هوليوود وملك تايلاند... رواية وفيلم خلف مراسم تنصيب الملك الجديد

ملك تايلاند ماها فاجير الونجكورن وزوجته الملكة سوثيدا (أ.ف.ب)
ملك تايلاند ماها فاجير الونجكورن وزوجته الملكة سوثيدا (أ.ف.ب)
TT

هوليوود وملك تايلاند... رواية وفيلم خلف مراسم تنصيب الملك الجديد

ملك تايلاند ماها فاجير الونجكورن وزوجته الملكة سوثيدا (أ.ف.ب)
ملك تايلاند ماها فاجير الونجكورن وزوجته الملكة سوثيدا (أ.ف.ب)

مع اتجاه أنظار العالم لمراسم تنصيب ملك تايلاند الجديد مطلع الأسبوع المقبل تظهر من خلف غلالات التاريخ قصة هوليوودية ترتبط بجد جد الملك الحالي، فحسب تقرير لوكالة رويترز فإن النظام الملكي في تايلاند بالنسبة لكثيرين في الغرب عادة ما يرتبط بملك آخر وهو الشخصية التي جسدها النجم يول براينر في الفيلم الموسيقي الذي أنتجته هوليوود عام 1957 وحمل اسم «الملك وأنا» (ذا كينج آند آي) وقام فيه الممثل يول برينر بدور الملك والممثلة ديبورا كير بدور المربية الإنجليزية.
والفيلم الذي أصبح من كلاسيكيات السينما العالمية وتحول إلى مسرحية موسيقية في برودواي محظور في تايلاند لتصويره الملك مونكوت جد جد الملك الحالي بطريقة تعتبر أنها تنم عن عدم احترام وتنافي الحقيقة. في الفيلم، جسد براينر شخصية الملك على أنه رجل متقلب المزاج ومغرور وجاهل وكاره للنساء لكنه غير موقفه بفضل تأثير مربية أطفاله الإنجليزية الشجاعة.
لكن الكثير من المؤرخين ينظرون إلى الملك مونكوت الذي حكم البلاد من عام 1851 وحتى وفاته في 1868 على أنه كان إصلاحيا بالقياس على زمنه.
وكان الملك الذي عرف أيضا باسم راما السادس في السابعة والأربعين من عمره حين تولى العرش بعد وفاة أخيه غير الشقيق. وكان قد قضى 27 عاما كراهب بوذي وأسس طائفة بوذية إصلاحية ما زال أتباعها يمارسون شعائرها في تايلاند.
في تلك الفترة درس اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية واللاتينية بالإضافة إلى الرياضيات وعلم الفلك الغربي من خلال حوارات مع مبشرين مسيحيين وقراءته للكتب.
وحين أصبح ملكا أجرى الملك مونكوت الكثير من الإصلاحات الاجتماعية والتعليمية بما في ذلك إجراءات لتحسين أوضاع حقوق المرأة وتحديث الجيش.
دفعه حبه للتعلم إلى استعانته بامرأة إنجليزية هي أنا ليونوينس في الستينيات من القرن التاسع عشر لتقوم بالتدريس لبعض من زوجاته ومحظياته الاثنتين والثلاثين وأبنائه وكان عددهم 82.
وروت ليونوينس تجربتها في كتاب «المربية الإنجليزية في بلاط ملك سيام» (ذا إنجليش جفرنس أت ذا سياميز كورت) الذي كان الأساس لرواية «أنا وملك سيام» (أنا أند ذا كينج) التي كتبتها مارجريت لندن وكانت المصدر للمسرحية الموسيقية التي عرضت على مسارح برودواي والفيلم الذي أنتجته هوليوود.
- صدمة ثقافية
وعلى النقيض من الفيلم المستوحى منه فإن كتاب ليونوينس ليس محظورا في تايلاند بل إنه تمت إعادة ترجمته إلى التايلاندية هذا العام.
وفي حين ينفي التاريخ التايلاندي الرسمي ما روته ليونوينس بوصفه غير دقيق ومفرطا في سعيه للإثارة فإن الكثير من المؤرخين يرون الآن كتابها على أنه نظرة متعمقة قيمة على صدام وجهات النظر بين سيام في القرن التاسع عشر والقوى الاستعمارية.
وقال سومريت لويتشاي وهو باحث مستقل «يعطي العمل الذي كتبته نبذة عن الصدمة الثقافية بين الشرق والغرب».
وأضاف «هناك امرأة إنجليزية من العصر الفيكتوري صاحبة آراء قوية ضد العبودية والانحناء بغرض التحية وبالطبع اصطدمت بالنخبة التايلاندية التي كانت لديها رؤية مختلفة جدا للعالم فيما يتعلق بحقوق الناس في ذلك الحين».
لكن مؤرخين يقولون إن مسألة أن ليونوينس أطلعت الملك مونكوت على الأفكار الغربية مبالغ فيها.
وقال كانتيكا سريودوم المؤرخ بجامعة رانجسيت «الملك مونكوت وغيره من طبقة النبلاء استعانوا بمبشرين غربيين لتعليم أفراد عائلاتهم الإنجليزية والآداب الغربية وأمورا أخرى قبل أن تأتي ليونوينس بكثير». وأضاف «منذ عهد الملك راما الثالث والكثير من النبلاء في سيام كانوا يستطيعون بالفعل قراءة الكتب الأوروبية». ويشكك مؤرخون تايلانديون في رواية المربية الإنجليزية عن إساءة معاملة الملك لزوجاته ويقولون إن مونكوت كان أول ملك يوفر التعليم للنساء في البلاط الملكي.
كما سمح لمحظياته اللاتي لم ينجبن له أبناء بمغادرة القصر والزواج من غيره وهو ما يخالف التقاليد القديمة.
ويتفق المؤرخون التايلانديون والغربيون على أن من المستبعد أن تكون قد نشأت علاقة عاطفية بين الملك مونكوت وليونوينس من قريب أو بعيد. كما أنهما لم يتراقصا قط على غرار ما ظهر في الفيلم الشهير على أغنية «هلا نرقص؟» (شال وي دانس؟).


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».