عمليات الخطف ترفع حدة «التجاذبات» بين مواطني شرق ليبيا وغربها

«قوة الردع» تكشف عن مصير مسؤول كبير غُيّب في طرابلس قبل أيام

TT

عمليات الخطف ترفع حدة «التجاذبات» بين مواطني شرق ليبيا وغربها

زادت الحرب الدائرة في المحيط الجنوبي للعاصمة الليبية طرابلس من حدة التجاذبات الاجتماعية والتندر بين نشطاء سياسيين، في شرق وغرب البلاد، وذلك على خلفية تعرض مواطنين لعمليات خطف أو إخفاء قسري، تحدث هنا أو هناك.
فعلى مدار السنوات الثماني الماضية، عانت مناطق العاصمة في غرب البلاد من عدة وقائع خطف وابتزاز، قامت بها الميليشيات المسلحة المنتشرة في البلاد منذ عام 2011. في مقابل مناطق الشرق التي بسط «الجيش الوطني» سيطرته عليها منذ 2014. غير أنه مع حدوث وقائع مشابهة في مدينة بنغازي، بدأت المعايرات تتزايد بشكل واضح، خصوصاً بعد اختطاف النائب البرلمانية سهام سرقيوة من منزلها في مدينة بنغازي منتصف الأسبوع الماضي.
واقتيدت سرقيوة، التي تعارض العملية العسكرية على طرابلس، إلى مكان مجهول بعد الاعتداء عليها هي وزوجها من قبل مسلحين مجهولين اقتحموا منزلهما، عقب ساعات من وصولها إلى بنغازي، قادمة من اجتماع نواب البرلمان في القاهرة. وكتبت ابنتها عبر حساب سرقيوة على «فيسبوك»، توضيحاً مصحوباً بصور: «أنا بنت الدكتورة سهام... وهذا منزلنا. لقد خطفوا أمي وضربوا أبي برصاصتين في رجله، ودمروا منزلنا وسيارتنا، وما زلنا نبحث عن أمي».
واتهم المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» ما سماه ميليشيات في بنغازي بخطف النائب البرلمانية، وأرجع ذلك إلى «غياب الأمن في منطقة شرق ليبيا».
هذه الواقعة التي نددت بها البعثة الأممية لدى ليبيا والاتحاد الأوروبي، وكثير من الدول الأجنبية، صاحبتها ردود أفعال حادة من نشطاء بالمنطقة الغربية، تندروا فيها عبر حساباتهم بـ«تويتر» على القول إن شرق ليبيا التي حررها الجيش من الجماعات المتطرفة «أكثر أماناً»، وهو ما دفع نظراءهم من الجهة الثانية بالتذكير باختفاء الدكتور محمد عمر المشاي، مدير عام مركز الرقابة على الأغذية والأدوية التابع لحكومة «الوفاق» منذ مطلع الأسبوع الماضي. ومع تصاعد حدة الانتقادات الموجهة لسلطات طرابلس، أعلنت «قوة الردع والتدخل المشتركة - محور أبو سليم الكبرى»، أمس، أن المشاي موقوف على خلفية «استغلال موقعه الوظيفي في فساد إداري واختلاسات»، وقالت إن «الشائعات ترد بشأن خطفه وتغييبه قسراً».
من جهتها، تصدت مديرية أمن طرابلس، مساء أول من أمس، لما قالت إنها أنباء متداولة على عدد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن خطف المشاي، ورأت أنه تم القبض عليه بشكوى قدمت ضده من قبل مدير مكتب الشؤون الإدارية في المركز بتهمة «الاستيلاء على مجموعة من السيارات تخص المركز».
في مقابل ذلك، قال الليبي مرعي سليمان، عبر حسابه على «تويتر» أمس، إن ليبيا «تمر بظروف غير مستقرة، وهناك تجاوزات تقع من المسؤولين عن الأمن في كل منطقة. ولذلك فلا مجال للتباهي بين الإخوان في ليبيا».
وقبل أسابيع عثر على 5 جثث قرب مقبرة الهواري بمدينة بنغازي، وعليها آثار إطلاق نار، في واقعة لم تشهدها المنطقة منذ منتصف العام الماضي. وبدأت الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادث، دون إصدار أي بيان رسمي يكشف ملابسات الواقعة. وقد تكررت حوادث مشابهة في مناطق بشرق البلاد خلال فترات زمنية متباعدة، دون الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم، ما صعد حملة الانتقادات الموجهة من نشطاء غرب البلاد إلى نظرائهم في شرقها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.