تمكنت فعاليات «مسك جدة التاريخية» التي ينظمها مركز المبادرات بمؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية)، من أن تعيد لزوارها تفاصيل الحياة اليومية التي كانت سائدة قبل هدم سور المدينة القديم في عام 1947، ليعيش الزائر وأفراد أسرته أجواءً رمضانية آسرة في ليالٍ محفوفة بالثقافة والفن والتراث والبهجة.
ونجحت ما يمكن تسميتها «الحناجر الحجازية» في كسر لحظات انتظار الزائرين للفعاليات منذ أن تطأ أقدامهم ما بعد خط بوابة المدينة في العاشرة من مساء كل ليلة، بالجمل الترحيبية الخالدة في ذاكرة المكان بالمجسات والأهازيج الوطنية، وإشعارهم بحيثيات الزمان التليد، حيث ما زالت تلك المعاني الواردة في الأهازيج يتردد صداها بين عموم الجداويين، وهو ما يشبه الأمسية الفنية الحية.
وتحت لوحة ترحيبية كبيرة من «مسك» بالزوار، اصطف فريق «حجازيون» المكون من 9 أعضاء، مرحبين بالضيوف، مبرزين من خلالها صورة «طبق الأصل» لجدة القديمة، ويرتدون أزياء فلكلورية متمثلة في «الثوب والعقال المقصّب»، تيمناً بما كان يرتديه المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - وابناه من بعده؛ الملكان سعود وفيصل رحمهما الله.
وأشار رئيس فريق «حجازيون» أحمد الزبيري، إلى أن الأهازيج والمجسات لا تتوقف على مدار 240 دقيقة متواصلة مدمجة التراث بالفن بالترفيه الهادف، وهو ما جعل المرحبين بزيهم الفلكلوري تحت دائرة توثيق كاميرات هواتف الزوار و«سنابات» الجيل الجديد، الذين يحاولون بجهود ذاتية صرفة أن يوثقوا عبر ذلك الترحيب المتواصل بعضاً مما تبقى من ذاكرة مدينة الثلاثة آلاف عام.
وبين مناطق فعاليات «مسك جدة التاريخية»، كان الفنان خالد الأمير قد شارف على الانتهاء من لوحته الفنية الجديدة التي خلدت ذاكرة بيوت المنطقة، مستلهماً في ذلك المدرسة التشكيلية الواقعية، مشاركاً بإبداع أنامله وفكره الفني في إعادة إحياء المكان الذي يمثل بالنسبة له شريان جدة النابض.
وأتاح معهد مسك للفنون من فعاليات مبادرة «مسك جدة التاريخية» لعدد من الفنانين والفنانات المشاركة بحكاية «تفاصيل هذا المكان» برؤية فنية هادئة انعكست على الزوار الذين لم يجدوا من لغات التواصل فيما بينهم سوى الهمس ونظرات العيون، خشية أن يقطعوا برفع أصواتهم أفكار من جندوا إبداعهم الفني من أجل المكان.
وإذا أرادوا رؤية مغايرة لما هو موجود في بطون كتب التراث عن جدة التاريخية، فما عليهم سوى ثني الركب عند هؤلاء التشكيليين الذين يقصّون حكايتهم عن المكان بطريقة مختلفة وفريدة، فهم كما وصفهم خالد الأمير - رجل التعليم المتقاعد والعاشق للرسم التشكيلي - جنود خيال وإبداع المنطقة والمعززين لهذا التراث الأصيل بكل مكوناته وحيثياته.
بينما باتت «اللوحات تتحدث عن ذاتها»، عبارة تمثل «الإجابة عن الأسئلة الشائعة» التي تجدها في بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة، لكثرة الأسئلة والاستفسارات التي ترد للتشكيليين من الزائرين، عن سبب اختيار هذه الفكرة دون غيرها في اللوحة.
ويعد مكان الفعالية استراتيجياً كونه يتوسط منتصف «مسك جدة التاريخية»، حيث تعبر رسومات أفضل اللوحات الفنية عما تحمله المنطقة في بطنها من جمالية بيوتها ورواشينها دون الحاجة إلى المرشد السياحي ليدلهم على أسرارها.
«مسك جدة التاريخية» تنعش ذاكرة جيل الألفية باللوحات والأهازيج الحجازية
240 دقيقة تشبع ذاكرة المكان بالجمل الترحيبية... والفنانون يخلدون بيوت المنطقة تشكيلياً
«مسك جدة التاريخية» تنعش ذاكرة جيل الألفية باللوحات والأهازيج الحجازية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة