اندماجات المصارف الألمانية محاولة للبقاء وسط منافسة شرسة

اندماجات المصارف الألمانية محاولة للبقاء وسط منافسة شرسة
TT

اندماجات المصارف الألمانية محاولة للبقاء وسط منافسة شرسة

اندماجات المصارف الألمانية محاولة للبقاء وسط منافسة شرسة

دفعت الأزمة المالية العالمية عام 2008 بحكومة برلين إلى إجبار مصرفي «كوميرس بنك» و«دريسدنر بنك» على الاندماج بالقوة. في موازاة ذلك، قام مصرف «دويتشه بنك» بشراء مصرف البريد الألماني «بوست بنك»، في الوقت الذي تتصارع فيه البنوك الألمانية بشراسة على فرص الربح في سوق تتعدد كياناتها المصرفية وتتعاظم فيها المنافسة على العملاء. وتعدّ المصارف الخاصة إحدى القواعد الثلاث الرئيسية التابعة للنظام المصرفي الألماني. مع ذلك، يبقى حجمها أصغر، مقارنة مع المصارف الحكومية أو تكتل المصارف التعاونية. ورغم أزمة بعض المصارف المهمة التابعة للولايات الألمانية مثل مصرف «نورد إل بي»، فإن نقطة التواصل بين القطاع المصرفي الخاص ونظيره الحكومي ما زالت غائبة.
في هذا الصدد يقول المحلل الألماني هانز شيرر، من «المرصد الوطني الاقتصادي» في برلين، إن المصارف الخاصة تخوض حرباً تجارية فيما بينها لتتشاطر حصة صغيرة من الأسواق المصرفية الألمانية. وثمة أسباب عدة تجعل المصارف الخاصة مجبرة على خوض هذه الحرب... فالتحدّيات الهائلة في قطاع الرقمنة والتكنولوجيا المصرفية الإنترنتية، وقواعد الهيئات الرقابية المصرفية الأكثر تشدداً على رؤوس الأموال، إضافة إلى التباطؤ الاقتصادي المسجل حالياً، تزرع العداوة بين المصارف الخاصة وتجعل بعضها يحارب بعضاً داخل حلبة ضيقة. ويضيف أن هامش «التكلفة مقابل العائدات» في ألمانيا الأعلى أوروبياً. فمن أجل جني يورو واحد تنفق مصارف ألمانيا 93 سنتاً من اليورو. وتمتلك المصارف الخاصة الكبرى؛ أي «دويتشه بنك» و«كوميرس بنك» و«يونيكريديت - هيبو فيراينس بنك» ودائع إجماليها 780 مليار يورو متأتية من أنشطتها التجارية والخدمات المصرفية للأفراد، مقابل أخرى مماثلة تصل إلى 1.2 تريليون يورو لدى مصرف الادخار «شباركسه» ومصرف «لاندس بنك»، وأكثر من 700 مليار يورو لدى مصارف ألمانيا التعاونية.
ويختم: «تستأثر مصارف الادخار مع البنوك التعاونية في ألمانيا بنحو 75 في المائة من الخدمات المصرفية الخاصة بالأفراد، لأنها مزروعة كالجذور في عالم المال والأعمال، ولأنها تتمتع بعلاقات وطيدة مع الطبقات السياسية».
من جانبه، يقول الخبير ماركوس فيبر، من مصرف «دويتشه بنك» في فرنكفورت، إن ألمانيا تحتضن النظام الاقتصادي الأكثر ميلاً إلى الطابع المصرفي في أوروبا. ويوجد على الأراضي الألمانية 1823 مصرفاً خاصاً وحكومياً. أما «جمعية المصارف الخاصة الألمانية» فهي تحتضن 284 مصرفاً؛ 86 منها أجنبية. ويصل إجمالي المصارف الحكومية إلى 540 مصرفاً، في حين يصل عدد المصارف التعاونية إلى 915 مصرفاً.
ويضيف أن المصارف الخاصة؛ منها «دويتشه بنك»، يصل إجمالي قروضها للشركات الألمانية صغيرة ومتوسطة الحجم إلى 1.4 تريليون يورو. وتقدر أنشطتها التجارية المحلية بنحو 7.7 تريليون يورو. وتمتلك هذه المصارف 9288 فرعاً في ألمانيا من أصل 32 ألفاً.
ويصل إجمالي موظفيها إلى 162 ألفاً من أصل 586 ألفاً عاملين في القطاع المصرفي الوطني. أما المصارف التابعة للولايات الألمانية؛ أي الحكومية، فيصل إجمالي موظفيها إلى 312 ألفاً، ولديها 18 ألف فرع في المدن الألمانية كافة. ويختم: «يبقى احتمال دمج المصارف الألمانية الخاصة شبه مستحيل اليوم؛ على عكس المصارف الحكومية التي لديها رابطة مصرفية مستقلة تتحرك اليوم باتجاه تسريع عمليات دمج صغيرة للمصارف الحكومية المتعثرة، بدءاً بدمج مصرفي (نورد إلى بي) و(هيلابا) اللذين يعانيان مشكلات مالية صعبة. لكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي عالي المستوى».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
TT

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)

شهدت سوق العمل في أوروبا تراجعاً بالربع الثالث من العام، مما يشير إلى استمرار التراجع في ضغوط التضخم، وهو ما قد يبرر مزيداً من خفض أسعار الفائدة، بحسب بيانات صدرت الاثنين.

وتباطأ ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بـ5.2 في المائة في الربع السابق، في حين انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة من 2.6 في المائة، وهو تراجع مستمر منذ معظم العامين الماضيين، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وتُعزى ضغوط سوق العمل الضيقة إلى دورها الكبير في تقييد سياسة البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة، خوفاً من أن تؤدي زيادة الأجور بشكل سريع إلى ارتفاع تكاليف قطاع الخدمات المحلي. ومع ذلك، بدأ الاقتصاد في التباطؤ، حيث بدأ العمال في تخفيف مطالباتهم بالأجور من أجل الحفاظ على وظائفهم، وهو ما يعزز الحجة التي تقدّمها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لدعم مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

وبينما لا تزال الشركات تحافظ على معدلات توظيف مرتفعة، فإنها أوقفت عمليات التوظيف الجديدة بشكل حاد، وذلك مع تكدس العمالة في محاولة لضمان توفر القوى العاملة الكافية للتحسن المنتظر.

وفيما يتعلق بأكبر اقتصادات منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أكبر انخفاض في تضخم تكلفة العمالة، حيث تراجع الرقم إلى 4.2 في المائة في الربع الثالث من 6 في المائة بالربع السابق. وتشير الاتفاقيات المبرمة مع أكبر النقابات العمالية في ألمانيا إلى انخفاض أكبر في الأشهر المقبلة، حيث يُتوقع أن ينكمش أكبر اقتصاد في المنطقة للعام الثاني على التوالي في عام 2024 بسبب ضعف الطلب على الصادرات، وارتفاع تكاليف الطاقة.

وعلى الرغم من تعافي الأجور المعدلة حسب التضخم إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الزيادة الكبيرة في نمو الأسعار، فإن العمال لم يتلقوا زيادات ملحوظة في الأجور، حيث تدعي الشركات أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً للغاية، ولا يوجد ما يبرر مزيداً من الزيادة في الدخل الحقيقي. كما انخفض معدل الشواغر الوظيفية، حيث سجل أقل من 2 في المائة في قطاع التصنيع، فيما انخفض أو استقر في معظم الفئات الوظيفية الأخرى.