التراث الصناعي... تجارب عالمية مُلهمة وغياب عربي مؤسف

السعودية تستعد لريادة عربية في توثيقه وصيانته

قام سكان مدينة نيويورك بتحويل خط سكة حديد «هاي لاين» إلى حديقة عامة تمتد لما يزيد على كيلومترين مربعين منعاً لهدمه بعد توقفه عن العمل
قام سكان مدينة نيويورك بتحويل خط سكة حديد «هاي لاين» إلى حديقة عامة تمتد لما يزيد على كيلومترين مربعين منعاً لهدمه بعد توقفه عن العمل
TT

التراث الصناعي... تجارب عالمية مُلهمة وغياب عربي مؤسف

قام سكان مدينة نيويورك بتحويل خط سكة حديد «هاي لاين» إلى حديقة عامة تمتد لما يزيد على كيلومترين مربعين منعاً لهدمه بعد توقفه عن العمل
قام سكان مدينة نيويورك بتحويل خط سكة حديد «هاي لاين» إلى حديقة عامة تمتد لما يزيد على كيلومترين مربعين منعاً لهدمه بعد توقفه عن العمل

تحرص الدول المتقدمة على حفظ تراثها الصناعي بشكل رسمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، حيث تم تسجيل 28 موقع تراث صناعي في العالم، منها 22 في أوروبا وأميركا الشمالية وأربعة مواقع في أميركا اللاتينية ودول الكاريبي وفي آسيا موقعان، فيما لم تسجل قارة أفريقيا والدول العربية أي موقع بعد.
وتتجه المملكة العربية السعودية لتكون السباقة في توثيق البدايات الصناعية التي أسهمت في نهضتها الشاملة، وذلك من خلال مبادرة وزارة الثقافة لدعم التراث الصناعي وتوثيق أهم المعالم المحلية الخاصة بالتراث الصناعي السعودي من مصانع وخطوط إنتاج وخطوط حديدية ومناجم تعدين ومحطات تحلية مياه ومبان وغيرها من الشواهد على التنمية الحضارية.
وارتبط التراث الصناعي وتطوره بجوانب اجتماعية وإنسانية، لذلك حرصت المجتمعات المتقدمة على توثيقه والحفاظ عليه بل واستثماره ليكون رافداً من روافد الاقتصاد، عبر استغلاله كمعلم سياحي ومحطة مهمة لزوار المدن التي تحتويه، يتعرفون من خلاله على قصته ومن ساهموا في إنشائه والعمل به وارتبطوا بتلك الحقب التاريخية المهمة.
- قصص عالمية ملهمة
من القصص الملهمة في التراث الصناعي ما قام به سكان مدينة نيويورك بتحويل خط سكة الحديد إلى حديقة عامة تمتد لما يزيد على كيلومترين مربعين منعاً لهدمه بعد توقفه عن العمل عام 1980، وأصبحت هذه الحديقة مكاناً سياحيا ساهم في خلق 12 ألف وظيفة وجذب كثير من الاستثمارات، وكان خط سكة الحديد قبل توقفه طريقاً لنقل البضائع والسلع والبريد في داخل نيويورك خلال الفترة من 1934 إلى 1980.
كذلك توجد كثير من متاحف البترول في الولايات المتحدة الأميركية تعد معالم يزورها السياح في تكساس وبنسلفانيا وأوكلاهوما، وقام البريطانيون بتحويل المناجم إلى متاحف يتسابق إليها زوار مقاطعة ويلز، ومنها منجم عمل لمدة مائة عام خلال الفترة 1880 إلى 1980 تم تحويله عام 1983 إلى متحف عام، كما فاز بجائزة قولبنكاين المرموقة عام 2005.
وفي إسبانيا تم تحويل مصنع إسمنت آسلاند الذي كان يعمل من عام 1904 إلى عام 1975 لمتحف في عام 2002، وفي يونيو (حزيران)2005 أعلن المصنع ومحيطه ملكية ثقافية ذات أهمية وطنية في فئة الآثار التاريخية. ويستعرض المتحف آلية صناعة الإسمنت وهو جزء من المتحف الكاتالوني للعلوم والتكنولوجيا. وأما في ألمانيا فقد تم إنشاء منظمة غير ربحية عام 1999 تحت اسم «طريق التراث الصناعي الأوروبي» بهدف تأسيس شبكة تواصل أوروبية تسهم في تحويل التراث الصناعي إلى معالم سياحية ومن أبرز المعالم التي رعتها الجمعية الممر الهولندي وطريق هامبورغ الصناعي، وتوجد الجمعية في 11 دولة أوروبية.
وفي الصين تم تحويل مبنى مصنع قديم ليكون مركز تجمع لـ70 شركة متخصصة في الفن. كما حوّل الصينيون منطقة تجمع مستودعات إلى مكان تجمع لما يقارب ألفي فنان، كما تم تطوير إحدى القرى الصينية لتصبح مركزاً عالمياً متنامياً أُنشئت فيها الصالات الفنية والمتاحف داخل المباني وتنظم داخلها المهرجانات. وتم تحويل أحد المصانع التي أنشئت عام 1919 إلى مسرح عام 2010.
وعربياً، لا يوجد أي موقع مسجل كموقع تراث صناعي رغم وجود عدد من الآثار الصناعية المهمة في عدد من الدول العربية منها مدينة المحلة المصرية الزاخرة بالتراث الصناعي مثل مصنع غزل القطن ومصنع تبييض الأقمشة التي تأسست بداية القرن الثامن عشر الميلادي، لكن لم يتم التعامل معها بوصفها تراثا حضاريا يمكن توثيقه في اليونيسكو. وهذا يجعل المملكة العربية السعودية الأولى في المنطقة التي تمنح التراث الصناعي موقعه الصحيح في بنائها الثقافي، وذلك من خلال مبادرة وزارة الثقافة لدعم هذا التراث وتوثيق معالمه المنتشرة في المدن السعودية والتي تعد شواهد صناعية واجتماعية وثقافية على رحلة بناء حضارية ابتدأت مع تأسيس الدولة وما تزال مستمرة إلى اليوم.


مقالات ذات صلة

مصر لتسجيل «الكشري» بقوائم التراث غير المادي باليونيسكو

يوميات الشرق آلة السمسمية (وزارة الثقافة المصرية)

مصر لتسجيل «الكشري» بقوائم التراث غير المادي باليونيسكو

بعد أن أعلنت مصر إدراج الحناء والسمسمية ضمن قائمة الصون العاجل بمنظمة اليونيسكو، تتجه لتسجيل الكشري أيضاً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

«الورد الطائفي» في قوائم «اليونيسكو»

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، نجاح السعودية في تسجيل.

عمر البدوي (الرياض) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.

يوميات الشرق صابون الغار الحلبي الشهير من الأقدم في العالم (أ.ف.ب)

الحنّة والصابون الحلبي والنابلسي... «تكريم» مُستَحق

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، الحنّة والتقاليد المرتبطة بها، والصابون النابلسي، وصابون الغار الحلبي، في قائمة التراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

اليونيسكو تُدرج الورد الطائفي في التراث غير المادي

أعلن وزير الثقافة السعودي عن نجاح المملكة في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.