أميركا وإسرائيل تريدان انسحاب إيران من سوريا ولبنان والعراق

TT

أميركا وإسرائيل تريدان انسحاب إيران من سوريا ولبنان والعراق

كشفت مصادر سياسية في كل من تل أبيب وواشنطن، أمس، أن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، أوضحتا لروسيا خلال الاجتماع الأمني الثلاثي في القدس الغربية نهاية يونيو (حزيران) الماضي أن «أي اتفاق حول مستقبل سوريا يجب أن يشمل انسحاب القوات الإيرانية، ليس فقط من سوريا ولكن أيضاً من لبنان والعراق».
وقالت المصادر إن اجتماع مستشاري الأمن القومي لكل من روسيا، نيكولاي باتروشيف، والولايات المتحدة، جون بولتون، وإسرائيل، مئير بن شبات، الذي عقد بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مقره في القدس الغربية، بحث في إمكانية التسوية السياسية المستقبلية لإنهاء الحرب في سوريا، وإن الروس كانوا يأملون في الحصول على دعم الولايات المتحدة، وبالتالي دعم إسرائيل، لجهودها في استقرار نظام الأسد، وبدء عملية جمع أموال لإعادة إعمار سوريا مستقبلاً وإنهاء العقوبات الاقتصادية الغربية لموسكو، التي فرضت عليها قبل خمس سنوات بسبب أزمة أوكرانيا.
وأكدت أن نتنياهو وبولتون وبن شبات، أوضحا لباتروشيف، الموقف الإسرائيلي الأميركي المشترك، بأن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا هو شرط ضروري لأي اتفاق بشأن مستقبل سوريا، لكنه ليس شرطاً كافياً. وقد طلبا بوضوح أن تتضمن الصفقة حول سوريا أيضاً سحب القوات الإيرانية من لبنان، بما في ذلك تفكيك مصانع للصواريخ الدقيقة، التي تطورها إيران لصالح «حزب الله»، بالإضافة إلى التوقف عن إمداد الميليشيات الموالية لها في العراق، بصواريخ بعيدة المدى قد تصل إلى إسرائيل.
وقد أصر الجانب الإسرائيلي بدعم من بولتون، على أن «خروج إيران من سوريا لن يحل شيئاً إذا كانت المشكلة الإيرانية قد انتقلت ببساطة إلى لبنان أو العراق». وأوضحت المصادر أن بولتون وبن شبات اقترحا أن يبادر الروس في المرحلة الأولى لـ«صفقة مستقبلية» من خلال إزالة جميع الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها الإيرانيون في سوريا، ومن ضمنها الصواريخ والقذائف بعيدة المدى. وأن الولايات المتحدة أوضحت لروسيا أنه في كل الأحوال، سيتعين عليها أن تتخذ الخطوة الأولى في إخراج الإيرانيين من سوريا، و«عندها فقط سنقدم لكم المقابل الذي تريدونه»، «وهو الدعم الإسرائيلي الأميركي لتثبيت نظام الأسد».
وكان المسؤولون الروس قد أظهروا خلال القمة وبعدها، دعماً علنياً لإيران. وفي الأسبوع الماضي، أرسل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مبعوثه الخاص إلى طهران للتهدئة من حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة كما أطلع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، على نتائج قمة القدس.
ومن جهة ثانية، زادت مؤخراً وتيرة اللقاءات والاتصالات الإسرائيلية الروسية، وخاصة الاتصالات الهاتفية بين نتنياهو وبوتين، لتنسيق التفاهمات حول سوريا، سيما في ظل تواصل الهجمات الجوية الإسرائيلية على مواقع في سوريا تقول إسرائيل إنها تابعة لإيران.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم