علاقة جنبلاط و«حزب الله» مقطوعة بعد اتهامه «محور الممانعة» بـ«استباحة البلد»

وليد جنبلاط
وليد جنبلاط
TT

علاقة جنبلاط و«حزب الله» مقطوعة بعد اتهامه «محور الممانعة» بـ«استباحة البلد»

وليد جنبلاط
وليد جنبلاط

انقطعت العلاقات أخيراً بين «حزب الله» ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، نتيجة خلاف حول إعطاء رخصة لمعمل إسمنت، وتفاقم الموضوع مع اتهام الأخير «محور الممانعة» بـ«استباحة» البلد، واعتباره أن مزارع شبعا ليست لبنانية، ما أثار امتعاضاً كبيراً في صفوف «حزب الله».
وأعلن مجلس شورى الدولة أخيراً وقف تنفيذ قرار وزير الصناعة وائل أبو فاعور المحسوب على الحزب «التقدمي الاشتراكي» بشأن معمل إسمنت يملكه الوزير السابق نقولا فتوش وشقيقه في بلدة عين دارة في قضاء عالية، والعودة إلى القرارات التي اتخذها الوزير السابق حسين الحاج حسن المحسوب على «حزب الله»، بتفعيل المعمل وقانونية عمله.
وواصل جنبلاط حملته على محور «الممانعة» فاعتبر، في حديث لقناة «روسيا اليوم»، أن «مزارع شبعا ليست لبنانية»، قائلاً: «بعد تحرير الجنوب عام 2000، تم تغيير الخرائط في الجنوب من قبل ضباط سوريين بالاشتراك مع ضباط لبنانيين، فاحتللنا مزارع شبعا، ووادي العسل (نظرياً)»، معتبراً أنه «أول تغيير جغرافي على الورق، كي تبقى الذرائع السورية وغير السورية بأن مزارع شبعا لبنانية ويجب تحريرها بأي شكل من الوسائل».
وسارعت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» للرد على جنبلاط مستهجنة «الهجوم غير المبرر على الحزب ومحور الممانعة على خلفية ملف معمل الإسمنت الذي لا علاقة أصلاً للحزب به»، ولفتت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القرار الذي صدر عن مجلس شورى الدولة يؤكد قانونية القرار الذي سبق أن اتخذه الوزير الحاج حسن، والذي حاول الوزير الحالي تصويره وكأنه غير قانوني، وكأننا لم نعد إلى مجلس الوزراء ووزارة البيئة قبل إصداره».
وأشارت المصادر إلى أنه «بعد سنوات من اعتماد الحزب و(التقدمي الاشتراكي) سياسة (ربط النزاع) باعتبار أن هناك الكثير من الملفات التي يختلفان عليها بشكل جذري، خصوصا الموضوع السوري، كانت العلاقة باردة ولكن موجودة، لكن تحولت اليوم هذه العلاقة إلى مقطوعة، وبأدنى مستوياتها»، لافتة إلى أن «الوساطات التي كان تُبذل لعقد لقاء بين الحزب وجنبلاط تعثرت بعد عدم تجاوب الأخير معها».
وقالت: «أما إعلانه قبل يومين عدم لبنانية مزارع شبعا فقط لأنه منزعج لما آلت إليه الأمور في موضوع المعمل، فيندرج بإطار العمل السياسي الارتجالي غير المدروس والمقبول»، لافتةً إلى أن «موقفه هذا الذي يتزامن مع قرارات ترمب إهداء القدس والجولان لإسرائيل، موقف غير مقبول على الإطلاق ونتمنى أن يتراجع عنه».
بالمقابل، أكد مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي»، رامي الريس، أن حزبه لا يبحث عن افتعال سجال مع «حزب الله» أو سواه من القوى السياسية اللبنانية «لكن بالنهاية نحن طرف أساسي في هذا البلد وفي المعادلة السياسية ولنا وجهة نظرنا من كل القضايا والملفات المطروحة، ونحن من الأساس لم نكن نرغب بخلاف مع الحزب على معمل إسمنت أو مشروع تجاري فقط لأن وزارة الصناعة التي يتولاها الوزير أبو فاعور قامت بواجبها، وأبطلت مرسوماً صدر على أسس غير تقنية وفيه كثير من الفجوات والعثرات».
وقال الريس لـ«الشرق الأوسط»: «أما بالملفات الأخرى، فوليد جنبلاط لا يتحدث عن عبث، إنما عن معطيات متوفرة لديه حول ملف مزارع شبعا، وجميعنا نذكر ذلك الجدل الذي اندلع بعيد الانسحاب الإسرائيلي ولاحقاً الانسحاب السوري حول تثبيت هوية هذه المزارع وتمنّع النظام السوري عن تزويد لبنان بوثائق تثبت لبنانيتها»، وأضاف: «بالتالي ليس جنبلاط الطرف الذي يُتهم بالتفريط بالأراضي اللبنانية أو بأي شبر منها في حال كانت مثبتةً هويتها. ونحن لن ننجر إلى حملة الردود الرخيصة التي يتولاها بعض أبواق النظام السوري المرتكزة على التهديد والوعيد الذي لا نخاف منه اليوم ولم نخف منه في أي وقت سابق». وعما إذا كان سيكون هناك أي لقاء قريب مع «حزب الله» لرأب الصدع، قال الريس: «عندما تتوافر الظروف المناسبة يُعقد اللقاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.