في حالة نادرة في عالم المهرجانات المسرحية، بدأ بموسكو، أول من أمس، عرض مسرحية الباليه الفردي «Xenos»، من أداء وتصميم المسرحي البريطاني أكرم خان، وهو واحد من أبرز مصممي الرقصات المعاصرين. وعلى الرغم من أنّ العرض مدرج على قائمة عروض مهرجان موسكو المسرحي «تيريتوريا»، الذي يفترض أن تبدأ فعالياته في خريف العام الحالي، قرّر المنظّمون أن يقدّم أكرم عرضه في وقت مبكر، تقديراً لانشغاله خلال أيام المهرجان، آخذين بالحسبان في الوقت ذاته أنّ هذا سيكون العرض الأخير له الذي يطلّ فيه من على خشبة المسرح، ذلك أنّه أعلن مؤخراً قراره اعتزال الأداء (الرقص) والتفرغ لتصميم الرقصات فقط. وقدم أوّل من أمس العرض الأول، الذي أبهر الحضور وأثار إعجاب النّقاد وعشاق هذا النّوع من العروض المسرحية، وعاد أمس، وأطل في العرض الثاني والأخير من مسرحية الباليه الفردي من على خشبة «مسرح موسكو الأكاديمي»، المعروف باسم «مسرح ستانيسلافسكي ودنيميروفيتش داشنكو».
ويُعرف عن أكرم خان أنّه فنان مسرحي بريطاني، ولد في لندن عام 1974 في أسرة مهاجرين من بنغلاديش. برز اهتمامه بالرّقص في سن مبكرة، وفي السابعة من عمره بدأ يدرس «رقص الكاثاك»، وهو واحد من ثمانية أشكال رئيسية للرّقص الهندي الكلاسيكي. وأطلّ من على خشبة المسرح لأول مرة، حين أدى دور «ماوكلي» من إعداد مسرح أكاديمية لندن للرّقص الهندي. وعندما بلغ الثالثة عشرة من عمره شارك في عرض مسرحي راقص خلال مهرجان دُولي، وكان العرض حينها من إخراج البريطاني بيتير بوركا. ومنذ ذلك الحين بدأ يلمع نجم أكرم خان في عالم الرقص المسرحي. وحقّق طيلة السنوات الماضية إنجازات كبيرة في هذا المجال، إلى أن أسّس فرقة مسرحية قدّمت عشرات العروض الفنية في أكثر من مدينة وخلال أكثر من مهرجان دولي. وشاركت الفرقة عام 2012 في عروض حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في لندن. ويحمل أكرم خان منذ عام 2005 لقب فارس وسام الإمبراطورية البريطانية.
وفي السنوات الأخيرة أخذ خان يشارك بشكل دوري في المهرجانات المسرحية في موسكو. لذلك فإنّ عرضه المسرحي الحالي ليس سوى إضافة إلى مشاركات سابقة تعرّف خلالها عشاق الفن في روسيا على أداء هذا الرّاقص العالمي، وأصبح لديه عدد كبير من المعجبين في أوساط المشاهدين والنّقاد على حد سواء، هذا بالطبع فضلاً عن الاحترام الكبير في الوسط الفني المسرحي الروسي. لذلك تقرّر أن تُعرض مسرحيته خارج التوقيت الزّمني للمهرجان، ولكن ضمن قائمة عروضه، ورأى المنظمون أنّ مسرحية «Xenos» ستكون بمثابة «مقدمة» للمهرجان.
وأخذ خان اسم المسرحية من اليونانية، وهي تعني «أجنبي» أو «غريب»، ويروي العرض مشاركة الجنود الهنود في الحرب العالمية الأولى تحت علم بريطانيا العظمى ودفاعاً عنها، وإنجازاتهم خلال تلك الحرب التي جرى تجاهلها. في حديثه عن مسرحيته، يقول خان: «لقد ظلّت قصصهم مغيبة وصامتة لفترة طويلة، وجرى تجاهلها (...) أعتقد أنّنا نعيش في وقت تُشوّه فيه الحقائق، وتتغير. أعتقد أنّه ينبغي إخبار الناس بالحقيقة، ولا بدّ من أن تصدح الأصوات التي كانت مجبرة على الصّمت». على خشبة مسرح صُممت بأسلوب يتناسب مع روح الرّقص الهندي، يقف خان وحيداً في الباليه المنفرد، ويحاول عبر حركاته وإيماءات مع إيقاع الموسيقى أن ينقل رسائل عميقة، يبدو وكأنّه يوضح أنّ هذا الجسد اللين الذي يتراقص فرحاً ممكن أن يتحوّل بسهولة إلى أداة لحرب مروعة. ويقول نقاد إنّ الشّخصية التي يؤديها خان تكرّر إلى حد ما مصير «بروميثيوس». ويطرح العرض الراقص سؤالاً: «لكن لماذا هذه التضحية، وهل يستحق الأمر كل هذا العناء؟». ويشارك معه في هذا العرض المسرحي الرّاقص موسيقيون موهوبون يساعدونه في نقل فكرة المسرحية ومعانيها العميقة.
وأكد خان من موسكو أنّ هذه ستكون إطلالته الأخيرة على خشبة المسرح بصفة راقص، لكنّه سيبقى في عالم الرقص، وسيتفرغ بشكل أكبر لتصميم الرّقصات وإعداد مسرحيات جديدة. وعبّر عن سعادته لزيارته روسيا مجدداً، قائلاً إنّ هذا مرتبط بالدرجة الأولى بالجّانب الثّقافي، حيث «الفن والمسرح جزء مهم من الحياة اليومية للناس هنا». لذلك ينتظر عشاق المسرح في روسيا عودة أكرم خان مجدداً، وإن كان في عرض مسرحي لا يشارك في أدائه، وإنّما من تصميمه وإخراجه.
البريطاني أكرم خان يفتتح بـ«رقصته الأخيرة» مهرجان موسكو المسرحي
البريطاني أكرم خان يفتتح بـ«رقصته الأخيرة» مهرجان موسكو المسرحي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة