تكية أبو الدهب الأثرية تستضيف متحف نجيب محفوظ ومكتبته

«الشرق الأوسط» تتجول في أروقته قبل افتتاحه

نجيب محفوظ في مكتبته
نجيب محفوظ في مكتبته
TT

تكية أبو الدهب الأثرية تستضيف متحف نجيب محفوظ ومكتبته

نجيب محفوظ في مكتبته
نجيب محفوظ في مكتبته

بعد سنوات طويلة من العمل، تخللتها فترات توقف لأسباب مالية أو سياسية، تستعد وزارة الثقافة المصرية لافتتاح متحف صاحب نوبل العربية الوحيدة في الأدب، الراحل نجيب محفوظ، وذلك بالتزامن مع الاحتفالات بـ«ثورة 30 يونيو» في البلاد. ومع اقتراب موعد الافتتاح المقرر نهاية الشهر، تجولت «الشرق الأوسط» في المتحف، للتعرف على ما يضم من مقتنيات تخلد ذكرى الأديب المصري والعربي الأبرز.
كان للحارة الشعبية مكانة كبيرة في روايات الأديب الراحل، ولذلك جاء اختيار موقع متحفه في حارة شعبية، حيث أقيم بمبنى تكية أبو الدهب بحي الأزهر، وسط القاهرة، في منطقة غنية بالآثار الإسلامية، لكنها مزدحمة بالسكان والمحلات والباعة، حيث يعد حي الأزهر من أشهر الأحياء التجارية القديمة. ورغم جمال المنطقة ومناسبتها لأديب نوبل الذي وثق الحياة في الحارة الشعبية المصرية، فإن المنطقة المحيطة بالمتحف تحتاج إلى بعض التنسيق واللافتات، لتسهيل الوصول للمتحف والترويج لزيارته، وقد بدأ هذا التنسيق بجدارية تراها في الجانب المقابل لمدخل المتحف، نفذها جهاز التنسيق الحضاري، لتغطي جزءاً من السوق المواجهة للمدخل، وتضم صورة لنجيب محفوظ تتوسط عدداً من المآذن التاريخية من روح مؤلفاته.
وتكية أبو الدهب هي جزء من مجموعة أبو الدهب الأثرية التي تضم مسجد ومدرسة وتكية محمد بك أبو الدهب، وتقع بجوار جامع الأزهر، وبدأ إنشاؤها عام 1187هـ (1703م)، لتكون مدرسة تساعد الأزهر في رسالته العلمية، وتعد ثاني أهم مجموعة أثرية في المنطقة، بعد مجموعة الغوري، وتضم التكية سبيلاً وكُتاباً وحوضاً للدواب، ومسجداً للمتصوفين من 3 طوابق، وحوضاً وسبيلاً ملحقين بالمسجد من الناحية الجنوبية، وتصميمها المعماري عبارة عن صحن مكشوف به حديقة ونافورة، تحيط به مجموعة من القاعات.
الدكتور فتحي عبد الوهاب، رئيس صندوق التنمية الثقافية، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع اقتراب موعد افتتاح المتحف، بدأنا التفكير في المنطقة المحيطة به. ومن هنا، جاءت فكرة إنشاء هذه الجدارية التي نفذها جهاز التنسيق الحضاري، بالتعاون مع محافظة القاهرة»، مشيراً إلى أن «هناك خطة متكاملة لتطوير المنطقة، تشمل السوق والمنطقة المحيطة، لدى محافظة القاهرة وجهاز التنسيق الحضاري، بدأ العمل عليها، كما تم تصميم لوحات إرشادية ولافتات لإرشاد الزوار إلى موقع المتحف، ستتولى محافظة القاهرة وضعها في أماكنها».
فور دخولك لمقر المتحف من باب التكية الأثري، تستقبلك صورة كبيرة للأديب الراحل تتوسط صحن التكية، مع مجموعة من اللوحات على جدران الصحن تحمل صوراً وعبارات تحكي قصة حياة محفوظ، ويحيط بالصحن مجموعة من القاعات بأبواب زرقاء اللون، لكل قاعة اسم بحسب الهدف منها، ويضم الطابق الأرضي قاعة صغيرة للندوات، تسمى «قاعة درس»، وقاعات مكتبات عامة تضم مؤلفات محفوظ، والدراسات النقدية عنه، ومكتبة سمعية بصرية تتيح لزائرها الاطلاع على جميع مؤلفات محفوظ والدراسات النقدية عنه، إضافة إلى مشاهدة أفلامه وما كتب عنه.
بينما يحكي الطابق قصة حياة نجيب محفوظ بسيناريو عرض متحفي، يبدأ بغرفتين تضمان مجموعة الأوسمة والنياشين والشهادات التي حصل عليها محفوظ طوال مشواره الفني، بخلاف جائزة نوبل التي خصصت لها غرفة مستقلة تحمل اسم «نوبل»، وتحوي صوراً لجميع من حصلوا على جائزة نوبل في الآداب، وبينهم محفوظ الذي حصل عليها عام 1988، ولوحة كتب عليها نص كلمة محفوظ خلال حفل تسليم الجائزة التي ألقاها بالنيابة عنه الأديب محمد سلماوي.
وخلال الجولة، يطوف الزائر بمجموعة من القاعات تحمل كل منها اسماً، وتحكي جزءاً من تاريخ حياة محفوظ، منها قاعة «أصداء السيرة»، التي تحكي نشأته وحياته، وتضم بعضاً من متعلقاته الشخصية، مثل أدوات الحلاقة، ونظارته وقلمه، وبدلة رسمية، وقاعة السينما التي تشاهد فيها مقاطع من أشهر أفلامه على شاشة سينما، وقاعة «تجليات» التي تضم مكتبه وشاشة عرض صغيرة يظهر عليها محفوظ وهو يحكي برنامج حياته اليومي، وقاعة «الحارة» التي يشاهد فيها الزائر كيف صور محفوظ الحارة المصرية، وقاعة «أحلام الرحيل» التي تتحدث عن محاولة اغتياله، وتضم مجموعة من الأوراق بخط يده في أثناء تدربه على الكتابة في تلك المرحلة بعد إصابته، ثم قاعة «رثاء» التي تتحدث عن وفاته، وبجانب كل ذلك يوجد شرفة تسمى «مقهى الحرافيش».
«جميع مقتنيات محفوظ في المتحف هي من إهداء أسرته»، وفقاً لعبد الوهاب الذي يؤكد أن «مكتبة محفوظ الشخصية الموجودة بالمتحف تضم 70 في المائة من مكتبته الخاصة الفعلية، وأكثر من 140 كتاباً موقعاً بإهداء له»، إضافة إلى «مكتبة نقدية تضم جميع الدراسات النقدية عن محفوظ، ومكتبة تضم مؤلفات نجيب محفوظ بجميع الطبعات، بما فيها الطبعة الشعبية النادرة».
وأوضح عبد الوهاب أن «سيناريو العرض المتحفي من إعداد المهندس كريم الشابوري، وكان في البداية يقتصر على قاعات للنياشين والأوسمة، ثم تطور ليشمل قاعات أخرى تتيح للزائر التعرف على قصة حياة نجيب محفوظ، وتسمح له بأن يقضي فترة من الوقت في زيارة المتحف».
وقال إن «قاعة السمع بصرية تتيح للزائر الاطلاع على كل شيء بصورة إلكترونية، مع مراعاة حقوق الملكية الفكرية، إذا أراد الباحث الحصول على نسخ منها، فكل ما هو متاح على الإنترنت مجاناً متاح في المتحف مجاناً، لكن النسخ يخضع لحقوق الملكية الفكرية».
الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، أكدت في تصريحات صحافية على هامش جولة تفقدية للمتحف أخيراً أن «هناك كثيراً من التحديات التي واجهت إنشاء المتحف»، مشيرة إلى أن «سيناريو العرض المتحفي جاء معبراً عبر الطابع الوجداني لأديب نوبل، ويضم مجموعة من متعلقاته الشخصية»، موجهة الدعوة «للمؤسسات والأفراد لإهداء ما يمتلكونه من مقتنيات لإثراء المتحف، وإلقاء الضوء على جوانب مجهولة في حياة الأديب الكبير».
وأوضح عبد الوهاب أن «فكرة المتحف بدأت عام 2006، ثم تم تخصيص المكان. وفي عام 2016، بدأ التعاقد مع الشركة المنفذة للمشروع، بعد تجهيز الشروط والمقايسات المطلوبة، وكانت مدة التنفيذ لا تزيد على عام»، مشيراً إلى أن «المشروع حدثت به كثير من التغييرات، فكان من المخطط أن يكون المتحف في الطابق الأرضي، ثم تغير ذلك لينتقل المتحف إلى الطابق الثاني، بناء على آراء استشارية تتعلق بنسبة الرطوبة في الطابق الأرضي، وغيرها من العوامل الأخرى».
وقال عبد الوهاب إن «التعامل مع مبنى أثري ليس كالتعامل مع أي مبنى آخر، فأي قرار يتخذ يحتاج إلى إجراءات وموافقات بالتنسيق مع وزارة الآثار، وهذا ليس معوقاً بقدر ما كان سبباً في إطالة المدة اللازمة لتنفيذ المشروع»، لافتاً إلى أن «المشروع تعرض لكثير من فترات التوقف بسبب ما حدث في أعقاب 2011 (ثورة 25 يناير)، وغيرها من الأسباب، وبدأ التنفيذ مرة أخرى في بداية يوليو (تموز) 2018». وبشأن التكلفة، أوضح أنها «بلغت نحو 15 مليون جنيه، وتم تمويلها من موازنة الدولة، بعد دخول صندوق التنمية الثقافية ضمن موازنة الدولة منذ عام 2017».
وتعود فكرة إنشاء المتحف إلى الفترة التالية لوفاة محفوظ في 30 أغسطس (آب) 2006، حيث طالب المثقفون بإنشاء متحف لنجيب محفوظ لتخليد ذكراه، ليصدر فاروق حسني، وزير الثقافة المصري آنذاك، قراراً وزارياً بتخصيص تكية أبو الدهب لإقامة متحف لنجيب محفوظ، وذلك لقرب التكية من المنزل الذي ولد فيه محفوظ بحي الجمالية، وهي المنطقة التي استوحى منها محفوظ معظم شخصيات رواياته، وكتب عن كثير من الأماكن بها.



«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
TT

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة»، حيث تصدر الفيلم شباك التذاكر بعد اليوم الثامن لعرضه في مصر، محققاً إيرادات تقارب الـ45 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.78 جنيه مصري).

وينافس «الحريفة 2» على إيرادات شباك التذاكر بجانب 7 أفلام تعرض حالياً في السينمات، هي: «الهوى سلطان»، و«مين يصدق»، و«اللعب مع العيال»، و«وداعاً حمدي»، و«المخفي»، و«الفستان الأبيض»، و«ولاد رزق 3» والأخير تم طرحه قبل 6 أشهر.

وأزاح فيلم «الحريفة 2» الذي تقوم ببطولته مجموعة من الشباب، فيلم «الهوى سلطان»، الذي يعدّ أول بطولة مطلقة للفنانة المصرية منة شلبي في السينما، وكان يتصدر إيرادات شباك التذاكر منذ بداية عرضه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويعد الجزء الثاني من الفيلم «الحريفة» هو التجربة الإخراجية الأولى للمونتير المصري كريم سعد، ومن تأليف إياد صالح، وبطولة نور النبوي، وأحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، كما يشهد الفيلم ظهور مشاهير عدة خلال الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو «ضيوف شرف» من بينهم آسر ياسين، وأحمد فهمي.

لقطة من فيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي اجتماعي شبابي، حول المنافسة في مسابقات خاصة بكرة القدم، كما يسلط الضوء على العلاقات المتشابكة بين أبطال العمل من الشباب.

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي ترجع سبب تصدر فيلم «الحريفة 2» لإيرادات شباك التذاكر إلى أن «أحداثه تدور في إطار كوميدي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الشباب الذين يشكلون الفئة الكبرى من جمهور السينما في حاجة لهذه الجرعة المكثفة من الكوميديا».

كما أكدت متبولي أن «سر الإقبال على (الحريفة 2) يعود أيضاً لتقديمه حكاية من حكايات عالم كرة القدم المحبب لدى الكثيرين»، لافتة إلى أن «هذا العالم يمثل حالة خاصة ونجاحه مضمون، وتاريخ السينما يشهد على ذلك، حيث تم تقديم مثل هذه النوعية من قبل وحققت نجاحاً لافتاً في أفلام مثل (الحريف) و(رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام، وكذلك فيلم (سيد العاطفي)، من بطولة تامر حسني وعبلة كامل».

ونوهت متبولي إلى أن الفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة» يعد من أهم عوامل نجاح الفيلم؛ نظراً لتمتعه بقبول جماهيري كبير، مشيرة إلى أن «السينما المصرية بشكل عام تشهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً في الموسم الحالي، وأن هذه الحالة اللافتة لم نلمسها منذ فترة طويلة».

وتضيف: «رواج السينما وانتعاشها يتطلب دائماً المزيد من الوجوه الجديدة والشباب الذين يضفون عليها طابعاً مختلفاً عبر حكايات متنوعة، وهو ما تحقق في (الحريفة 2)».

الملصق الترويجي لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن «الإيرادات اللافتة للفيلم شملت أيام الأسبوع كافة، ولم تقتصر على يوم الإجازة الأسبوعية فقط، وذلك يعد مؤشراً إيجابياً لانتعاش السينما المصرية».

وبجانب الأفلام المعروضة حالياً تشهد السينمات المصرية طرح عدد من الأفلام الجديدة قبيل نهاية العام الحالي 2024، واستقبال موسم «رأس السنة»، من بينها أفلام «الهنا اللي أنا فيه» بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، و«بضع ساعات في يوم ما» بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بطولة عصام عمر، و«المستريحة»، بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد.