أخضعت الجماعة الحوثية عشرات من المسؤولين والموظفين في القطاع الزراعي الخاضع لها في العاصمة اليمنية المختطفة، صنعاء، للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن حملات تطييف وتجنيد واسعة، تستهدف كافة فئات المجتمع في عموم مناطق سيطرتها، حسبما أفادت به مصادر مطلعة «الشرق الأوسط».
وألحقت الجماعة -حسب المصادر- منذ أيام، مديري إدارات وأقسام بديوان عام وزارة الزراعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها ومكتبها في صنعاء، إلى جانب مسؤولين وموظفين آخرين فيما تسمى «المؤسسة العامة للخدمات الزراعية»، و«هيئة البحوث والإرشاد الزراعي»؛ ألحقتهم بدورات تعبوية وقتالية، تحت اسم «دورات طوفان الأقصى».
ووسط ما يعانيه القطاع الزراعي -كغيره من القطاعات الأخرى في مناطق سيطرة الحوثيين- من حالة تدهور كبيرة جراء استمرار السياسات التدميرية للجماعة، والتي قضت على أكثر من ثلث الإنتاج الزراعي اليمني، اتهمت المصادر الجماعة بتحويل المؤسسات الزراعية في مناطق سيطرتها، من أماكن لوضع الخُطط والبرامج المستقبلية للنهوض بقطاع الزراعة، وتقديم الدعم والاستشارة للمزارعين، إلى أخرى للتعبئة، واستهداف منتسبيها بالأنشطة الفكرية والالتحاق بالجبهات.
وزعمت قيادات حوثية تُدير القطاع الزراعي في صنعاء، أن هذه البرامج والدورات العسكرية تأتي ضمن الاستعداد لمواجهة إسرائيل، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحض مسؤولي «إدارات التطييف» في المؤسسات على إطلاق معسكرات تعبئة وتجنيد للعاملين فيها.
وتركزت مضامين الدورات التعبوية -حسب المصادر- على إخضاع منتسبي القطاع الزراعي للاستماع إلى خطب ومحاضرات ودروس، يلقيها معممون حوثيون، إضافة إلى الدفع بهم لتلقي تدريبات على القتال في ميادين مفتوحة بضواحي صنعاء.
واشتكى مهندسون وعاملون زراعيون في صنعاء، شاركوا في الدورات الحوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزامهم بالحضور لتلقي برامج التعبئة، والقيام بتدريبات عسكرية ليس لها علاقة بالمشكلات التي يعانيها القطاع الزراعي ومنتسبوه.
وذكر بعضهم أن الاستهداف الحالي لهم بالتعبئة والتطييف هو من أجل خدمة أجندات الجماعة الحوثية، بعيداً عن معاناتهم المتصاعدة المتمثلة في حرمانهم من الحقوق، بما فيها الرواتب المنقطعة عنهم منذ عدة سنوات.
استهداف مُكثَّف
ويأتي الاستهداف الحوثي لموظفي القطاع الزراعي، وسط تحركات الجماعة الميدانية في أوساط السكان والعاملين في المؤسسات الحكومية الخاضعة لهم في صنعاء وبقية المناطق، من أجل إرغامهم على حضور برامج فكرية، والمشاركة في دورات عسكرية، استعداداً لإلحاقهم بجبهات القتال بزعم نصرة «القضية الفلسطينية»، وهو امتداد لسلسلة استهدافات سابقة؛ كان آخرها إرغام العاملين بذلك القطاع على تنظيم تظاهرات ووقفات احتجاجية، خدمة لأجندة الجماعة.
في السياق نفسه، ذكرت وسائل إعلام حوثية أن القيادي محمد هاجر، المعيَّن مسؤولاً للقطاع الزراعي في صنعاء، دعا خلال الوقفة الأخيرة، مديري وموظفي مكتب الزراعة وفروعه، للتأهب والاستعداد للمشاركة فيما سماها «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس» لمواجهة إسرائيل، ونصرة أهل غزة.
وحث القيادي الحوثي المشاركين على الاستمرار في الانخراط بدورات «طوفان الأقصى» والالتحاق بالجبهات، إلى جانب تقديم الدعم المادي لمصلحة المجهود الحربي.
وعلى مدى الأعوام المنصرمة من عمر الانقلاب الحوثي، دخل القطاع الزراعي -كغيره من القطاعات- في حالة تدهور حادة؛ إذ تفيد تقارير محلية بتضرُّر ذلك القطاع الحيوي بدرجة كبيرة.
ووفق مراقبين اقتصاديين، يعاني المزارعون اليمنيون -خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة- من تحديات وصعوبات عدة، بينها استمرار سيطرة الجماعة على الأسواق المركزية، ورفع رسوم البلدية ورسوم الأسواق، وإرغام المنتجين على دفع الإتاوات، و«التبرع» بجزء من منتجاتهم لمقاتلي الجماعة في الجبهات.