البكتيريا والفيروسات سلاح جديد للقضاء على الأورام السرطانية

الآثار الجانبية أعاقت استخدامهما قبل 100 عام

استخدام البكتيريا في العلاج المناعي
استخدام البكتيريا في العلاج المناعي
TT

البكتيريا والفيروسات سلاح جديد للقضاء على الأورام السرطانية

استخدام البكتيريا في العلاج المناعي
استخدام البكتيريا في العلاج المناعي

قبل نحو مائة عام، حقن الطبيب الأميركي ويليام كولي، مرضى السرطان، بنوع من البكتيريا العنقودية المسببة لمرض التهاب الهلل أو الحمرة، وهو نوع من أنواع التهاب الجلد، وكانت فكرته أن ذلك سيساعد على تنشيط الجهاز المناعي لمقاومة السرطان والبكتيريا.
وأدت هذه الطريقة حينها إلى السيطرة على الأورام في عشرات من المرضى، لكنها اعتبرت حينها غير آمنة حتى يتم تبنيها على نطاق واسع، بسبب إثارة السمية الجانبية على باقي الجسم.
ورغم ذلك لم تنتهِ المحاولات لتطوير تلك الطريقة، حيث تمكن فريق بحثي أميركي أخيراً من استخدام البكتيريا في العلاج المناعي للسرطان، بحيث يتم توجيهها للتوطين داخل الورم لتنمو حتى تصل إلى المرحلة التي تتحلل فيها، وتطلق العلاج المناعي داخل الورم.
وتقوم الفكرة التي طورها الباحثون من جامعة «كولومبيا» الأميركية، ونشرت في 3 يوليو (تموز) 2019 بدورية «نيتشر ميدسين» (Nature Medicine)، على هندسة سلالة غير مسببة للأمراض من بكتيريا «الأشركية القولونية» وراثياً، بحيث تستهدف الورم دون باقي الجسم لتنمو داخله حتى تصل إلى مرحلة التدمير الذاتي وإطلاق العلاج المناعي.
وتعتمد تلك الطريقة على تمكين البكتيريا من استهداف بروتين يسمى CD47»»، وهذا البروتين هو المسؤول عن حماية الخلايا السرطانية من أن تستهدفها الخلايا المناعية الفطرية مثل الخلايا الضامة والخلايا الجذعية.
ويوجد هذا البروتين في أماكن أخرى من الجسم، ومن ثم فإن قيمة ما فعله الفريق البحثي هو تصميم البكتيريا لاستهداف هذا البروتين، بشكل حصري داخل الورم وتجنب الآثار الجانبية للعلاج. ويقول سريان شودري، المؤلف الرئيسي للدراسة في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»، «هذه الآلية يمكنها نظرياً استهداف أي كتلة ورمية صلبة، حيث أدت في التجارب التي أجريت على فئران التجارب إلى إزالة الأورام، كما ساعدت على تباطأ نمو (الورم النقيلي)، الذي يكون مصدره الورم الأصلي الذي استهدفته البكتيريا».
والخطوة التالية التي سيعملون عليها، هي توسيع نطاق النتائج لتشمل أنواعاً مختلفة من الأورام السرطانية، وإجراء دراسات إضافية لعلم السموم للتأكد من أنها طريقة آمنة.
ويضيف: «عندما تكتمل تلك الخطوات سيكون لدينا تصور نستطيع تقديمه إلى إدارة الأغذية والدواء الأميركية لبدء التجارب السريرية».
ومن إحدى سلالات بكتيريا «الأشركية القولونية» إلى إحدى سلالات فيروس «كوكساكي»، المسببة لنزلات البرد، الذي ينتمي إلى الفيروسات المعوية، وتحدث حالات العدوى به لدى الأطفال الصغار خلال فصلي الصيف والخريف، وعُثِر عليه لأول مرة في مدينة كوكساكي بنيويورك، والسلالة «CVA21» من الفيروس مسببة لنزلات البرد.
وخلال دراسة، نشرت في 5 يوليو بالمجلة الطبية «Clinical Cancer Research»، أثبت باحثون من جامعة «سري» البريطانية، ومستشفى مقاطعة «رويال سوري» إمكانية استخدام هذه السلالة لعلاج سرطان المثانة الغازية غير العضلية، وهو العاشر من بين أكثر أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المتحدة، إذ يتم تشخيص نحو 10 آلاف إصابة به سنوياً.
ولا تحتوي الأورام الموجودة في المثانة عادة على خلايا مناعية نشطة، وتعرف الأورام الخالية من هذه الخلايا بـ«المناطق الباردة» مناعياً، ما يعوق الجهاز المناعي عن أداء دوره في القضاء على السرطان أثناء نموه، ولكن العلاج باستخدام سلالة فيروس «كوكساكي» (CVA21) يحفز الخلايا لخلق «حرارة مناعية»، بما يمكن الخلايا المناعية من استهداف الخلايا السرطانية، وقتلها.
ويقول هارديف باندا، أستاذ علم الأورام الطبي بجامعة «سري»، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره موقع الجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن استخدام «فيروس كوكساكي» أحدث ثورة في علاج هذا النوع من السرطان، فقد أدى لانخفاض عبء الورم وزيادة موت الخلايا السرطانية لدى جميع المرضى، مع إزالة أثر المرض بعد أسبوع واحد فقط من العلاج، من دون رصد أي آثار جانبية كبيرة.


مقالات ذات صلة

أدوات المطبخ البلاستيكية السوداء قد تصيبك بالسرطان

صحتك أواني الطهي البلاستيكية السوداء قد تكون ضارة بالصحة (رويترز)

أدوات المطبخ البلاستيكية السوداء قد تصيبك بالسرطان

أصبحت أواني الطهي البلاستيكية السوداء عنصراً أساسياً في كثير من المطابخ، لكنها قد تكون ضارة؛ إذ أثبتت دراسة جديدة أنها قد تتسبب في أمراض مثل السرطان.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
يوميات الشرق يلجأ عدد من الأشخاص لنظام «الكيتو دايت» منخفض الكربوهيدرات (جامعة ناغويا)

مكمل غذائي بسيط يُعزز قدرتنا على قتل السرطان

كشفت دراسة أن مكملاً غذائياً بسيطاً قد يوفر نهجاً جديداً لتعزيز قدرتنا المناعية على قتل الخلايا السرطانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك مصابة بالسرطان (رويترز)

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

قالت دراسة جديدة إن تناول جرعات عالية من فيتامين «سي» قد يكون بمثابة اختراق في علاج سرطان البنكرياس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق كثير من الأمور البدنية الصعبة يمكن تخطّيها (مواقع التواصل)

طبيب قهر السرطان يخوض 7 سباقات ماراثون في 7 قارات بـ7 أيام

في حين قد يبدو مستحيلاً جسدياً أن يخوض الإنسان 7 سباقات ماراثون في 7 أيام متتالية، جذب تحدّي الماراثون العالمي العدَّائين في جميع أنحاء العالم طوال عقد تقريباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.