بعد 40 عاماً... حادثة «جهيمان» تحت أنوار الدراما السعودية

بعد 40 عاماً... حادثة «جهيمان» تحت أنوار الدراما السعودية
TT

بعد 40 عاماً... حادثة «جهيمان» تحت أنوار الدراما السعودية

بعد 40 عاماً... حادثة «جهيمان» تحت أنوار الدراما السعودية

حين بدأ ناصر القصبي حياته الفنية قبل ما يقرب من 40 عاماً، سبقه في بدايته بعام على الأقل أبرز حدث على مستوى الحياة بكل تفاصيلها في السعودية، حادثة احتلال «جهيمان» للحرم في مكة المكرمة، لذلك سيكون أداؤه مختلفاً، كان شاهداً ومعايشاً وراصداً تلك التحولات، هو ومَن كتب تفاصيل رواية «بيوت من تراب» الراحل عبد الرحمن الوابلي.
مسلسل «العاصوف» الرمضاني، لم يكن في اليوم الذي انتصفت حلقاته مجرد دراما، لم يكن قصة، وتفاصيل الحياة المعيشية وسكان الرياض في حقبة السبعينات، بدأ يدمج التوثيق بنهج آخر، ما يستحق أن يظهر أو هكذا ما يريده الناس على الأغلب، وفقاً لما جاء من تناثر الردود حول الحلقة، أول من أمس وبالأمس.
وإن كان رمضان الحالي بدأ بخلع عباءة «الصحوة الإسلامية» التي ماجت في المجتمعات، ليالي قليلة، بعدها لتتكشف قصة «جهيمان» من المنظور الجاذب (الدراما)، وهذا يعد أحد المكتسبات التي تتوالى بعد توجه كبير للدولة السعودية على تحقيق التطور في المجالات المختلفة، والتأكيد على سماحة الدين ونزع خطابات التطرف بالقوة.
فطوال تاريخ ما يعرف بحادثة جهيمان، الحدث الذي جاء بعده ما جاء من تحولات فكرية، وأخرى دينية، وتبعها تدثر اجتماعي، مختلف على البلاد، كانت لحظة نبش بعض أوراق التفاصيل، كون سلاح الدراما اليوم يثبت جاذبيته وواقعيته في التأثير.
في مسار العمل الدرامي، أول من أمس، يظهر ناصر القصبي بين الصفوف، التي تنظر للحدث الجلل في الحرم المكي، كان القصبي يشبه حاله قبل عقود، هناك من يخطف الأضواء والأسماع، ويعلن مبايعة من يسميه بـ«المهدي المنتظر»، وفجأة تظهر الأسلحة لإجبار المصلين في باحات الحرم على المبايعة، لأن أشراط الساعة ترى كما يرويها جهيمان أن ساعة القرن الهجري الجديد (1400) حانت، وجاء مجدّدها على رأس كل 100 عام، وهناك مهديه المزعوم.
أسلحة تملأ مساحات نعوش الموتى في الحرم، وتشقّ طريقها نحو عناصر متعددة من أتباع جهيمان المنسجمين مع خطاباته الرنانة، ومن بعدها بدأوا في مواجهة مسلحة مع رجال الأمن بعد أن أخذوا مواقعهم في مآذن الحرم للقنص، والمواجهة رغم تريث الأجهزة السعودية تحسباً لسقوط الضحايا في أقدس مكان لدى المسلمين. جماعة جهيمان وضعت قوتها في منع وإغلاق كل زاوية من زوايا المسجد الحرام المترامي الأطراف، وأغلقت الأبواب كافة التي لم تغلق أبداً.
قصة جماعة جهيمان التي تسمي نفسها «الجماعة السلفية المحتسبة»، كتبت تفاصيل الاعتداء على الحرم المكي، ويحضر جهيمان، الرجل الأول في التاريخ، الذي منع المسجد أن يرفع فيه الأذان لأول مرة في تاريخ الإسلام، نصّب نفسه إماماً وشكّل شرطة موازية، وأنكر مبايعة حاكم البلاد، متأثرين وهو المحرك بأفكار سيد قطب والحاكمية كما تؤكده وقائع ما يعيشونه. ويرى أحمد الناصر، القاصّ السعودي، أن أحد أعمدة العمل الإبداعي في الرواية والنص التلفزيوني والمسرحي تنبع من ثقافة أي بلد وتاريخها، وأن الدور الحقيقي للدراما وأي منتج ينبع من طرح يصنع وعياً بنقد التراث، وكذلك التوعية للمشاهد بما يمليه بالمطلوب منه حضارياً وفكرياً وإنسانياً.
ويرى الناصر، الذي يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن النقلة النوعية للدراما تبرز من خلال النص والأحداث التاريخية؛ حيث إن ضرورة إيصالها للمجتمعات هي ضرورة لمواكبة التطور، سواء في العمل الإخراجي والأدائي وهو ما ينجح مسلسل «العاصوف» برأيه في وضعها، لتكون أمام وعي المشاهدين.
نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 هو يوم جهيمان، الذي احتل الحرم فيه 14 يوماً، سبقه حدث سياسي في قيام الثورة الإسلامية الإيرانية على يد الخميني، وجاء جهيمان ليعطي بُعداً لتحولات المنطقة على كل الأصعدة، لم يكن بعيداً عن تشكلات مرحلة أخرى، قصة جيهمان التي تُعرف بأن حاصرته قوات الأمن السعودية أسبوعين، قبل أن تقبض عليه برفقة أكثر من 60 آخرين تسلموا منهجه وازدادوا تعلقاً فيه عبر منهج «التكفير» الذي كان يفتي به، واستحضرته بقية الحركات المتطرفة من بعده.
هو نجاح لافت لمسلسل «العاصوف» الذي يتطرق الجزء الثاني منه هذا العام لعدد من الأحداث اللافتة، بداية من تشكل الطفرة الاقتصادية، التوسع العمراني، الاهتمام المعرفي والتعليمي، نشاط حركة الابتعاث، كذلك كانت حقبة السبعينات من القرن الماضي في نهايتها ذات النشاط الديني اللافت فيما يعرف بالصحوة الدينية، وكانت ذات سطوة على مختلف المجالات.


مقالات ذات صلة

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».