غريفيث في صنعاء لحسم ملفات الأمن والموارد والسلطة المحلية في الحديدة

غداة انتهاء اجتماع السفينة الأممية والتوافق على تثبيت وقف إطلاق النار

المبعوث الأممي مارتن غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي مارتن غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

غريفيث في صنعاء لحسم ملفات الأمن والموارد والسلطة المحلية في الحديدة

المبعوث الأممي مارتن غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي مارتن غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث إلى العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، ضمن مساعيه التي استأنفها مؤخرا لإحياء عملية السلام وبناء الثقة بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، والمرتكزة على تنفيذ اتفاق استوكهولم وفي مقدمه ما يتعلق بإعادة الانتشار في الحديدة وموانئها.
وذكرت مصادر سياسية يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن غريفيث سيلتقي قيادات الجماعة الحوثية قبيل الإدلاء بإحاطته المرتقبة اليوم أمام مجلس الأمن بخصوص آخر تطورات تنفيذ اتفاق السويد وعملية إعادة الانتشار في محافظة الحديدة وموانئها.
وجاءت زيارة المبعوث الأممي الذي وصل لمطار صنعاء دون أن يدلي بأي تصريح لوسائل الإعلام غداة انتهاء الاجتماع المشترك الخامس للجنة تنسيق إعادة الانتشار على متن السفينة الأممية قبالة مدينة الحديدة، حيث اتفق ممثلو الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية على آليات لتعزيز وقف إطلاق النار وتحديد مفهوم العمليات لإعادة الانتشار في المرحلتين الأولى والثانية مع بقاء الخلاف حول هوية قوات الأمن، والسلطة المحلية التي ستتولى تأمين وإدارة الحديدة وموانئها، إضافة إلى ملف الموارد المالية.
كما جاءت الزيارة غداة صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية البعثة الأممية في الحديدة المكلفة الرقابة وتثبيت وقف إطلاق النار والإشراف على تنفيذ اتفاق السويد فيما يخص الحديدة مدة ستة أشهر أخرى بعد انتهاء مدة ولايتها السابقة.
وذكرت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة غريفيث ستركز هذه المرة في المقام الأول على ملفات الأمن والسلطة المحلية وموارد موانئ الحديدة في مسعى منه لإقناع الجماعة الحوثية بصيغة توافقية حول هذه الملفات بما لا يتعارض مع المرجعيات الثلاث وجوهر اتفاق السويد.
وترفض الجماعة الموالية لإيران رفضا تاما تسليم هذه الملفات الثلاثة إلى الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وتتمسك ببقاء وجودها الانقلابي على مستوى بقاء ميليشياتها في الموانئ والمدينة على هيئة قوات أمنية، إضافة إلى تمسكها ببقاء القيادات الموالية لها على رأس السلطة المحلية.
وزعمت الجماعة أنها قدمت مرونة كبيرة في اجتماع السفينة الأممية الأخير الذي تم يومي 14 و15 الماضيين برئاسة مايكل لوليسغارد فيما يتعلق بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق السويد.
وأوردت وسائل الجماعة الحوثية أن فريقها المفاوض اقترح تنفيذ المرحلة الأولى والثانية بشكل متتال، بينما اقترح الفريق الحكومي تنفيذ جزء من البند الأول من اتفاق السويد وترك الباقي لوقت غير محدد.
كما زعمت أن ممثلها في لجنة تنسيق إعادة الانتشار «أكد استعداده إخلاء جميع المناطق المعنية بإعادة الانتشار من الوسائل المدرعة والمدفعيات».
وكان غريفيث التقى في الرياض الاثنين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر، وذكرت وكالة «سبأ» الحكومية أن هادي أشاد بمواقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الإيجابية مع اليمن وشرعيتها الدستورية في هذا الإطار منذ عملية التحول التي شهدها البلد واختيار اليمنيين للحوار سبيلاً لحل خلافاتهم وتحديد شكل دولتهم في توافق وطني غير مسبوق عبر مؤتمر الحوار الوطني، ودعم الأشقاء والأصدقاء من خلال المبادرة الخليجية والقرارات الأممية ذات الصلة.
وجدد هادي اتهام الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران في اليمن والمنطقة، وتجاه الشرعية والمرجعيات الثلاث التي قال إن اليمنيين لا يمكن أن يقبلوا المساس بها، وبخاصة بعدما أثبت الحوثيون سوء نياتهم بعدم التزامهم بالقرارات الدولية التي أعقبت تمردهم وفي مقدمها القرار 2216.
وأشار الرئيس هادي إلى أنه وجه الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار باستئناف العمل مع الجنرال مايكل لوليسغارد والتعامل بإيجابية كاملة لتصحيح مسار تنفيذ اتفاق الحديدة، لافتا إلى استمرار تعنت الميليشيات مجددا.
وشدد الرئيس اليمني على أنه «لا بد من الاتفاق بوضوح على أن تنفيذ اتفاق استوكهولم يعد مفتاح الدخول لمناقشة الترتيبات اللاحقة». لافتاً إلى أهمية تحقيق تقدم في الملف الإنساني الخاص بالأسرى والمعتقلين وفقاً لجهود المبعوث في هذا الإطار، على قاعدة الكل مقابل الكل».
ونسبت المصادر الحكومية الرسمية إلى غريفيث قوله: «سنعمل معاً على تنفيذ مسارات السلام وفق المرجعيات الثلاث مع تركيزنا الآني على المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة». كما نسبت له تعبيره عن إدانته لأحكام الإعدام التي اتخذها الحوثيون تجاه 30 مواطن يمني، وكذلك الاستهدافات التي طالت المنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية، والتي قال إنها «لا تخدم السلام وتزيد مساراته تعقيدا».
من جهته، كان نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، ذكر أن أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة عقدوا على مدى اليومين الماضين 14 و15 من يوليو (تموز) اجتماعهم المشترك الخامس على متن سفينة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة (أونمـها) في أعالي البحار قُبالة الحديدة. وأن ممثلين عن الطرفين اليمنيين انضموا إلى الاجتماع المنعقد على متن السفينة قبالة ساحلي المُخا والحديدة.
وأوضح للصحافيين أن أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار تناولوا في اجتماعهم المشترك المنعقد وجها لوجه للمرة الأولى منذ شهر فبراير (شباط) 2019 الاتفاقيات السابقة حول إعادة انتشار القوات، وفقا لما نص عليه اتفاق الحديدة.
وقال حق في المقر الدائم للأمم المتحدة إنه «وبعد تزايد انتهاكات وقف إطلاق النار في الفترة الأخيرة، حرص الطرفان على إيجاد سبل للحد من التصعيد واتفقا على تفعيل آلية وتدابير جديدة من أجل تعزيز وقف إطلاق النار والتهدئة في أقرب وقت ممكن وبدعم من بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة».
وأشار المتحدث الأممي إلى أن الطرفين أنجزا اتفاقهما على وثيقتي مفهوم العمليات للمرحلتين الأولى والثانية لإعادة الانتشار المُتبادل للقوات.
وأضاف: «وبذلك تكون لجنة تنسيق إعادة الانتشار قد أنهت أعمالها التقنية وهي بانتظار قرار القيادات السياسية المعنية للمباشرة بالتنفيذ»، مؤكدا «أن التفاهم على قوات الأمن المحلية والسلطة المحلية والموارد المالية هي من المسائل المعلقة والتي تجب معالجتها على المستوى السياسي».
ويرجح سياسيون يمنيون أن يعود غريفيث من صنعاء خالي الوفاض على غرار الزيارات الماضية التي لم يفلح خلالها في إقناع الميليشيات الحوثية بتنفيذ اتفاق السويد في الوقت المحدد وبما يتسق مع جوهر وروح الاتفاق المتعثر منذ أكثر من سبعة أشهر.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).