«قابيل»... دراما بوليسية تنتصر للخير صنعت باحترافية

تفوق على مستوى السيناريو والتمثيل والإخراج والصورة

مخرج المسلسل مع أبطال العمل في الكواليس
مخرج المسلسل مع أبطال العمل في الكواليس
TT

«قابيل»... دراما بوليسية تنتصر للخير صنعت باحترافية

مخرج المسلسل مع أبطال العمل في الكواليس
مخرج المسلسل مع أبطال العمل في الكواليس

في سياق بوليسي مثير، نجح صناع مسلسل «قابيل» في اجتياز الموسم الدّرامي لهذا العام بعمل جديد شكلاً ومضموناً ومغايراً على كافة المستويات ليأخذ الدراما البوليسية العربية لمستوى جديد.
تبدأ أحداث المسلسل بالتحقيق في جريمة قتل فتاة تدعى سما، تلعب دورها أمينة خليل، بعد أن نشر حساب على «فيسبوك» باسم قابيل والحساب يضع صورة جمجمة بشرية كبروفايل.
هنا يبدأ ضابط المباحث طارق بالتحري في القضية ويلعب دور طارق الفنان محمد ممدوح الممثل البارع الذي ينقل لنا تفاصيل الشّخصية بكل جوارحه رغم مشكلة مخارج ألفاظه وصعوبة التنفس التي تلازمه وتؤثر على أدائه في الحوار، لكنّه يحقّق لنفسه مكانة جديدة في عالم الدراما. يحاول الضابط الذي لا نعلم إن كان يعاني حالة نفسية أو هلاوس بالتحري من ثمّ تظهر له سما في صورة شبح تحدثه في المرآة وتحثه على كشف حقيقة جريمة القتل، ثم تحدث جريمة خطف آدم ويؤديه باقتدار الفنان محمد فراج الذي يبهر جمهوره عاماً بعد عام بتمكنه من تفاصيل كل شخصية يؤديها، إذ يتوحد معها ويبرز خباياها، شخصية هذا العام بالرغم أنّها ليست جديدة على فراج لكن أداءه كان بارعاً؛ فلم يكرر نفسه بل غاص بنا في أعماق شخصية مدمن سابق يساعد المدمنين على التعافي من منطلق خبرته، ويتحوّل لسفاح يرتكب جرائم قتل متسلسلة ليتخلص من أبرياء وأشرار في آن واحد، وذلك على خلفية جرح نفسي يقوده لهذا السلوك، فهو مبعد تماماً من أسرته ويحاول أن ينتقم من الجميع.
ونظراً لأنّ السياق الدرامي يدور في فلك جرائم تبث عبر الإنترنت، يعتمد الضابط طارق على ضابط متخصص في الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات محاولاً البحث عن صلة بين سما وآدم، وهو الضابط عبد الرحمن ويلعب دوره الفنان الصاعد علي الطيب الذي نال استحسان الجميع بأداء متقن لدوره والتمثيل التلقائي الذي يمتع المشاهد دون مبالغة في التعبيرات أو الانفعالات فهو يقنعك بأريحية تامة بدوره.
وما بين الإيهام والحقيقة تتوالى أحداث المسلسل وتتوالى الجرائم ومن بينها جريمة يحاول فيها قابيل توريط الضابط نفسه وهنا يسلّط صناع العمل الضوء على نفسية الضابط المنهكة من البحث في جرائم القتل ويتلاعب بالمشاهدين ويحيرهم حول تورطه أو نزاهته، من خلال تعزيز الشك في الضعف الإنساني وسيكولوجية الشر الكامنة في كل إنسان ورغبته في التخلص من أعدائه، وهذا أمر يحسب لكتاب السيناريو والحوار الذي يعكس تعمقهم في دراسة كل شخصية من شخصيات المسلسل، وهو ما لمسناه في تخطيط تتابع المسلسل وعدم وجود تناقض بين سمات كل شخصية وتصرفاتها وجملها الحوارية طوال العمل.
تركز الدراما على الصّراع بين الخير والشر ولكن بطريقة متشعبة يجب أن نشيد بالتركيز على الصدامات النفسية وربطها بتسلسل الأحداث، فالخط الدّرامي هنا مترابط يشد مع الأحداث دائماً للأمام بتقدم حثيث ومحسوب بدقة تجعل المشاهد يرتبط بالعمل حتى آخر حلقة وهو ما افتقدناه في دراما 2019 ويحسب أيضاً لقابيل.
نكتشف مع توالي الأحداث أن قابيل هو آدم، وهو حي لم يقتل كما أوهمنا المسلسل في بداية الحلقات ليتابع إثارة المشاهدين، الذي يحاول توريط الضابط طارق في عدة جرائم يرتكبها مما يؤدي لصراع مزدوج بين الضابط طارق وزملائه عادل وعبد الرحمن، وبين طارق وقابيل. يتابع المشاهد في كل حلقة مجموعة من الأحداث والتفاصيل المترابطة التي تجسد لعبة «القط والفأر» بين طارق وقابيل، ليكتشف المشاهد أن قابيل هو آدم ولم يتوف عبر مشهد فلاش باك في الحلقة الـ25. وكشف أنّه دبر كل الجرائم بمشاركة سما وشيماء اللتين لعبتا معه دور الضحايا ضمن ضحايا آخرين بثت جرائم قتلهم «لايف» على «فيسبوك». سما التي لعبت دورها أمينة خليل باحترافية عالية تكشف كيف يمكن أن تؤثر أحداث الطفولة بحلوها ومرها على شخصية الإنسان، بإتقانها للنّظرات وتحكمها في الإيماءات ولغة الجسد؛ إذ نتعرف على الجرح النفسي الذي يحركها في طريق الشر والجريمة على خلفية تذكرها لمقتل والدتها على يد والدها بعد أن اكتشفت الأم خيانة الزوج. شخصية جديدة تضاف لرصيدها الفني وترشحها بقوة لبطولات مطلقة.
وجاءت نهاية المسلسل بمقتل آدم أو قابيل في مشهد ذروة رائع بعد أن أصابه في قدمه ثم ينهار آدم أو قابيل القاتل، لكنّه لا يستسلم بل يطلق الرّصاص على الضابط ويتركنا المخرج لدقائق حائرين حول النهاية لنجد الحقيقة تتكشف، ففي النهار تأتي الشرطة لتجد قابيل غارقاً في المياه بينما طارق لا يزال يتنفس، وقد أفاق ليطمئن أنه أدى مهمته في القضاء على هذا السفاح معلناً انتصار الخير على الشر، فيما تهرب سما بقارب عبر هجرة غير شرعية. والنهاية تستجمع كل منعطفات العمل لتصل إلى الحل بمنطقية من دون فوضى درامية أو ترهل في الأحداث.
من الناحية التقنية والإخراجية فالعمل جاء بصورة سينمائية متفوقاً على كثير من مسلسلات هذا العام من حيث اختيار زوايا التصوير والكادرات والإضاءة بمستوى يضاهي المستوى العالمي. استطاع المخرج الشاب كريم الشناوي أن يحقق نقله نوعية فيما يخص المسلسلات البوليسية وخلق حالة سيكولوجية تدمج معها المشاهد ليتوحد مع أبطال العمل ويعيش أجواء الغموض والخوف والقلق. وأن يجعل كل ممثل يحقق المطلوب من الدور In Cast بلغة السينما فالكل قام بدوره في بطولة جماعية وصلت للعمل إلى بر الأمان.
ربما العيب الأبرز أو مشكلة المسلسل التي أرهقت المشاهدين تمثلت في هندسة الصوت، فأصوات الفنانين غير واضحة ناهيك عن ارتفاع الموسيقى التصويرية عن أصوات الفنانين، كما أنّ الموسيقى في حد ذاتها ترتكز على ثيمة مكرّرة ومستهلكة لا يشعر المشاهد أنّها متميزة أو تخصّ المسلسل. وأيضاً كثرة مشاهد القتل وطرق التعذيب وبعض الألفاظ التي أثارت حفيظة لجنة مشاهدة الدراما في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لكن بوجه عام يمكن القول إنّ العمل استحق المشاهدة والوقت الذي أمضاه المشاهد في انتظار انتهاء الفواصل الإعلانية الطويلة، بل من الأعمال التي تجذب الجمهور لمشاهدتها مرة أخرى بعد انقضاء الشهر الكريم للاستمتاع بتفاصيلها وحبكتها والأهم أداء أبطال العمل.


مقالات ذات صلة

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».