أفاد مسؤولون أميركيون، أول من أمس، بأن باتريك شاناهان، القائم بأعمال وزير دفاع الولايات المتحدة، اتخذ قراراً بإغلاق التحقيق المطول الذي أشرفت عليه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بشأن حادث كمين النيجر المروع لعام 2017، وموافقاً على المراجعة رفيعة المستوى للنتائج المتوصل إليها سابقاً من حيث توجيه اللوم في الحادث إلى صغار الضباط.
وفيما يتعلق بمطالب نواب الكونغرس وأفراد الأسر بتوجيه المسؤولية إلى كبار القادة، قرر السيد شاناهان قبول ما خلص إليه أحد جنرالات الجيش الأميركي، الذي كلفه في أوائل أبريل (نيسان) الماضي، بمراجعة تفاصيل العملية المشؤومة التي أسفرت عن مصرع 4 من جنود الجيش الأميركي.
وفي خاتمة المطاف، أيد الجنرال روبرت براون، نتائج التحقيقات السابقة التي أجرتها قيادات أفريقيا والعمليات الخاصة بجيش الولايات المتحدة، والتي أوصت بتوجيه اللوم والتوبيخ إلى 8 من عناصر القوات الخاصة وجنرالاً (بنجمتين) من القوات الجوية الأميركية.
لكن هناك ضباطاً آخرين من تسلسل القيادة أفلتوا من العقاب، بما في ذلك عقيد بالقوات الخاصة الذي كان مسؤولاً عن مهام العمليات الخاصة في شمال غربي أفريقيا في تلك الأثناء.
وقال والد الرقيب داستن رايت، أحد الجنود الذين لقوا حتفهم في الكمين، في مقابلة أجريت معه الأربعاء الماضي، إنه يشعر بغضب شديد لما خلصت إليه مراجعات التحقيقات النهائية.
وأضاف الوالد أرنولد رايت قائلاً: «لم ينتهِ الأمر بالنسبة لي. وهناك المزيد في الأيام المقبلة. يعتقدون في الجيش أن الأمر مغلق بالفعل، ولكنه في مراحل البداية المبكرة»، مضيفاً أنه سوف يطالب الكونغرس بإجراء المزيد من التحقيقات في الأمر.
وأطلع المسؤولون في الجيش، السيد رايت وغيره من أقارب الجنود المتوفين، على نتائج المراجعات في فورت براغ بولاية نورث كارولينا، يوم الأربعاء الماضي. وقال السيد رايت معقباً إنه يشعر بإحباط كبير من الوقت الذي استغرقته القيادة في استكمال المراجعات (20 شهراً)، التي يعتقد أنها انتهت من دون استعداد المسؤولين العسكريين لها على النحو الواجب.
وقال النائب روبين غاليغو، الديمقراطي من ولاية أريزونا، والضابط السابق في مشاة البحرية الأميركية، والعضو الحالي في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، إن توجيه اللوم بالكامل إلى صغار الضباط فقط هو محاولة لتقليص حجم المسؤولية عن الحادث.
وأضاف السيد غاليغو قائلاً: «عندما تنخرط القوات الأميركية في عملية قتالية، يحتاجون إلى الثقة في حصولهم على العتاد المناسب، وأن المهمة التي يشاركون فيها قد خضعت للتقدير السليم، وأن كبار الضباط لن يتخلوا عنهم إن اشتدت الأمور».
ودافع السيد شاناهان عن تحقيقات الجيش الأميركي المتعددة في هذا الحادث، الذي تُركت فيه وحدة صغيرة من الجنود الأميركيين غير المجهزين بدرجة مناسبة والمدعومين بشكل سيئ في تلك المنطقة من أفريقيا، في مواجهة أكثر من 100 مقاتل من العناصر الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال السيد شاناهان، في بيانه، «إنني مقتنع تماماً بأن كافة النتائج، والمنح، وإجراءات المساءلة، كانت على القدر الواجب من الشمول والملائمة».
وأثار مقتل الجنود الأربعة: الرقيب أول جيريميا دبيلو. جونسون، والرقيب براين سي. بلاك، والرقيب لا ديفيد جونسون، والرقيب داستن رايت، حالة من الجدال الشديد حول المهام العسكرية الأميركية السرية في ميادين القتال النائية والبعيدة للغاية، والتي سرعت من وتيرة الانسحاب التدريجي للقوات الخاصة الأميركية من غرب أفريقيا.
وبعد مرور نحو العامين على ذلك الكمين، الذي يعد أكبر خسارة يُمنى بها الجيش الأميركي في القتال في أفريقيا منذ كارثة «سقوط المروحية بلاك هوك» في الصومال عام 1993، لا يزال كبار القادة العسكريين الأميركيين يواصلون الجدال حول كيفية توجيه وتوزيع اللوم، وحول من يجب أن يتحمل المسؤولية وحده. واشتكى العديد من ضباط وجنود القوات الخاصة العاملين، بصورة سرية، من أن كبار الضباط لا يخضعون للمساءلة مثل غيرهم.
ومهد الانتهاء من مراجعات الجنرال روبرت براون، الطريق أمام عائلات الجنود القتلى لتسلم أوسمة الشجاعة - من الطبقة الفضية والبرونزية - فضلاً عن نسخ منقحة من التحقيقات الأولية، التي أشرفت القيادة الأفريقية بجيش الولايات المتحدة على إصدارها. وما بين التوصيات والموافقات، قرر الجيش الأميركي إصدار الأوسمة من الطبقات الأدنى إلى بعض الجنود من دون تفسير واضح، وذلك وفقاً لإفادة أحد ضباط الجيش من المطلعين على مجريات الأمور.
وخلصت تلك التحقيقات، التي جاء ذكر نتائجها في موجز تنفيذي غير سري صادر في مايو (أيار) لعام 2018، إلى وجود مشكلات كبيرة في جميع أوجه ومستويات عمليات مكافحة الإرهاب ذات الصبغة العسكرية. غير أنها ركزت بصورة خاصة على تصرفات صغار الضباط التي أسفرت عن وقوع الكمين، الذي أسفر عن مقتل 4 جنود نيجيريين، فضلاً عن مترجم فوري مرافق للقوات.
وقدمت وزارة الدفاع الأميركية نسخاً من التقرير المنقح، البالغة عدد صفحاته 176 صفحة، إلى المراسلين والصحافيين يوم الأربعاء. ولا يتضمن التقرير أي إفصاحات ذات شأن تميزه عن الموجز التنفيذي الصادر من قبل، ولكنه قدم تفاصيل جديدة لروايات عسكرية اعتبرت غير وافية وغير متسقة، لدى المجالين العام والخاص، منذ الأيام الأولى اللاحقة على حادثة إطلاق النار المذكورة.
ووصف القادة العسكريون الأميركيون، العملية، بأنها مهمة استطلاع روتينية. وفي واقع الأمر، تعرض الفريق الذي يضم 11 رجلاً، بعيدين كل البعد عن القاعدة ويفتقرون للدعم الجوي المناسب، لكمين نصبه أكثر من 100 مقاتل من المسلحين الموالين لتنظيم «داعش» الإرهابي، وذلك بعد قرار كبار الضباط، مرتين، تغيير طبيعة المهمة لتلك التي تحمل القدر الأكبر من المخاطر على حياة الجنود.
وقال النقيب مايكل بيروزيني، قائد فريق القوات الخاصة الذي وقع في الكمين، لقادته أثناء التحقيقات، إن فريقه من الجنود الأميركيين والنيجيريين كانت بحوزتهم المعدات اللازمة أو المعلومات الاستخبارية الضرورية لتحويل المهمة من الاستطلاع إلى تنفيذ الغارة غير المخطط لها مسبقاً على الميليشيا الإرهابية المحلية، وطلب من القيادة العودة إلى القاعدة، وذلك وفقاً لجزء سري متسرب من التحقيقات.
* خدمة «نيويورك تايمز»
«البنتاغون» ينهي تحقيقات في كمين النيجر ويوجه اللوم لصغار الضباط
عملية مشؤومة نفذها «داعش» أسفرت عن مصرع 4 من جنود الجيش الأميركي
«البنتاغون» ينهي تحقيقات في كمين النيجر ويوجه اللوم لصغار الضباط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة