رحيل سليمان فقيه.. رائد الاستثمار الطبي في السعودية

عن عمر ناهز 82 عاما ووري الثرى بمقابر المعلاة بمكة المكرمة

لقطة تذكارية للدكتور سليمان فقيه مع طالبات الكلية التابعة لمستشفاه يوم الاحتفال بيوم التمريض
لقطة تذكارية للدكتور سليمان فقيه مع طالبات الكلية التابعة لمستشفاه يوم الاحتفال بيوم التمريض
TT

رحيل سليمان فقيه.. رائد الاستثمار الطبي في السعودية

لقطة تذكارية للدكتور سليمان فقيه مع طالبات الكلية التابعة لمستشفاه يوم الاحتفال بيوم التمريض
لقطة تذكارية للدكتور سليمان فقيه مع طالبات الكلية التابعة لمستشفاه يوم الاحتفال بيوم التمريض

غيب الموت الدكتور سليمان عبد القادر فقيه، أحد كبار المستثمرين في المجال الطبي في السعودية وصاحب مستشفى سليمان فقيه المعروف في جدة الذي أسس قبل أكثر من 30 عاما، ونال شهرة كبيرة في السعودية والبلاد العربية. وفارق الفقيد الحياة أول من أمس عن عمر ناهر 82 عاما، كانت حافلة بالعمل والمثابرة والنجاح. وفي مكة المكرمة ووري جثمان الدكتور سليمان فقيه أمس في مقابر المعلاة.
في حي السليمانية بمكة المكرمة، ولد سليمان فقيه في بدايات عام 1932م وهي الفترة التي شهدت تأسيس المملكة العربية السعودية وتوحيدها في كيان واحد، وتربى في كنف والده، مع أخويه رجل الأعمال عبد الرحمن فقيه، وعمر فقيه، وتلقى تعليمه العام في مكة المكرمة حتى نيله الثانوية من مدرسة تحضير البعثات عام 1948م، ليغادر إلى المملكة المصرية حينها وليدرس الطب وليعاصر إرهاصات الثورة المصرية والتبدلات السياسية هناك، حتى نال شهادة البكالوريوس من كلية الطب التابعة للمستشفى الشهير «قصر العيني».
شهد عام 1960 حصول الراحل على تخصص الأمراض الباطنية من جامعة عين شمس، بعد أن حصل على الامتياز من «قصر العيني»، ليبدأ حياته العملية في بلاده ويمارس المهنة حيث افتتح عيادة خاصة في مسقط رأسه مكة المكرمة بداية الستينات الميلادية، ودخل أيضا مجال العمل الحكومي الطبي، ليتدرج مديرا لمستشفى أجياد المركزي، ثم مديرا لمستشفى الولادة بمكة المكرمة، فنائبا لمدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة، ثم مديرا عاما للشؤون الصحية بالمنطقة الغربية حتى عام 1978، ليؤسس المستشفى الذي يحمل اسمه في شارع فلسطين بالقرب من شاطئ الحمراء بمدينة جدة، ليكون من أشهر مستشفيات السعودية والخليج.
وفي مستشفاه الذي شغل فيه منصب المدير العام والإداري والفني، تحققت رؤى الدكتور سليمان فقيه، ليرتقي المكان وليشهد مزيدا من التطور، حتى أصبح يضم بين جنبيه كلية طبية تخرج كوادر في الطب والطب المساعد والفنيين، فيما شهد المستشفى في عام 1987 في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أول توسعة حقيقة له، وضع لبنتها الأولى الملك الراحل، لتزداد القدرة الاستيعابية للغرف والعيادات والأجنحة.
وشهد المستشفى في عام 1999 توسعة كبرى، دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما كان وليا للعهد، تتكون من مبنيين لحرم مستشفى الدكتور سليمان فقيه، وتشمل عيادات الأطفال وعيادات الأطفال حديثي الولادة وجراحات التجميل ومراكز تحسين الصحة ومراكز اللياقة البدنية، بالإضافة إلى مواقف تستوعب عشرات السيارات. تمتع الراحل بحس مهني وإنساني رفيع، وله مواقف مشهودة في هذا المجال، منها تعهده بالتبرع بأدوية ومستلزمات طبية تعادل ما سيجري جمعه من شركات الأدوية لإسعاف المصابين والحالات الحرجة من أبطال الانتفاضة والمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».