هنية يتعهد بملاحقة مطلقي الصواريخ

رسائل متبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول الرغبة في الهدوء

اسماعيل هنية في غزة (غيتي)
اسماعيل هنية في غزة (غيتي)
TT

هنية يتعهد بملاحقة مطلقي الصواريخ

اسماعيل هنية في غزة (غيتي)
اسماعيل هنية في غزة (غيتي)

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، أبلغ نيكولاي ميلادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، بأن حركته لا تعرف مَن الذي أطلق الصاروخين الأخيرين تجاه إسرائيل، مؤكداً أن الجهات الأمنية التابعة لحركته تُجري تحقيقات معمقة لمعرفة الجهة التي تقف خلف ذلك من أجل محاسبتها.
وأكد هنية لميلادينوف أن حركة «حماس» لم تطلق الصاروخين، وأنها معنية باستمرار التهدئة المبرمة مع إسرائيل، وليست في وارد إجهاض المساعي الرامية إلى تحقيق تقدم في التهدئة بين الجانبين. جاء ذلك خلال مناقشات بين هنية وميلادينوف حول التصعيد الأخير في القطاع الذي أثار مخاوف من انهيار التفاهمات. ودخلت التهدئة في قطاع غزة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل اختباراً جديداً بعدما أطلقت جهات في غزة صواريخ تجاه مستوطنات غلاف القطاع وردّت إسرائيل بغارات على غزة.
وهذا التصعيد جاء في وقت هددت فيه «حماس» والفصائل بتصعيد مدروس إذا استمر تنكر إسرائيل للاتفاقات. وأغارت طائرات إسرائيلية، أول من أمس (الجمعة)، على قطاع غزة، بعد ساعات من إصابة كلية دينية إسرائيلية بصاروخ. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن طائرات حربية وطائرات أخرى هاجمت «عدة أهداف إرهابية، تشمل بنية تحتية داخل مجمعات عسكرية وقاعدة بحرية تابعة لحركة (حماس)».
وصباح الخميس، اعترض نظام القبة الحديدية صاروخاً أول أُطلق من غزة، وقصفت طائرات إسرائيلية منشأة تحت أرضية تابعة لـ«حماس» في جنوب القطاع. وارتفع التوتر في غزة مع فرض إسرائيل طوقاً بحرياً على قطاع غزة. وذكر المتحدث باسم جيش الاحتلال أنه في أعقاب استمرار إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه مستوطنات غلاف غزة فقد تقرر فرض حصار بحري على القطاع.
وشهدت الأيام القليلة الماضية إطلاق العديد من البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الغلاف في تغيير واضح لسياسة الهدوء التي اتبعتها «حماس».
وقالت «حماس» إنه إذا استمرت إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ التفاهمات التي أُبرمت بين الجانبين بوساطة مصر والأمم المتحدة وقطر، فإن المظاهرات سيكون فيها تصعيد قد يتدحرج إلى تصعيد أكبر. ويدور الحديث عن تراجع إسرائيل عن تحويل الأموال القطرية إلى القطاع.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الحكومة أبلغت السفير القطري محمد العمادي، بعدم الحضور من أجل تحويل الأموال إلى غزة. لكن ميلادينوف وعد هنية بأن العمادي سيحضر إلى القطاع حاملاً معه الأموال. وقال ميلادينوف لهنية إن إسرائيل أيضاً لا تريد التصعيد في القطاع. لكن بخلاف التوجهات الرسمية الإسرائيلية، حذّر الجيش الإسرائيلي من أن الأوضاع في قطاع غزة قابلة للانفجار أكثر من أي وقت مضى.
وقال مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل قد تكون على شفا عملية عسكرية واسعة في غزة. وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي لديه استعداد أن يوصي الحكومة الإسرائيلية باتباع تعامل أكثر صرامة مع القطاع. وذكر تقرير تلفزيوني أن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أنه يجب التوقف عن التحذيرات قبل مهاجمة مبانٍ واستهدافها أيضاً حتى لو أسفر الاستهداف عن قتلى. وقال مسؤول عسكري للقناة الإسرائيلية الثانية، كان قد خدم على مدار سنوات كثيرة في القطاع، إن «كل شيء مرتبط بخيط رفيع، وإن الأوضاع يمكن أن تتصاعد بشكل دراماتيكي».
ووفق التقرير فإنه ليس من المؤكد أن تتجه دولة إسرائيل قبل الانتخابات إلى القيام بعملية كبيرة في القطاع، لكن الجيش يريد أن يعرض أمام المستوى السياسي نهجاً جديداً، حول تشدد كبير وصرامة أكثر في تعامله مع القطاع. وكان الجيش الإسرائيلي قد نشر، الجمعة، منظومة بطاريات قريبة من غزة، بعد إطلاق الصاروخ الذي سقط في سديروت. ويفترض أن يصل أيضاً هذا الأسبوع وفد أمني مصري من أجل احتواء أي تصعيد محتمل.
وكانت مصر قد وضعت اتفاقاً الشهر الماضي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وشمل الاتفاق وقف أي هجمات من قطاع غزة إضافة إلى وقف الأساليب الخشنة خلال المظاهرات مقابل «إدخال الأموال إلى قطاع غزة، ورفع القيود على استيراد العديد من البضائع التي كانت توصف ببضائع مزدوجة (نحو 30% منها)، وزيادة التصدير، وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلاً في قواطع بحرية و12 في قواطع أخرى، وإدخال الوقود الذي تموله قطر لتشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع».
وحسب الاتفاق فإنه إذا نجحت هذه المرحلة فإن مرحلة أخرى سيجري التباحث حولها قد تشمل صفقة تبادل أسرى وإقامة مشاريع بنى تحتية تشمل ممراً آمناً إلى الضفة وميناءً بحرياً. لكن البند الوحيد الذي طبّقته إسرائيل هو توسيع مساحة الصيد قبل أن تغلقه. ونقلت إسرائيل رسالة لـ«حماس» أنه فقط مع هدوء كامل سيُسمح بإعادة فتح مجال الصيد ويمكن تحويل الأموال إلى القطاع.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».