أمتعة السفر... سباق بين العلامات الكلاسيكية ودور الأزياء

توقعات بزيادة المبيعات 16 في المائة خلال أربع سنوات لتبلغ نحو 5 مليارات دولار

من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
TT

أمتعة السفر... سباق بين العلامات الكلاسيكية ودور الأزياء

من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)

بينما تشهد مبيعات المنتجات الفاخرة تباطؤاً، فإن مبيعات حقائب السفر تشهد انتعاشاً ونمواً ملحوظاً، حسب الدراسات الأخيرة في هذا الشأن. أمر يؤكد حقيقة يرددها العارفون وهي أن السفر أصبح جزءاً لا يتجزأ من الترف، وربما أصبحت له الأولوية على حساب أشياء أخرى.
وقد أوضح تقرير صادر عن مؤسسة «باين أند كومباني» أن معدلات السفر والسياحة في ارتفاع، بفضل الطبقات الوسطى المتنامية في الصين وغيرها.
ووفقاً للتقرير نفسه، فإن السلع الفاخرة، بما فيها قطاع الأمتعة الفاخرة، شهدت هي الأخرى نمواً إيجابياً في عام 2018 لتصل إلى 260 مليار يورو، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر حتى عام 2025.
فالسفر يحتاج إلى إكسسوارات تسهل الحياة وفي الوقت ذاته تعكس أسلوب وشخصية صاحبها، لهذا كان من البديهي أن يستفيد قطاع الأمتعة الفاخرة ويزيد الإنفاق عليه. وبحسب تقديرات مؤسسة «يورومونيتور» المتخصصة في الأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، من المتوقع أن تنمو المبيعات بسوق سلع السفر العالمية بنسبة 16 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة لتبلغ نحو 5 مليارات دولار.
أمر انعكس على صناعة أمتعة السفر التي تشهد نمواً سنوياً متواصلاً بلغ 3.7 في المائة العام الماضي مقارنة بفئات أخرى مثل الحقائب العادية والساعات التي شهدت معدلات نمو بلغت 1.2 و2 في المائة خلال العامين الماضيين. لهذا ليس غريباً أن تظهر علامات جديدة تحاول تلبية متطلبات المسافرين من أسواق جديدة أو من الأجيال الشابة. كما ليس غريباً أن تتوسع بيوت أزياء عالمية في هذا القطاع بشرائها علامات متخصصة تضمها إليها. مجموعة «إل في آم آش» مثلاً اشترت حصة 80 في المائة من شركة «ريموا» (Rimowa) الألمانية لصناعة الحقائب مقابل 640 مليون دولار أميركي رغم أنها تمتلك «لويس فويتون» التي تأسست على صناعة إكسسوارات السفر ولها باع طويل. شركة «سامسونايت» بدورها توسعت بشراء ماركة «تومي» (Tumi) مقابل 1.8 مليار دولار في إطار استراتيجية لتعزيز مكانتها كأكبر صانع لحقائب السفر. كل هذا يسلط الضوء على الاهتمام المتزايد في قطاع جديد لا يضم سوى عدد محدود من اللاعبين، إلا أنه غني بفرص للنمو، حسبما تؤكده أرقام مبيعات الشركات المتخصصة مثل «رادن» (Raden) الأميركية. فقد تخطت قيمة مبيعاتها مليوني دولار أميركي في الأشهر الأربعة الأولى لانطلاقها، رغم أن الشركة لا تنتج سوى حجمين، تقدر أسعارهما بين 295 دولاراً و395 دولاراً. ما ساعد على نجاحها توفرها على شواحن مدمجة ومقياس وزن وأجهزة استشعار تسمح للمستخدم بالتحقق من موقع الحقيبة عبر تطبيق متاح عبر الإنترنت، إضافة إلى أنها خفيفة الوزن، ما يجعلها رائجة لدى قاعدة متنامية من العملاء كثيري السفر والمهتمين بالتكنولوجيا الرقمية.
من هذا المنظور، كان من المنطقي أن تستثمر مجموعة «إل في آم آش» في حقائب «ريموا»، خصوصاً بعد أن أطلقت هذه الأخيرة حقيبة «ذكية» بعلامة إلكترونية مدمجة يمكنها التواصل مع الهاتف الذكي للمستخدم عبر خاصية «بلوتوث»، وهي الخاصية التي ستشترك فيها مع مجموعة حقائب «لويس فويتون» في المستقبل.
لكن في مقابل هذه الشركات المتخصصة في إكسسوارات السفر، دخلت بيوت أزياء كبيرة الميدان من باب الموضة والأناقة، بعد أن عرفت أن السفر، سواء كان للعمل أو للمتعة، يعد جزءاً من نمط الحياة. ولا شك أن منظر المشاهير ونجوم التواصل الاجتماعي وهم يحملون أو يسحبون حقائب من علامات معروفة، فتح شهية المهووسين بهم للاقتداء بهم.
فجأة لم تعد علامات تجارية فاخرة مثل «سامسونايت» و«تومي» و«دلسي» و«روك لاند» و«بيير كاردان» و«أميركان توريستر» وغيرها من الشركات التي ذاع صيتها وحدها على قائمة حقائب السفر الأكثر مبيعاً. فالمشاهير ساعدوا على الترويج لأسماء أخرى من خلال نشر كل التفاصيل عبر «إنستغرام»، ليبدأ السباق بين علامات عريقة ودور الأزياء الكبرى التي تعتمد أساساً على سمعتها في مجال الموضة وعلى علاقاتها بنجوم الفن والشخصيات المؤثرة.
الشركات المتخصصة لم تقف مكتوفة الأيادي، بل رحبت بالمنافسة، مستعملة استراتيجيات ذكية تعتمد على الجانب الوظيفي وعلى التكنولوجيا، وهي نقطة الارتكاز وفقاً لتاريخ هذه العلامات، التي تشمل بعض الاعتبارات الموضوعية، مثل التصميم والضمان والسحابات والعجلات والمقابض وتحسين المساحة الداخلية وتقديم أحجام تلبي احتياجات المسافرين ومتطلبات شركات الطيران. علاوة على ذلك، السعر، يمكن للمرء أن ينفق آلاف الدولارات على قطعة من الأمتعة قد تكون الأفضل في السوق، لكن ميزانية الجميع لن تسمح بذلك الإنفاق على حقيبة سفر.
من جانب آخر، فرضت المنافسة مع دور أزياء كبرى، على هذه الشركات أن تطور من الشكل الخارجي. شركة «أميركان توريستر» مثلاً عززت حقائبها بإضافة بعض التفاصيل الخارجية مثل الألوان والنقوش الجريئة، كذلك تنوعت الأحجام وخصصت جزءاً من الإنتاج لحقائب للأطفال التي تضم شخصيات «ديزني» وغيرها...
أما علامة حديثة مثل «أواي» (Away) التي ارتفعت شعبيتها بين المسافرين منذ إطلاقها في عام 2015، فاختارت أن تبقى على تطوير الجانب الوظيفي لتقدم أمتعة فاخرة تتحمل السفر المتكرر، لذلك قدمت أمتعة البولي كاربونات المميزة للعلامة التجارية في مجموعة من الألوان والأحجام. كذلك قدمت الأمتعة المصممة من الألمونيوم بأسعار قادرة على المنافسة، أما الشكل الخارجي، فيمكن القول إنه حافظ على الانطباع العملي الذي تعتبره نقطة ارتكاز تميز منتجها.
واحدة من العلامات التجارية الأكثر شهرة للأمتعة هي «سامسونايت» التي لا تبتعد عن قائمة الأعلى مبيعاً رغم انطلاقها منذ أكثر من 100 عام، قدمت «سامسونايت» على مدار رحلتها حقائب صلبة ولينة، وحقائب الظهر، وإكسسوارات السفر. ما زالت تقدم حقيبة سفر وظيفية توفر المتانة والأناقة والقيمة، مع تطوير محدود في الشكل الخارجي.
أما العلامة التجارية «تومي» (Tumi) فتركز على 5 اعتبارات موضوعية: الجودة والمتانة والأناقة والابتكار وخدمة العملاء، من خلال مجموعة من الحقائب العصرية مزودة بملحقات ومصممة من الجلد الفاخر، كما تقدم موديلات أخرى مصممة من خامة النايلون الباليستية المقاومة للتآكل.
المسافر المحنك دائماً ما يبحث عن أمتعة وظيفية ومميزة في الوقت نفسه، ربما بقفل فريد من نوعه أو خامة غريبة لكن فاخرة وما شابه من تفاصيل مؤثرة. فوفقاً لأرقام الأكثر مبيعاً، ما زالت الشركات التجارية المتخصصة تتصدر المراكز المتقدمة. لكن هذا لم يمنع بيوت الأزياء من دخول المنافسة رغبة منها في الاستفادة من معدلات النمو التي تؤكدها المبيعات، أي كنوع من زيادة استثماراتها داخل سوق مضمونة.
في صيف 2016، قدمت دار الأزياء «شانيل» عرض أزيائها في «لوغران باليه» بباريس الذي حولته إلى مطار. حرصت فيه أن تقدم لزبائنها قطعاً تجمع بين تاريخ «شانيل» في عالم الموضة والشكل العصري والوظيفي لأمتعة السفر، لذلك قدمت تشكيلة فاخرة من الأمتعة المزودة بعجلات مع يد وظيفية يتغير طولها، وفي الوقت نفسه ازدانت من الخارج بشعار شانيل الأيقوني وجلودها المترفة. كذلك قدمت الدار الفرنسية حقائب السفر في شكل مجموعة كاملة، تبدأ بحقيبة يد صغيرة الحجم وتنتهي بحقيبة سفر تضم جميع المستلزمات بفضل الجيوب الداخلية التي تلعب دوراً وظيفياً.
أما علاقة دار الأزياء الفرنسية لويس فويتون بأمتعة السفر فتعود إلى عام 1854، وتطورت مع الوقت لتصبح أخف وزناً وأصغر حجماً حتى تناسب السفر بواسطة الطائرات عوض الباخرات وما كانت تتطلبه من صناديق كبيرة.
في يوليو (تموز) 2016، أطلقت الدار مجموعة معاصرة مزودة بعجلات ويد أكثر وظيفية. وهكذا ظلت أمتعة السفر سلعة لصيقة وأساسية تقدمها الدار إلى حد أن منتجاتها أصبحت لصيقة بسفر المشاهير والنجوم، ولم تستطع أي من الشركات الأخرى زحزحتها عن مكانتها هاته.
أما دار الأزياء الإيطالية غوتشي التي تعد أحد الشركاء الأصليين في سوق صناعة الأمتعة، فيعود تاريخها مع السفر إلى ما قبل إطلاق الدار وتحديداً في نهاية القرن 19. كان غوتشيو غوتشي، مؤسس الدار، مهاجراً إيطالياً يعيش بين باريس ولندن، أعجب بالأمتعة الفاخرة التي رآها مع نزلاء الفنادق، لذلك عندما عاد إلى مسقط رأسه في فلورانسا استغل الخامات عالية الجودة سواء من الجلود أو الأنسجة لينتج أمتعة تحمل شعار الدار، مستغلاً مهارة الحرفيين في المدينة. ورغم تطور حقائب «غوتشي» للسفر من الناحية الوظيفية، فإن التفاصيل الكلاسيكية، بداية من اللون البيج وشعار الدار والشرائط المميزة لألوان غوتشي بالأحمر والأخضر، ظلت كما هي لم تتغير.
أما «فندي» فلها مشاركة محدودة في صناعة أمتعة السفر، في حين تجد الدار الاستثمار الذكي في حقائب اليد متوسطة الحجم التي يمكن حملها في السفر. تقدم أيضاً حقائب كبيرة مزودة بتفاصيل وظيفية توفر قدراً من الرفاهية. من أشهر الموديلات التي قدمتها «فندي» حقيبة «Monster Eyes» المُصممة من القماش مع الجلد، مع علامة مزخرفة بالشعار. كما تقدم شكلاً آخر أكثر وظيفية، مصمماً من الألمونيوم مُزداناً بشعار الدار حتى لا تفقد الحقيبة هويتها، لا سيما أن التصميم يعد مسايرة لما تقدمه العلامات التجارية الأقوى في هذه السوق.
لأن الصناعة الإيطالية معروفة بحرفيتها، خصوصاً فيما يخص الملحقات مثل أمتعة السفر، كان من المتوقع أن نرى أكثر من دار أزياء تتنافس على تقديم أمتعة السفر، ومن بينها دار «برادا» التي تعد الأكثر تنوعاً مقارنة بزميلاتها في الصناعة الإيطالية. قدمت «برادا» تصاميم متنوعة من أمتعة السفر كبيرة الحجم، منها المصمم من القماش الفاخر بألوان داكنة تتحمل السفر، ومنها ما هو مطبع برسوم فنية.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.