من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.


مقالات ذات صلة

فنادق سافوي شرم الشيخ... وجهة فاخرة للضيافة والترفيه لزوار الخليج

عالم الاعمال فنادق سافوي شرم الشيخ... وجهة فاخرة للضيافة والترفيه لزوار الخليج

فنادق سافوي شرم الشيخ... وجهة فاخرة للضيافة والترفيه لزوار الخليج

تقدم مجموعة فنادق ومنتجعات سافوي شرم الشيخ تجربة إقامة فاخرة تجمع بين الفخامة والخدمات الراقية في قلب واحدة من أبرز الوجهات السياحية على البحر الأحمر.

يوميات الشرق طائرة كونكورد تقلع من مطار هيثرو في لندن (غيتي)

عودة الطائرات الأسرع من الصوت… ماذا يعني ذلك للمسافرين؟

قامت شركة «بووم سوبرسونيك» الأميركية بتحليق طائرتها التجريبية «إكس بي - 1» بسرعة تفوق سرعة الصوت، لتصبح بذلك أول طائرة غير عسكرية يقودها طيار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة شاطئ جميل وجلسات مريحة (الشرق الأوسط)

فنادق شرم الشيخ تنافس... وتجارب جديدة لجذب السياح

تخوض فنادق شرم الشيخ منافسة قوية لاستقطاب السياح من مختلف أنحاء العالم، معتمدة على تنوع خدماتها، وتقديم تجارب إقامة تلبي تطلعات الزوار

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ )
سفر وسياحة أماكن غريبة لإقامة حفلات الزفاف (رويترز)

أماكن غريبة ولكن رائعة يمكنك إقامة حفل زفافك فيها

يسلط موقع «BBC Bitesize» الضوء على 5 أماكن غريبة ورائعة يمكن أن تستضيف حفل زفافك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق التمشية على النيل نزهة منخفضة التكلفة (الشرق الأوسط)

مصر: محدودو الدخل بوسعهم الحصول على الترفيه رغم الغلاء

رغم الغلاء ما زال محدودو الدخل في مصر قادرين على اقتناص أوقات ممتعة بأقل التكاليف.

رحاب عليوة (القاهرة )

«جي إي إيروسبيس» تستثمر 10 ملايين دولار في الشرق الأوسط

منشآت تابعة لشركة «جي إي إيروسبيس» للصيانة والإصلاح والعَمرة بالشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
منشآت تابعة لشركة «جي إي إيروسبيس» للصيانة والإصلاح والعَمرة بالشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
TT

«جي إي إيروسبيس» تستثمر 10 ملايين دولار في الشرق الأوسط

منشآت تابعة لشركة «جي إي إيروسبيس» للصيانة والإصلاح والعَمرة بالشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
منشآت تابعة لشركة «جي إي إيروسبيس» للصيانة والإصلاح والعَمرة بالشرق الأوسط (الشرق الأوسط)

أعلنت شركة «جي إي إيروسبيس» عن استثمارات بقيمة 10 ملايين دولار في منشأتين تابعتين لها للصيانة والإصلاح والعَمرة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذه الاستثمارات التي جرى إجراؤها في عاميْ 2024 و2025 ستدعم مرافق مركز دعم الطائرات، التابع للشركة، في كل من دبي والدوحة، وذلك من خلال توفير أدوات ومُعدات جديدة وتحسينات في البنية التحتية وتعزيز القدرات التدريبية.

وقالت الشركة المُدرَجة في بورصة نيويورك، والمتخصصة في مجال الدفع والخدمات والأنظمة في مجال الطيران، إن تلك المواقع ستشهد زيادة مقرَّرة بنسبة 30 في المائة في عدد الموظفين، فضلاً عن تخصيص تمويلات لاستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة بالمنطقة، لافتة إلى أن هذه التحسينات تهدف إلى دعم شركات الطيران المحلية بشكل مباشر، من خلال زيادة طاقتها الاستيعابية وكفاءتها التشغيلية، مما يسهم في تعزيز منظومة الطيران بالمنطقة.

وقال عزيز قليلات، الرئيس والمدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا ورابطة الدول المستقلة في شركة «جي إي إيروسبيس»: «تمتلك شركات الطيران في المنطقة خطط نمو طموحة تعتمد على استمرار عمل المحركات وتشغيلها بكفاءة، لذلك ينبغي علينا توسيع قدراتنا في مجال الصيانة والإصلاح والعَمرة لنتمكن من زيادة عدد المحركات التي يجري العمل عليها وزيادة نطاق الخدمات المقدَّمة لها. وتندرج هذه الخطوة في إطار التزامنا بتلبية احتياجات عملائنا المحليين، وتجاوز توقعاتهم خلال هذه المرحلة الحاسمة التي يمر بها قطاع الطيران».

ووفق المعلومات الصادرة اليوم، فإنه، وبفضل الاستثمار في المُعدات والبنية التحتية المتطورة، يُمكن، الآن، تنفيذ مزيد من مهامّ الصيانة السريعة بالقرب من مواقع شركات الطيران بالشرق الأوسط، حيث ستتمكن مرافق مركز دعم الطائرات من تقديم خدمات صيانة أكثر شمولاً لشركات الطيران المحلية.

وأضاف: «تشمل هذه الخدمات الجديدة تحسينات على متانة محرك LEAP* من شركة سي إف إم، وتفكيك الوحدات الرئيسية، وإصلاحات في القسم الساخن للمحرك، مما يسهم في تقليل أوقات التوقف غير المُجَدولة، وتحسين مرونة عمليات الطيران. وباعتبار التدريب أحد العناصر المهمة في هذا الاستثمار، ستستقطب مرافق مركز دعم الطائرات فِرق عمل جديدة ليجري تدريبهم باستخدام محرك تدريبي مجهز بالكامل، مما سيسرع عملية تأهيلهم وزيادة كفاءتهم في تنفيذ عمليات الصيانة وفق أعلى المعايير».

من جانبه، قال أليكس هندرسون، رئيس مركز دعم الطائرات العالمي لدى «جي إي إيروسبيس»: «يعكس هذا الاستثمار التزامنا بتلبية احتياجات عملائنا في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل التحديات المستمرة التي تواجه سلاسل التوريد العالمية، والتي تؤثر على شركات الطيران، فإننا نسعى، بشكل استباقي، لتعزيز قدراتنا لتلبية الطلب المتزايد على الرحلات الجوية. ومن خلال تخصيص هذه الموارد، سنتمكن من تقديم قيمة أكبر لعملائنا».

يأتي هذا الاستثمار في إطار قيام «جي إي إيروسبيس» بزيادة الإنفاق العالمي على الصيانة والإصلاح والعَمرة بقيمة مليار دولار، على مدار عدة سنوات، والتي جرى الإعلان عنها في عام 2024. وتهدف الشركة إلى ضمان أن تتمتع مرافق الصيانة والإصلاح والعَمرة في المنطقة بالقدرة على تلبية الطلب المتزايد على الخدمات، عبر قاعدة «جي إي إيروسبيس» و«سي إف إم» القائمة.

وشهدت منطقة الشرق الأوسط وتركيا ودول رابطة الدول المستقلة حالياً استخداماً واسعاً لمحركات «LEAP-1A» و«LEAP-1B»، حيث تقوم أكثر من عشرين شركة طيران بتشغيل أكثر من 750 محركاً من هذا النوع.

كما تستعدّ «جي إي إيروسبيس» لاستقبال محرك GE9X؛ أكبر وأقوى محرك نفاث للطائرات التجارية في العالم، والذي سيُشغل طائرة بوينغ 777X. وعلى الصعيد العالمي، يحتلّ الشرق الأوسط المرتبة الأولى في الطلب على محرك GE9X.