استهداف مطار أبها... تصعيد حوثي جديد لتقويض استقرار المنطقة

مطار أبها الدولي
مطار أبها الدولي
TT

استهداف مطار أبها... تصعيد حوثي جديد لتقويض استقرار المنطقة

مطار أبها الدولي
مطار أبها الدولي

دأبت ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران على استهداف المناطق المدنية والمدنيين، التي تعنى بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني، وهو ما يرقى إلى ارتكاب جريمة حرب بطريقة ممنهجة، سواء كانت بالصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، أو الطائرات المسيرة المفخخة، التي تزودهم بها طهران.
واستهدفت ميليشيات الحوثي الانقلابية، صباح اليوم (الأربعاء) مطار أبها الدولي (جنوب السعودية)، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف «تحالف دعم الشرعية في اليمن» العقيد الركن تركي المالكي، سقوط مقذوف معادٍ (حوثي) بصالة القدوم في مطار أبها الدولي، الذي يمر من خلاله يومياً آلاف المسافرين المدنيين من مواطنين ومقيمين من جنسيات مختلفة، ما أسفر عن إصابة 26 شخصاً.
ويشكل استهداف الحوثيين للمطارات السعودية، والمنشآت النفطية في الآونة الأخيرة تهديداً كبيراً ليس للسعودية فقط، بل للاقتصاد العالمي كذلك، ورغم تواصل الهجمات منذ سنوات، فإن سياقها الحالي والمرتبط بالتوتر في الخليج بين واشنطن وطهران التي تقدم دعماً عسكرياً نوعياً للحوثيين، بتهريب الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة، يقوض الجهود الرامية لإرساء السلام في المنطقة، آخرها الكثير من الخروقات لاتفاقات السويد.
وبدأت الهجمات الحوثية في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2015، عندما أعلن التحالف أن القوات الجوية السعودية اعترضت صواريخ باليستية داخل أراضيها، من خلال إطلاق صاروخ «سكود» تجاه القاعدة الجوية في مدينة خميس مشيط، وقبله أعلن التحالف سقوط صاروخ بمنطقة زراعية في جازان دون أن ينفجر، وتضم المناطق الحدودية نجران وجازان وعسير.
وشهد عام 2017 تطوراً نوعياً بإعلان الحوثيين عن صاروخ باليستي طراز «بركان 2»، وهو الصاروخ الذي بدأت من خلاله الميليشيا الإرهابية قصف أهداف في الرياض، جميعها فاشلة وتم اعتراضها وإسقاطها في مناطق غير مأهولة بالسكان.
وفي يوليو (تموز) من العام نفسه، أعلن الحوثيون إطلاق صاروخ باليستي بعيد المدى لأول مرة على منشآت نفطية في محافظة ينبع، غرب البلاد، فيما نفى التحالف إصابة مصافي النفط.
إلى جانب ذلك، كان الهجوم الصاروخي الأشهر للحوثيين تجاه الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، عندما أعلنت الميليشيا الانقلابية إطلاق صاروخ «بركان 2» باتجاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض، بعملية تم اعتراضها من قبل الدفاعات الجوية السعودية.
وشكّل العام ذاته، لحظة فارقة أخرى في التصعيد الحوثي، عندما أعلن الحوثيون حصولهم على طائرات مسيرة من دون طيار، وعرضوا طرازات مختلفة، هجومية وتجسسية، استخدمت في هجمات بمناطق قريبة من الحدود بشكل محدود، وفيما أحبط التحالف الذي تقوده السعودية تلك الهجمات، أعلن الانقلابيون خلال عام 2018 أنهم استهدفوا مطارَي أبوظبي ودبي في الإمارات، وسط نفي للأخيرة.
ومع بدء عام 2019، بدا واضحاً أن هذه الطائرات باتت على درجة من الخطورة باستهداف قاعدة العند الجوية في محافظة لحج جنوب اليمن، ومحاولة استهداف سيئون في أبريل (نيسان) المنصرم، لكن الهجوم الذي استهدف محطتي خط أنابيب في السعودية، يعد الأقوى وغير المسبوق في تاريخ الهجمات الحوثية باتجاه الأراضي السعودية. ولم يتوقف الاستهداف الحوثي للمنشآت الحيوية السعودية عند المصافي النفطية بل عاود الكرّة مرة أخرى خلال يومين عندما حاول الوصول إلى مطار نجران.
التحالف بقيادة السعودية في اليمن، اتهم مباشرة «الحرس الثوري» الإيراني بتزويد ميليشيا الحوثي الانقلابية بـ«قدرات نوعية» من صواريخ باليستية وطائرات من دون طيار تمكنّهم من استهداف أماكن داخل السعودية.
وعلى إثر التصعيد الأخير، قال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إنّ «الميليشيات الحوثية حصلت على قدرات نوعية لا يمكن لأي ميليشيا في العالم أن تحصل عليها»، في إشارة إلى الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
وقال المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن إن ميليشيات الحوثي تتلقى التعليمات من حرس إيران الثوري، مشيراً إلى أن هجمات الحوثي لا تهدد السعودية فقط ولكن الاقتصاد العالمي، وأن جهود التحالف تحمي مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر.
وعلى وقع استهداف مطار أبها الدولي اليوم، أكد المالكي على «أن قيادة القوات المشتركة للتحالف وأمام هذه الأعمال الإرهابية والتجاوزات غير الأخلاقية من الميليشيا الحوثية الإرهابية ستتخذ إجراءات صارمة، عاجلة وآنية، لردع هذه الميليشيا الإرهابية، وبما يكفل حماية الأعيان المدنية والمدنيين، وستتم محاسبة العناصر الإرهابية المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لهذا الهجوم الإرهابي وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية».


مقالات ذات صلة

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.