إيران تقصف بالطائرات المسيرة والمدفعية مناطق في كردستان العراق

«الحرس» قال إنه استهدف معارضين «إثر أعمال إرهابية»

TT

إيران تقصف بالطائرات المسيرة والمدفعية مناطق في كردستان العراق

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني أمس أنه شن ضربات ضد من وصفهم بـ«إرهابيين» في الجانب الآخر من الحدود في إقليم كردستان العراق.
وقال «الحرس» في بيان نشر على موقعه الرسمي «سيباه نيوز» وأوردته وكالة الصحافة الفرنسية إنه «إثر أعمال إرهابية نفذتها جماعات مضادة للثورة في غرب البلاد وشمال غربها (...) تعرضت معسكرات ومراكز تدريب لإرهابيين لهجمات منذ الأربعاء» بواسطة صواريخ وطائرات بلا طيار «درون» ومدفعية، من غير أن يحدد اسم الجماعات المستهدفة.
من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن بيان «الحرس» تحذيرا لإقليم كردستان، بقوله إن من المتوقع من إقليم كردستان العراق اتخاذ تحذيرات إيران «على محمل الجد وعدم السماح أكثر من هذا الحد بأن يتحول إقليم كردستان العراق إلى ملجأ ومكان لتدريب وتنظيم الإرهابيين من أجل ارتكاب جرائم إرهابية وتهديد أمن إيران المستدام». وأضاف البيان «سيرد (الحرس) على أي عدوان على أمن إيران».
واستهدف القصف القرى الحدودية المحيطة ببلدة سيدكان شمال شرقي محافظة أربيل، وقد أسفر القصف الذي استمر نحو ساعتين في اليوم الأول عن مقتل فتاة في الثامنة عشرة من العمر، وإصابة اثنين من أشقائها الصغار، في إحدى القرى الواقعة في منطقة برادوست ضمن المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا.
وتواصل القصف أول من أمس ولمدة ساعة واحدة، ما أدى إلى إضرام النيران في عدد من الحقول والمزارع وألحق بها خسائر مادية جسيمة. وقال رزكار كريم، من أهالي المنطقة، بأن سكان الكثير من القرى التي يطالها القصف الإيراني نزحوا عن قراهم باتجاه بلدة سيدكان والقرى البعيدة عن موقع القصف، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن القصف الإيراني «يستهدف بشكل عشوائي القرى الآمنة بحجة وجود مسلحي الحزب الديمقراطي المعارض لإيران في المنطقة، في حين أن مقار مقاتلي الحزب وقواعده توجد في التخوم الجبلية والوديان السحيقة، البعيدة عن قرانا»، منوهاً إلى أن القصف لم يتجدد نهار الجمعة وساد المنطقة هدوء تام.
ويأتي القصف الإيراني بعد يوم واحد فقط، من اغتيال ضابط كردي برتبة عقيد في «الحرس الثوري» الإيراني، مع اثنين من مرافقيه، على يد أنصار حزب «آزادي كردستان» الذي يتزعمه الجنرال حسين يزدان بنا، بحسب ما أكد ذلك لـ«الشرق الأوسط» مصدر قيادي رفيع في الحزب فضل عدم الكشف عن اسمه. وقال المصدر: «اغتيال الضابط العميل تم على يد مفرزة من خلايانا المسلحة في بلدة بيرانشهر، وذلك ثأراً لمقتل عشرين عنصراً من حزبنا على يد ذلك الضابط العميل، في كمين نصبه لهم في وقت سابق من العام الماضي في العمق الإيراني».
كما يأتي القصف بعد يومين من إلقاء القبض على أحد عناصر المخابرات الإيرانية، بعد تسلله إلى صفوف حزب «آزادي كردستان»، جنوب محافظة أربيل.
وكان القصف الإيراني على المنطقة قد تجدد، صيف عام 2016. بعد إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، بقيادة مصطفى هجري عن استئناف العمليات العسكرية، ضد النظام الإيراني في 23 مارس (آذار) من العام ذاته، وتنفيذ مقاتلي الحزب سلسلة عمليات ضد معسكرات الحرس الإيراني، في محيط العديد من المدن الكردية.
واكتفت حكومة إقليم كردستان، التي تشكلت قبل ثلاثة أيام، باستنكار القصف واغتيال عناصر الحرس الإيراني. وقالت الحكومة الجديدة في أول بيان لها: «نجدد تأكيدنا بأن إقليم كردستان عامل استقرار في المنطقة ويحترم علاقات حسن الجوار، ويرفض بشكل قاطع استخدام أراضيه لا سيما المناطق الحدودية منطلقاً لشن هجمات عسكرية، على أراضي دول الجوار وزعزعة أمنها واستقرارها».
وتابع البيان: «نعلن عن قلقنا واستنكارنا لاغتيال عناصر في الحرس الثوري الإيراني، والقصف المدفعي على القرى الحدودية». كما دعا البيان الجانب الإيراني إلى وقف القصف والكف عن إثارة الهلع والخوف في نفوس سكان المنطقة العزل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.