Babyteeth) للأسترالية شانون مورفي (فيلمها الأول).
رئيس المهرجان، ألبرتو باربيرا لديه ردّ واضح وجاهز بالنسبة للذين قد ينتقدون قلة عدد المخرجات في مسابقته. يقول هاتفياً: «عندما أجلس لأشاهد فيلماً ما لا أكترث لقراءة مَن اشتغل عليه. لا يهمني إذا كان المخرج رجلاً أو امرأة. يهمني العمل نفسه إذا كان جيداً أو لا. هذا دوري الوحيد».
لكن النقد لا يتوقف في كل الأحوال. وحول المقارنة بين قيام «كان» قبل أشهر قليلة بعرض أربعة أفلام من إخراج نساء مقابل فيلمين فقط في «مسابقة فنيسيا». يضيف: «المساواة ليست شأناً من شؤون المهرجانات. على التغيير أن يبدأ من الأساس وليس من آخر الحلقات، والمهرجانات هي آخر الحلقات».
- الخوف من اللوم
هذا هو المبدأ ذاته الذي يتغاضى عنه آخرون كثيرون يهتمون فقط بملاحظة إذا ما كان هناك عدد متساوٍ من هذا الجنس أو ذاك. أمر يناقض المبدأ الفعلي، وهو التقييم حسب الجودة لا حسب البلد أو الجنس أو لون البشرة مثلاً. وعلى ذكر لون البشرة، ها هو المهرجان يخلو من مخرج أفريقي أو أفرو - أميركي لكن أحداً لا يحتجّ!
هذا الخوف من اللوم الإعلامي يدفع «برلين» و«كان» وسواهما من المهرجانات الأصغر قليلاً إلى البحث عن أفلام من إخراج إناث كأساس. ولا يبتعد «أيام فنيسيا»، ذلك القسم القائم بذاته، الذي يطلق دورته السادسة عشر هذا العام، عن هذا التصنيف، فنرى نصف أفلامه المتسابقة (أي ستة أفلام من أصل دزينة) من إخراج نساء.
بعيداً عن هذا الشأن المتكرر إزاء كل دورة من دورات مهرجان الليدو (الجزيرة التي يقع فوقها المهرجان) هناك كثير مما لا بد من العودة إليه مع اقتراب المهرجان أو بداية أيامه. من بينها الاشتراك الأميركي الذي هو أقل عدداً مما كان عليه في العام الماضي، لكنه ليس محجوباً بل غزير الحضور. ومن بينها عدم انضمام فيلم مارتن سكورسيزي «الآيرلندي» ولا فيلم وودي ألن الجديد «يوم ممطر في نيويورك» إلى المهرجان، كما كان متوقعاً.
كذلك هناك قضية رومان بولانسكي المتوقع وصوله إلى المهرجان الإيطالي مصحوباً بفيلمه الجديد «ضابط وجاسوس». بعد فضيحة علاقته مع قاصر أميركية سنة 1977، واستمرار الحكم الأميركي عليه القاضي باحتجازه في أي بلد تربطه بالولايات المتحدة اتفاقات أمنية يمكن بموجبها تسليم متهم ما إلى السلطات الأميركية فور اعتقاله في البلد الآخر، هناك بلاغات أخرى برزت في السنوات القليلة الماضية من نساء شكون من أن المخرج المعروف تعرّض لهنّ بالأذى جنسياً خلال الفترة ذاتها.
بولانسكي منهك من تبعات تلك الأحداث، ويعايشها طوال الوقت، مدركاً أن فرنسا وسويسرا هما من البلدان الأوروبية القليلة التي ما زال يستطيع التحرك.
بالعودة إلى الأفلام ذاتها، سنجد فيلماً عربياً واحداً آخر غير فيلم هيفاء المنصور لكنه خارج المسابقة الأولى. إنه فيلم تونسي بعنوان «الابن» لمهدي برصاوي الذي يشترك في نطاق مسابقة «آفاق». وفي قسم «أيام فنيسيا» هناك فيلم تونسي آخر عنوانه «أراب بلوز» وُصف بأنه كوميديا تزيل التجهُّم الذي يسود معظم الأفلام المشتركة. الفيلم من إخراج منال لبيدي.
وفي نطاق هذه المظاهرة نفسها نجد إنتاجاً سودانياً - مصرياً مشتركاً من المخرج أمجد أبو علالة عنوان «ستموت في سن العشرين» قد يحمل بدوره بعض الضحكات التي تغسل القلوب.


مقالات ذات صلة

234.4 مليون دولار لدعم السينما السعودية

234.4 مليون دولار لدعم السينما السعودية

234.4 مليون دولار لدعم السينما السعودية

أطلق الصندوق الثقافي السعودي برنامجاً واعداً بقيمة 234.4 مليون دولار لتمويل قطاع الأفلام في المملكة، ودعم صناعة السينما، وتقديم حلول تمويلية تسهل عمل شركات الأفلام المحلية والأجنبية ورواد الأعمال الإبداعية، وتحفيز نمو قطاع الأفلام بشكلٍ مستدام، وتحويل المملكة مركزاً رئيسياً لصناعة الأفلام. وقال محمد عبد الرحمن بن دايل، الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي، إنَّ البرنامج يقوم على تفعيل مسارين تمويليين، وهما «الإقراض» و«الاستثمار»؛ إذ جرى إطلاق مسار الإقراض خلال الفعالية، وتوقيع عددٍ من الاتفاقيات مع مؤسسات مالية شريكة للصندوق الثقافي لتوفير حزم تمويلية تدعم إنشاء وتوسع المشروعات في قطاع الأفلام السع

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق «سكة سفر»... «كوميديا الموقف» تتفاعل عبر مغامرات جديدة للأبطال

«سكة سفر»... «كوميديا الموقف» تتفاعل عبر مغامرات جديدة للأبطال

يعود المسلسل السعودي «سكة سفر»، في جزء ثانٍ على شاشة قنوات «إم بي سي» خلال شهر رمضان المقبل، بعد أن حقق موسمه الأول تفاعلاً كبيراً العام الماضي بعد عرضه في السباق الرمضاني لعام 2022.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق «أربعون عاماً وليلة» يفتتح «ليالي السينما السعودية»

«أربعون عاماً وليلة» يفتتح «ليالي السينما السعودية»

انطلقت في مدينة جدة الساحلية، أمس (الأربعاء) فعاليات «عروض ليالي السينما السعودية»، التي ينظمها «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، وسيتم خلاله تقديم العروض الأولية لأفلام روائية طويلة، إضافة إلى برنامج لأفلام قصيرة، جميعها لمخرجين سعوديين. الفعاليات التي تمتد على يومين، بدأت أول عروضها بالفيلم السعودي «أربعون عاماً وليلة»، الذي تدور أحداثه في قالب دراما عائلية، حول حادث سيارة يكشف أسراراً دفينة، وهو من إخراج محمد الهليّل. وكان «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، قد أعلن في أغسطس (آب) الماضي، عن جائزتي إنتاج صندوق «تمهيد»، بقيمة نصف مليون دولار لكل فيلم، وكان المشروعان الفائزان من نصيب «شمس ا

عائشة جعفري (جدة)
يوميات الشرق «الميراث» السعودي يحصد جائزة «أفضل إنتاج تلفزيوني لعام 2020»

«الميراث» السعودي يحصد جائزة «أفضل إنتاج تلفزيوني لعام 2020»

فاز المسلسل السعودي «الميراث»، أول إنتاج درامي عربي طويل الحلقات (سوب أوبرا)، بجائزة «أفضل إنتاج تلفزيوني لعام 2020» (Best Tv Production of the Year) على مستوى الشرق الأوسط، وذلك خلال حفل توزيع جوائز ASBU BroadcastPro Summit and Awards 2020 الذي أقيم في دبي. وتعرض حالياً منصة «شاهد VIP» وقناة MBC1 الحلقات الأخيرة من الموسم الأول الذي من المفترض أن يمتد على مدى نحو 250 حلقة متواصلة، على أن يبدأ عرض الموسم الثاني فور انتهاء حلقات الموسم الأول. يأتي «الميراث» تتويجاً للشراكة الاستراتيجية بين كل من «MBC Studios» وtwofour54 و«إيمج نيشن أبوظبي»، ويتناول واقع الحياة في المملكة العربية السعودية بأبعاد

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أولى 6 أفلام سعودية على «نتفليكس»

6 أفلام سعودية على «نتفليكس»

أعلنت شركة «نتفليكس» الرائدة عالمياً في مجال البث الترفيهي، حصولها على الحقوق الحصرية لعرض ستة أفلام قصيرة سعودية تحت اسم «ستة شبابيك في الصحراء» الشهر الحالي. وتهدف الأفلام الستة الحائزة جوائز عالمية وأعدتها مواهب سعودية، إلى تسليط الضوء على مواضيع اجتماعية مثيرة؛ كما تفتح فرصة للجماهير العالمية للتعرف على أهم أعمال صناع العمل السينمائي السعودي. وقالت نهى الطيب، رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى بـ«نتفليكس»: «نؤمن أن القصص الرائعة يمكن أن تأتي من أي مكان وتثير إعجاب المشاهدين أينما كانوا، مع وجود عدد كبير من المواهب وصناع المحتوى حول العالم». بدوره، قال علاء فادن، المدير التنفيذي من استوديوهات

عائشة جعفري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».