«القرقيعان»... موروث شعبي في شرق السعودية عنوانه «البساطة»

أهازيج الأطفال تنتقل من الحي الشعبي إلى قاعات الـ5 نجوم

متاجر شرق السعودية تتنافس في التهام حصة من كعكة «القرقيعان»
متاجر شرق السعودية تتنافس في التهام حصة من كعكة «القرقيعان»
TT

«القرقيعان»... موروث شعبي في شرق السعودية عنوانه «البساطة»

متاجر شرق السعودية تتنافس في التهام حصة من كعكة «القرقيعان»
متاجر شرق السعودية تتنافس في التهام حصة من كعكة «القرقيعان»

اعتاد السعوديون من سكان المنطقة الشرقية على الاحتفاء بانتصاف شهر رمضان المبارك، بمناسبة «القرقيعان»، التي تعد موروثاً شعبياً أصيلاً في المنطقة ودول الخليج المجاورة، إلا أن هذا التقليد الذي كان يقام قديماً في الأحياء الشعبية بأقل تكلفة، خلع اليوم عباءة البساطة، وصار مناسبة للبذخ والمباهاة في فنادق الخمس نجوم، وأفنية المنازل التي يُحضر أصحابها الفرق الشعبية التي تصل تكلفة إحيائها لليلة «القرقيعان» إلى 3500 ريال (933 دولاراً).
وقديماً كان الأطفال يطوفون المنازل وهم يرددون الأهزوجة الشهيرة: «قرقيعان، قرقيعان، بيت قصير ورمضان، عاد عليكم الصيام، كل سنة وكل عام». حيث يطرقون الأبواب وبأيديهم أكياس قماشية لتعبئتها بـ«القرقيعان»، الذي هو عبارة عن خليط بين الحلوى والمكسرات. أما اليوم فتصل علب وأكياس «القرقيعان» إلى أيدي الأطفال بشكلها الفاخر، الذي تتنافس فيه كل أسرة، وبداخل بعضها جنيهات ذهبية، ومكتوبة أسماء أصحابها لدى خطاط، أو باستخدام التقنية وتصاميم «الغرافيكس» المبهرة.
وتبدو هذه النّقلة التي تعيشها عادة «القرقيعان» انعكاساً للغة العصر، فأصبح لزاماً على كل أسرة أن تُجهّز بطاقات الدعوة بشكل مسبق، وتحرص على وضع «فلتر» خاص للمناسبة عبر تطبيق «سنابشات»، وأحياناً يستدعي الأمر إحضار مصوّر لتوثيق الحفل بالصورة والفيديو، وهي أمور لم تكن معروفة في السابق، الأمر الذي جعل «القرقيعان» مناسبة للتنافس على كل شيء: التقديمات، والجلابيات، والألبسة التراثية، والعروض الشّعبية المصاحبة.
وعلى الرغم من كون «القرقيعان» مناسبة أصيلة عند أهالي المنطقة الشّرقية من السعودية، وغالبية دول الخليج العربي، وكذلك جمهورية العراق؛ حيث تلقى اهتماماً كبيراً على اعتبار أنّها عادة سنوية تتوارثها الأجيال، وتعتبر من العادات الحميدة في شهر رمضان المبارك، لكونها تعزّز جوانب مهمة في الترابط بين الأسرة وأبناء الأحياء، فإنها لا تخلو من السلبيات التي في مقدمتها التبذير والتكلف.
ويجد قطاع التجزئة في المنطقة الشرقية فرصة كبيرة في استثمار توجه المجتمع نحو التباهي باحتفالات «القرقيعان»، من خلال التنافس على تقديم المنتوجات المتعلقة بالمناسبة، إذ سيطرت طقوس «القرقيعان» على عروض متاجر الكماليات. ودخلت محلات «الهايبر ماركت» على خطى المنافسة في الدمام والخبر والظهران والقطيف، من خلال صناعة «التوزيعات» وبيعها، وهي التي تُقدّم للأطفال والكبار أثناء حفل «القرقيعان»، وذلك رغبة من هذه المتاجر في التهام حصّة من الكعكة الدسمة لـ«القرقيعان» هذه الأيام.
تُضاف إلى ذلك عروض المطاعم والمقاهي، التي أعلنت في اليومين الماضيين دعوات إقامة «القرقيعان»، ودعت زبائنها للاستمتاع بعروض الفرق الشعبية والأهازيج القديمة، وتذوّق «القرقيعان» في مواقعها. والأمر ذاته في مراكز التسوق، ففي الدّمام أقام مجمع «الواحة» التجاري حفل «القرقيعان» على مساحة كبيرة، وفي الخبر حدث الأمر ذاته، في مجمع «الراشد» التجاري، ومراكز تجارية أخرى استقطبت الزوار من بوابة «القرقيعان».
وبالعودة إلى خلفية تسمية المناسبة بـ«القرقيعان»، نجد أن الآراء تختلف في أسبابها. هناك من يقول إن الاسم مأخوذ من اللغة العربية (قرع الباب) إذ يقرع الأطفال الأبواب للحصول على هديتهم؛ سواء كانت من المواد الغذائية أو الألعاب، أو حتى الأموال النقدية ممن يشاركونهم هذه الفرحة.
وعلى ما يبدو فإن هذه الاحتفالية جذبت السعوديين من بقية المناطق لتجربتها، إذ وصلت ثقافة «القرقيعان» إلى مناطق أخرى صارت تحاول محاكاة هذه العادة، وتجربة الاحتفال بها؛ خصوصاً أنّها مناسبة مليئة بالبهجة والفرح، إذ يعمد الأولاد للبس الثوب والصدرية الشعبية فوقه، بالإضافة إلى النعال الشعبية، أما البنات فيلبسن الدراعات والبخنق، وهي أقمشة بألوان مختلفة، ومطرزة مع الترتر الذي يُوضع على الرأس، وهي طريقة لكسر الروتين وتقاسم الصور التذكارية في أجواء تراثية أصيلة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.