موسكو تدعو إلى نقاش دولي حول أثر تطوير المهارات التقنية في التنمية المستدامة

دراسات: الاقتصاد العالمي يفقد 5 تريليونات دولار بسبب شح الخبرات

موسكو تدعو إلى نقاش دولي حول أثر تطوير المهارات التقنية في التنمية المستدامة
TT

موسكو تدعو إلى نقاش دولي حول أثر تطوير المهارات التقنية في التنمية المستدامة

موسكو تدعو إلى نقاش دولي حول أثر تطوير المهارات التقنية في التنمية المستدامة

دعت روسيا إلى نقاش عالمي حول ضرورة تطوير آليات التدريب المهني والتقني لسد «الفراغ» في هذا المجال، وتفادي تداعياته السلبية على التنمية الاقتصادية؛ إنْ كان على مستوى الدول، أو على المستوى العالمي بشكل عام.
ويزداد الاهتمام الدولي بهذه القضية؛ الأمر الذي عبرت عنه منظمات دولية في أكثر من تقرير ولقاء. كما أطلقت بعض الدول؛ ومنها السعودية، برامج خاصة للتدريب التقني والمهني في إطار رؤية اقتصادية شاملة تضمن مشاركة جميع الفئات في العملية الإنتاجية، والحد من البطالة في آن معاً.
هذه القضية كانت حاضرة على جدول أعمال «منتدى بطرسبورغ الاقتصادي»، الذي خصص جلسات لبحثها نهاية الأسبوع الماضي، بمشاركة عدد كبير من المسؤولين الرسميين وممثلي قطاع الأعمال المشاركين في المنتدى. وفي مداخلة له بهذا الصدد، خلال جلسة تحت عنوان: «ضمان التوظيف للانتقال إلى اقتصاد المستقبل»، دعا أليكسي ليخاتشوف، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «روساتوم»، إلى حوار دولي بمشاركة كبار السياسيين والشركات الكبرى في مجال طرح فرص العمل، والمؤسسات الرائدة عالمياً في مجال العلوم والتعليم والتدريب التقني، بغية بحث خطوات التنفيذ العاجل لمقترحات ترتكز على تنمية مهارات الأفراد، يمكن أن تساعد في «سد الفجوة» العالمية المزدادة في المهارات وتفاقم نقص الخبرات التقنية حول العالم.
ووفق دراسة حديثة أعدتها «روساتوم» بالتعاون مع اتحاد «المهنيين الشباب» الروسي ومؤسسة «بي سي جي» الدولية العاملة في مجال توظيف الخبرات المهنية والعلمية في السوق، وجرى عرضها في المنتدى، فإن نحو 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العالم، أو ما يعادل 5 تريليونات دولار، يتم فقدانها بسبب هذه المشكلة.
وفي عرضه لأسباب هذه المشكلة، قال ليخاتشوف إن فكرة التجارة الحرة ساهمت في تنمية الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن «الوتيرة المتسارعة للعولمة والثورة الصناعية والرقمية تجبر اليوم كثيرين على التخلف عن الركب وعدم مواكبة التطور العلمي والفني اللازمين لتحقيقها»، وعبر عن قناعته بأنه «اليوم حان الوقت للعمل حتى يلحق الجميع بالركب ويواكب التطور ويجاري تلك الوتيرة المتسارعة». وأضاف: «لقد وجدنا بالفعل المجموعة الصحيحة من المبادئ، وذلك بفضل دراسة مشتركة مع مبادرة (ميشون تالنت) (Mission: Talent)»، واقترح أن يجري النقاش الدولي حول مسألة التدريب المهني والتقني على هامش فعاليات «المسابقة العالمية للمهارات»، المرتقبة في العاصمة التترية قازان نهاية أغسطس (آب) المقبل.
واتفق المشاركون في جلسة «ضمان التوظيف للانتقال إلى اقتصاد المستقبل» على مجموعة مبادئ ترتكز عليها استراتيجية تنمية مهارات الأفراد. وأكدت تلك المبادئ على «المهارات المستقبلية وتوفيرها للجميع»؛ أي إنه يجب أن يكون كل شخص مجهزاً بالمهارات الأساسية المستقبلية؛ بما في ذلك المهارات المعرفية والاجتماعية والثقافية والرقمية. وكذلك «التمسك بتنمية الذات وتنمية المهارات الشخصية»؛ حيث لكل شخص الحق في اتباع مسار مهني فريد من نوعه أثناء مرحلة التطوير المهني. وثالثاً: «توفير سوق عمل قائمة على مبدأ الشفافية»؛ إذ يجب أن يكون الوصول إلى المعلومات حول الوظائف الشاغرة سهلاً في جميع أنحاء العالم؛ بحيث تتم عملية التوظيف بحسب المهارات والخبرات، بغض النظر عن التعليم أو الجنس أو العرق أو الحالة الاجتماعية أو الصحة البدنية. ورابعاً: «إيجاد المرونة اللازمة في عملية التنقل الوظيفي»، أي يجب أن يكون هناك تنقل وظيفي سلس وتوفير سبل التوظيف في الأماكن النائية وجعلها متاحة للجميع، بغض النظر عن مكان الإقامة. وخامساً وأخيراً: «احترام تنوع القيم في مكان العمل، وإتاحة ظروف عمل وفرص متساوية للجميع لتحقيق إمكاناتهم».
يذكر أن المملكة العربية السعودية واحدة من الدول التي تولي اهتماماً خاصاً لموضوع التدريب المهني. ووفق التقرير السنوي عن «المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني» في السعودية، فإن هذا التدريب أحد أهم متطلبات سوق العمل المحلية والعالمية، وواحد من أهم سبل تحقيق الريادة التي تكفل الاستقلالية والاكتفاء الذاتي من المهارات. وتهدف المملكة، بحسب التقرير، إلى القيام بالأبحاث والمشاريع الضرورية لمتابعة التطورات التقنية العالمية وتحقيق الأهداف المرتبطة بسوق العمل، كخفض معدل البطالة إلى 9 في المائة، وارتفاع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 إلى 35 في المائة، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 30 في المائة؛ لذا فقد وضعت «المؤسسة» خطة عامة للتدريب وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء السعودي لتنفيذها في الفترة ما بين 2018 و2030. وتضمنت الخطة كثيراً من المبادرات في 2018 لتحقيق الأولويات الاستراتيجية؛ منها تقديم تدريب ذي جودة عالية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.