الصين: الأثر الاقتصادي للتوترات التجارية مع أميركا «قابل للسيطرة»

الصين: الأثر الاقتصادي للتوترات التجارية مع أميركا «قابل للسيطرة»
TT

الصين: الأثر الاقتصادي للتوترات التجارية مع أميركا «قابل للسيطرة»

الصين: الأثر الاقتصادي للتوترات التجارية مع أميركا «قابل للسيطرة»

قالت الهيئة الحكومية المعنية بالتخطيط في الصين أمس الجمعة، إن النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة كان لها بعض الأثر على اقتصاد بكين، لكن الأثر «قابل للسيطرة» وإنه سيجري اتخاذ تدابير مضادة حين تقتضي الضرورة «لإبقاء العمليات الاقتصادية ضمن نطاق مقبول».
جاء التقييم الصادر عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح خلال مؤتمر صحافي عُقد في بكين. وأعلنت الصين عن نمو ضعيف مفاجئ في مبيعات التجزئة والناتج الصناعي في أبريل (نيسان) يوم الأربعاء، مما يعزز الضغوط على بكين لتطبيق المزيد من الحوافز مع تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» أمس، نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه، أن مسؤولا كبيرا في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين قال إن النزاع التجاري مع الولايات المتحدة قد يقلص وتيرة نمو الصين هذا العام نقطة مئوية.
وقالت الصحيفة إن وانغ يانغ، عضو اللجنة الدائمة بالحزب الشيوعي الصيني التي تضم سبعة أعضاء، أبلغ وفدا من رجال الأعمال التايوانيين الذين تتخذ شركاتهم من الصين مقرا لها إنه وفقا لأسوأ تصور فإن الحرب التجارية ستُخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي نقطة مئوية هذا العام. وحددت بكين هدفا للنمو يتراوح بين ستة و6.5 في المائة لعام 2019.
غير أن بيانات من وزارة الزراعة الأميركية نشرت يوم الخميس أظهرت أن مشترين صينيين ألغوا طلبيات لشراء 3247 طنا من لحوم الخنزير الأميركية في نفس الأسبوع الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن زيادات حادة في الرسوم الجمركية على بضائع صينية.
وهذا هو أكبر إلغاء لطلبيات الشراء في أكثر من عام، وحدث في الأسبوع المنتهي في التاسع من مايو (أيار). وهو ضربة لسوق التصدير البالغ قيمتها 6.5 مليار دولار للحوم الخنزير الأميركية.
وقبل تفجر الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، كانت الصين وهونع كونع مجتمعتين ثاني أكبر سوق لصادرات لحوم الخنزير الأميركية.
وألمحت وسائل الإعلام الرسمية في الصين إلى تراجع الاهتمام باستئناف المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة في ظل التهديدات الحالية بزيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية، فيما ذكرت الحكومة الصينية أنه سوف يتم زيادة إجراءات التحفيز الاقتصادي لحماية الاقتصاد المحلي.
وأوردت وكالة بلومبرغ للأنباء تعليقا للمدون الصيني تاوران نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) وصحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم، وجاء فيه أنه من دون اتخاذ إجراءات جديدة تظهر إخلاص الولايات المتحدة، فإنه من غير المجدي أن يأتي المسؤولون الأميركيون إلى الصين لإجراء محادثات تجارية.
وذكر متحدث باسم وزارة التجارة الصينية الخميس أنه لا توجد معلومات بشأن توجه مسؤولين أميركيين إلى بكين لإجراء مزيد من المحادثات.
ونقلت بلومبرغ عن تشو تشياومينج الدبلوماسي الصيني والمسؤول السابق بوزارة التجارة الصينية أنه «إذا لم تقدم الولايات المتحدة تنازلات بشأن القضايا الأساسية، فليست هناك جدوى من استئناف الصين للمحادثات»، مضيفا أن «موقف الصين أصبح أكثر تشددا ولا توجد عجلة للتوصل إلى اتفاق»، نظرا لأن موقف الولايات المتحدة أصبح منفرا للغاية، والصين لا تساورها أوهام بشأن إخلاص الولايات المتحدة.
وذكر تشو أن المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية استبعد تماما الخميس استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة في القريب العاجل. وقال جاو فينج المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية في تصريحات صحافية إنه يتعين تناول المخاوف الرئيسية الثلاثة للصين قبل التوصل إلى أي اتفاق، مشيرا إلى أن التصعيد الأحادي للتوترات من جانب واشنطن مؤخرا ألحق «ضررا شديدا» بالمحادثات.

المركزي الصيني واليوان
نقلت رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة على خطط البنك المركزي الصيني قولهم إن البنك سيلجأ إلى التدخل في سوق الصرف الأجنبي وإلى أدوات السياسة المالية لمنع اليوان من الهبوط عن مستوى 7 يوان مقابل الدولار المهم في الأجل القريب.
وقال مصدر لـ«رويترز»: «في الوقت الحالي، يمكنك أن تكون مطمئنا بأنه (البنك المركزي) لن يدعه يخترق حاجز 7 بكل تأكيد».
ومن شأن الدفاع عن العملة الصينية عند مستوى 7 يوان مقابل الدولار أن يعزز الثقة في العملة ويهدئ من قلق المستثمرين بشأن حدوث انخفاض حاد في قيمة اليوان، على الرغم من أن تدهور العلاقات التجارية مع واشنطن يجعل من التخفيض التنافسي لقيمة العملة خيارا ملحا بالنسبة لبكين.
وأضاف المصدر: «اختراق مستوى 7 مقابل الدولار سيعود بالنفع على الصين، لأنه سيكون بإمكانها تقليل بعض آثار الزيادات في الرسوم الجمركية، لكن مردود ذلك سيكون سلبيا فيما يخص الثقة في اليوان، وستتدفق الأموال إلى الخارج».
وهبط اليوان إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر (كانون الأول) أمس الجمعة، ليقترب بشدة من حاجز 7 مقابل الدولار الذي لامسه المرة الماضية خلال الأزمة المالية في العام 2008.
وانخفض اليوان ثلاثة في المائة في الشهر الفائت بفعل انحسار الآمال في الوصول إلى اتفاق بشأن الحرب التجارية طويلة الأمد بين بكين وواشنطن.
وعلى الرغم من أن ضعف اليوان سيساهم في دعم المصدرين الصينيين، فإن الانخفاض في قيمة العملة يجب أن يكون كبيرا لتعويض أثر الزيادة في الرسوم الجمركية الأميركية. ويقول مطلعون على السياسات إن مثل هذا الانخفاض قد يغذي بدوره نزوحا لرؤوس الأموال ويقوض الاستقرار الاقتصادي للصين.
وقال مصدر ثان مطلع على تفكير البنك المركزي إن السلطة النقدية في البلاد قد تسمح بهبوط اليوان إلى مستوى 7 يوان مقابل الدولار استنادا إلى عوامل أساسية، لكنها ستتحرك لمنع عمليات بيع العملة على المكشوف بغرض المضاربة.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.