طروادة وأساطيرها في معرض ضخم بالمتحف البريطاني الخريف المقبل

300 قطعة تستكشف التاريخ والواقع والآثار لواحدة من أشهر القصص

لوح من الرخام يعود للقرن الثاني بعد الميلاد يحمل نقوشات تتضمن تفاصيل عن معركة طروادة (متحف أشموليان-أكسفورد)  -  مشهد منقوش على جرة فخارية يمثل أخيل وهو يقتل أحد أعدائه (المتحف البريطاني)  -  لوحة تصور عالم الأثريات هنريك شليمان (متحف برلين)  -  لوحة دموع هيلين للفنان إدوارد بيرن جونز  (المتحف البريطاني)
لوح من الرخام يعود للقرن الثاني بعد الميلاد يحمل نقوشات تتضمن تفاصيل عن معركة طروادة (متحف أشموليان-أكسفورد) - مشهد منقوش على جرة فخارية يمثل أخيل وهو يقتل أحد أعدائه (المتحف البريطاني) - لوحة تصور عالم الأثريات هنريك شليمان (متحف برلين) - لوحة دموع هيلين للفنان إدوارد بيرن جونز (المتحف البريطاني)
TT

طروادة وأساطيرها في معرض ضخم بالمتحف البريطاني الخريف المقبل

لوح من الرخام يعود للقرن الثاني بعد الميلاد يحمل نقوشات تتضمن تفاصيل عن معركة طروادة (متحف أشموليان-أكسفورد)  -  مشهد منقوش على جرة فخارية يمثل أخيل وهو يقتل أحد أعدائه (المتحف البريطاني)  -  لوحة تصور عالم الأثريات هنريك شليمان (متحف برلين)  -  لوحة دموع هيلين للفنان إدوارد بيرن جونز  (المتحف البريطاني)
لوح من الرخام يعود للقرن الثاني بعد الميلاد يحمل نقوشات تتضمن تفاصيل عن معركة طروادة (متحف أشموليان-أكسفورد) - مشهد منقوش على جرة فخارية يمثل أخيل وهو يقتل أحد أعدائه (المتحف البريطاني) - لوحة تصور عالم الأثريات هنريك شليمان (متحف برلين) - لوحة دموع هيلين للفنان إدوارد بيرن جونز (المتحف البريطاني)

مدينة صنعت تاريخها الأساطير والملاحم الأدبية وتحولت إلى مصدر لإلهام الفنانين وصناع السينما، بل وحتى دخلت في الثقافة العالمية عبر الأمثال الشعبية. إنها «طروادة»، المدينة الشهيرة بحكايات الحصان الخشبي الشهير الذي حمل جنوداً مسلحين نجحوا في إخضاع المدينة بعد حصار طويل لم يخضعها. طروادة أيضاً مسرح وخلفية لقصة جميلة الجميلات هيلين ملكة إسبرطة التي اختطفها المحارب الطروادي باريس لتندلع بسببه حرب طاحنة استمرت لعشرة أعوام. ومن لم يسمع بـ«كعب أخيل» والمرتبط بحكايا إغريقية وتحولت من أسطورة لتصبح مثلاً على نقطة الضعف القاتلة لدى الإنسان، بل ودخلت كتب الطب والتشريح لتعرف عن الوتر الذي يعتقد بأن أخيل أصيب بسهم فيه مؤدياً إلى مصرعه.
وما بين الحكايات والأساطير وتأثيرها على الثقافة الشعبية، هناك الحقائق التاريخية والآثار التي تروي قصصاً أخرى، وهو ما يقدمه المتحف البريطاني في معرضه الضخم «طروادة: الأسطورة والحقيقة» الذي سيفتتح في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويعد المعرض هو الأول للمتحف البريطاني من ناحية موضوعه وحجمه، وسيقدم العرض 300 قطعة من مقتنيات متاحف بريطانية وغربية، وسيستكشف الأسطورة الدائمة اللصيقة بـ«طروادة» وحروبها بدءاً من قصائد الشعر والملاحم التي خطها الشاعران الشهيران هومر وفيرجيل في «الإليادة» و«الأوديسة»، ورددها وأعاد كتابتها المئات بعدهما؛ وكيف لا؟ فالقصص تستمد من أهم عناصر الحياة قوتها واستمراريتها، فهي قصص حول الحب والحرب والموت، وكل ما يهم الإنسان في حياته. لكن لنعد إلى أرض الواقع قليلاً ونستكشف طبيعة العرض الذي يقوم فريق من الخبراء في المتحف البريطاني على إعداده، فنعرف أن العرض سيقتفي آثار علماء الآثار والمغامرين الذين قاموا بالبحث في تاريخ طروادة الحقيقي وأشهرهم هنريك شليمان عالم الآثار الألماني الذي قام بكشوف أثرية في تركيا في حقبة السبعينات من القرن التاسع عشر غيرت نظرة العالم لأساطير طروادة ووضعت لها أسساً على الأرض.
وإلى جانب القطع الأثرية، لا بد أن يكون للثقافة والفن والأدب مكان في معرض عن «طروادة»، فهناك الكثير من الأعمال الأدبية والفنية التي استوحت موضوعاتها من قصص أخيل وهيلين وباريس وأجاممنون، وغيرهم من أبطال القصة التاريخية، وهنا يقدم المعرض لمحات من أعمال أدبية رفيعة مثل مسرحية «تريلوس وكريسيدا» لشكسبير، وهناك عدد ضخم من أفلام هوليوود التي دارت حول تلك القصص، ولعل آخرها هو الفيلم الذي حمل اسم «طروادة» (2004) وقام ببطولته براد بيت ودايان كروغر، وبالطبع لا يغفل العرض قصة طروادة وتأثيرها على الفنون التشكيلية القديمة والمعاصرة.
المعرض الضخم يخصص جانباً كبيراً للقطع الأثرية التي عثر عليها العالم شليمان في تركيا وتعرض للمرة الأولى منذ أن أحضرها العالم الأثري للندن في 1870. وقد تحول شليمان بفضل عمله في المنطقة الأثرية لمدة عشرة أعوام إلى شخصية شهيرة حول العالم، فكشوفه الأثرية أخرجت طروادة من مكانها على رفوف التاريخ والأساطير لتؤكد للعالم أن هناك جوانب حقيقية لتلك المدينة وسكانها. من القطع التي ستعرض هناك آنية فخارية وأخرى من الفضة وأسلحة من البرونز ومنحوتات حجرية مستعارة من متاحف برلين.
يمنح المعرض الفرصة لشخصيات ارتبطت بملحمة طروادة لتعود أمام الجمهور مرة أخرى، فيلقي الضوء على شخصية أخيل، أعظم المحاربين اليونان، لكنه أيضاً صاحب نقطة الضعف القاتلة؛ فحسب الأسطورة فقد قامت أم الطفل أخيل بغسله في مياه نهر مقدس ليصبح محصناً ضد القتل، غير أنها تركت جزءاً واحداً من جسده لم تغمره المياه، وهو الكعب الذي كانت تمسك طفلها منه. شخصية أخيل هي مزيج ما بين القوة والضعف في آنٍ واحد. ومن هذا المنطلق يمكن تفهم نقطة انطلاق «طروادة: الأسطورة والحقيقية» وهي تستعرض الجانب الأسطوري وتتفاعل معه وأيضاً تحرص على مقارنته بالواقع ومعانيه.

- معرض «طروادة: الأسطورة والواقع» في المتحف البريطاني في الفترة ما بين 21 نوفمبر 2019 وحتى 8 مارس 2020


مقالات ذات صلة

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».