فساد الحوثيين يهدد البيئة الزراعية والأمن الغذائي

مبيدات خطرة وأمراض فطرية وبذور تفسد التربة وحشائش ضارة

عامل يمني في مزرعة تابعة للبحوث الزراعية في صنعاء (رويترز)
عامل يمني في مزرعة تابعة للبحوث الزراعية في صنعاء (رويترز)
TT

فساد الحوثيين يهدد البيئة الزراعية والأمن الغذائي

عامل يمني في مزرعة تابعة للبحوث الزراعية في صنعاء (رويترز)
عامل يمني في مزرعة تابعة للبحوث الزراعية في صنعاء (رويترز)

يدفع المزارعون اليمنيون ثمن الفساد في قطاع الزراعة والري الخاضع للميليشيات الحوثية والتنافس بين قادة الجماعة على تجارة وتهريب المبيدات الحشرية الخطرة والبذور الزراعية الملوثة، وكانت نتيجة ذلك تخريب أراضٍ زراعية في عدد من مديريات محافظة صنعاء بأمراض فطرية وحشائش خبيثة، مع انتشار المبيدات المهددة للصحة والبيئة.
مطلع الشهر الحالي، اشتكى مزارعون في مديرية همدان (شمال غربي العاصمة صنعاء) من تعرض أراضيهم الزراعية لأمراض فطرية تفسد التربة وتمنع نمو النباتات فيها، وانتشار حشائش غريبة تنتشر وتتغلغل في التربة، بما يجعل مهمة استئصالها صعبة حتى بأحدث المعدات، وهذه الحشائش تمنع بدورها نمو أي نبات أخرى جوارها.
حدث هذا بسبب بذور جزر تم استيرادها من شركة «جبرودر بيكر» الهولندية، كشفت وثيقة صادرة من الإدارة العامة للرقابة على مستلزمات الإنتاج الزراعي أن الإدارة العامة لوقاية النبات حرزت الشحنة المستوردة في مخازن الشركة المستوردة، وتم فحص عينات منها في مختبرات البذور، حيث أثبتت النتائج احتواءها على بذور غريبة، ووجود أمراض فطرية فيها.
ووفقاً لمصادر في قطاع الزراعة الخاضع للحوثيين؛ فإنه، ورغم صدور توجيهات بإعادة الشحنة إلى بلد المنشأ، فإن الشركات المستوردة طلبت إعادة الفحص الذي أكد نتائج الفحص السابق، بينما أصرّ مدير الرقابة على جودة المستلزمات الزراعية على إعادة الشحنة إلى بلد المنشأ بالتنسيق مع الجمارك، إلا أن الإجراء الذي حدث هو إقالته بأوامر من قادة نافذين، ومنحت لاحقاً التصاريح ببيع البذور.
وتؤكد المصادر أن قيادة الميليشيات تمتنع عن اتخاذ أي إجراءات بخصوص شكوى المزارعين، ولم يتم التحقيق في الإجراءات المتخذة، التي سمحت ببيع البذور، وتجاهل نتائج الفحوصات، وهو ما يشي، بحسب المصادر، بتبادل منافع من هذه الإجراءات بين القيادات العليا للميليشيات وملاك الشركات المستوردة، وهي «مؤسسة الحظا للتجارة والتوكيلات»، وشركة «أجروجلوبال لاستيراد المدخلات الزراعية»، وشركة «المجد للزراعة والتجارة».

استحداث كيان لإدارة المبيدات
كان القيادي الحوثي، هلال الجشاري، المعين من الميليشيات مديراً لإدارة وقاية النباتات قدم استقالته من منصبه، متحججاً بوجود فساد في قطاع الزراعة والري، وعدم قدرته على مواجهة ذلك الفساد، لوجود دعم وتواطؤ من قيادات عليا للفاسدين، كما أشار في نص استقالته، منتصف مايو (أيار) الماضي.
كان الجشاري انتقد تجاهل الجهات المعنية، ويقصد بها القيادات العليا للميليشيات، لشكاواه، وعدم تجاوبها معه، والتعاون في إيقاف تمرير المخالفات التي ترتكبها عناصر الميليشيات و«تجار الموت»، بحسب وصفه، ما أدى إلى بهم إلى النجاح في تنفيذ «مؤامرة شيطانية» باستحداث إدارة عامة للمبيدات، وخلط الأوراق، ومخالفة القوانين.
واستحدثت الميليشيات الحوثية كياناً جديداً أطلقت عليها اسم «الإدارة العامة للمبيدات» يتبع شكلياً هيكل وزارة الزراعة والري التي تسيطر عليها منذ الانقلاب، لكنه مستقل عنها مالياً وإدارياً.
واعترض الجشاري على إنشاء الإدارة الجديدة للمبيدات، وتنصيب قيادي من خارج الوزارة على رأسها، وعلى إلغاء صلاحياته المالية والإدارية ومنحها للقيادي المعين على رأس الإدارة المستحدثة.
كما اتهم تجار ومهربي المبيدات بإدارة الكيان المستحدث للمبيدات، وأنهم يزاولون أعمالاً وإجراءات مخالفة للقانون، مثل تسجيل المبيدات ومنح التصاريح والإفراجات وإجراء التجارب والفحوصات، وأن القيادات الحوثية المهيمنة على رأس قطاع الزراعة هي التي تشرع كل هذا الفساد وتسمح به دون وجود مبررات، رغم حساسية الأمر، نظراً لارتباطه بأرواح الناس والأمن الغذائي، كما جاء في نص استقالته.
ولمح الجشاري إلى أنه سيتجه إلى العمل الميداني مع المزارعين مؤيداً لقيادة الميليشيات ومنصاعاً لتوجيهاتها، وهو ما لجأ إليه بالفعل في الفترة التالية لاستقالته، حيث عمل على تحريض المزارعين على رفض التعامل مع تجار المبيدات والتوقف عن استخدامها، والتحذير من خطورة المبيدات والأسمدة التي يتاجر بها قادة في الميليشيات وتجار موالون لها.
ابتزاز واسترضاء
سعى الجشاري إلى استرضاء قيادة الميليشيات من خلال كتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي عن التبرع للجبهات، واستخدام مصطلح «الجبهة الزراعية»، في محاولته حث المزارعين على التبرع للمجهود الحربي للميليشيات من جهة، ودفعهم للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من أجل الاستغناء عن الواردات التي يقول إنها «تضعف الجبهة الداخلية وتدعم الأعداء».
وتمت مراضاة الجشاري لاحقاً بتعيينه منسقاً للجنة الزراعية في محافظة الجوف، مقابل التوقف عن ابتزاز خصومه في قطاع الزراعة والري والإدارة الجديدة المستحدثة وتجار المبيدات، والتوقف عن التحريض ضدهم، طبقاً لما قالته المصادر.
المصادر نفت أن يكون الجشاري ساهم في فضح الفساد والفاسدين، وأن الأمر لا يتعدى التنافس بينه وقادة في الميليشيات؛ فطوال فترة عمله في إدارة وقاية النباتات لم يقدم شيئاً لكشف الفساد في الاتجار بالمبيدات، وأن صوته لم يرتفع إلا بعد سلب صلاحياته، وبعد استقالته لم يقم بشيء سوى التلميح والتهديد فقط.
وفي حين كشفت معلومات وتقارير محلية عديدة عن مصادرة ميليشيات الحوثي مبيدات زراعية محظورة عبر المنافذ الجمركية التي نصبتها في مداخل مناطق سيطرتها بحجة إتلافها، أفادت بأن الميليشيات تقوم ببيعها وتسويقها عبر شركات تابعة لها وتجار من أنصارها للتربح من أسعارها.
وتحدث تقرير أمام البرلمان غير الشرعي الذي تديره الميليشيات في صنعاء، منتصف العام الماضي، عن تورّط قادة حوثيين في نشر السموم والأمراض السرطانية في اليمن، من خلال شركات نشطة تعمل في تجارة المبيدات الزراعية، وأورد التقرير أسماء، مثل القيادي الحوثي دغسان أحمد دغسان وصالح عجلان.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

قائد «اليونيفيل»: سنظل ملتزمين بالتنفيذ الكامل للقرار 1701 لتحقيق الاستقرار الدائم

قوات «اليونيفيل» ملتزمة بدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 من أجل تحقيق الاستقرار الدائم في لبنان (أ.ف.ب)
قوات «اليونيفيل» ملتزمة بدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 من أجل تحقيق الاستقرار الدائم في لبنان (أ.ف.ب)
TT

قائد «اليونيفيل»: سنظل ملتزمين بالتنفيذ الكامل للقرار 1701 لتحقيق الاستقرار الدائم

قوات «اليونيفيل» ملتزمة بدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 من أجل تحقيق الاستقرار الدائم في لبنان (أ.ف.ب)
قوات «اليونيفيل» ملتزمة بدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 من أجل تحقيق الاستقرار الدائم في لبنان (أ.ف.ب)

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أرولدو لازارو، الاثنين، إن القوة الدولية ملتزمة بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى حرباً سابقة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في عام 2006.

وأضاف لازارو على منصة «إكس»: «ملتزمون بدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 من أجل تحقيق الاستقرار الدائم».

جاءت تصريحات لازارو في أعقاب زيارته، الأحد، لقوات حفظ السلام التي قال إنها «عملت دون كلل خلال هذه الفترة الصعبة، للحفاظ على علم الأمم المتحدة مرفوعاً في الجنوب».

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، فجر يوم الأربعاء الماضي، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.