سيبانة رمضان «أحلى مع عائلتي» تعم أجواء بيروت

اللبنانيون يحتفلون معها بقدوم الشهر المبارك

تخصص «سيبانة رمضان» لهذا العام مساحة ألعاب للأطفال
تخصص «سيبانة رمضان» لهذا العام مساحة ألعاب للأطفال
TT

سيبانة رمضان «أحلى مع عائلتي» تعم أجواء بيروت

تخصص «سيبانة رمضان» لهذا العام مساحة ألعاب للأطفال
تخصص «سيبانة رمضان» لهذا العام مساحة ألعاب للأطفال

تعد سيبانة رمضان واحدة من العادات المتبعة بين أهالي بيروت، يستقبلون من خلالها الشهر الكريم في الأحد الأخير قبل بدء الصوم. والمعروف أن «سيبانة رمضان» مشتقة من كلمة «استبانة»، أي الرؤية، إذ جرت العادة أن يقصد المسلمون شواطئ بيروت في مناطق الأوزاعي والروشة ورأس بيروت وغيرها في 29 شعبان لاستبانة هلال رمضان. فإذا تبيّن لهم الهلال، توجهوا إلى المحكمة الشرعية للإدلاء بشهادتهم. ومع مرور الوقت، استبدلت عند العامة كلمة «استبانة» بلفظة «سيبانة»، تسهيلاً وتبسيطاً للنطق بها. وهذا العام، يقام احتفال خاص بهذه المناسبة في 27 و28 أبريل (نيسان) الجاري، في سوق الصاغة، في بيروت، يحمل عنوان «رمضان أحلى مع عائلتي». «هذا الاحتفال صار بمثابة تقليد ننظمه سنوياً تحضيراً لاستقبال شهر رمضان»، يقول مروان فرعون، رئيس جمعية «فانوسي» المنظمة لهذا الحدث.
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن أهالي بيروت لا يزالون متعلقون بعادات رمضانية قديمة، وبينها (سيبانة رمضان). وكانوا في الماضي يقصدون المتنزهات والحدائق والشواطئ، ويفترشون أرضها ليتناولوا الطعام مع أفراد عائلاتهم بفرح. إلا أن هذه العادة، وفي غياب المساحات الخضراء في لبنان، وبعد أن تحولت إلى معلبة في مراكز تجارية ومطاعم مقفلة، قررنا أن نخصص مساحة لها في الهواء الطلق، ضمن احتفال يليق بالكبار والصغار معاً».
ومن النشاطات التي تتضمنها هذه الاحتفالات المفتوحة أمام الجميع، مجاناً، معرض أشغال يدوية لرموز الشهر الكريم، كالفوانيس الملونة، والقناديل الزجاجية، وأشكال الهلال والقمر، وتابلوهات مصنوعة من الخيطان والمسامير، وغيرها. كما تخصص واحة للأطفال، يمارسون فيها ألعاباً تثقيفية برفقة أهاليهم، بحيث يتعرفون بعضهم إلى البعض عن كثب. «في هذه اللعبة، سيطرح الولد سؤالاً على والده أو والدته، والعكس صحيح، حول أحب الأمور إلى قلبهم. ففي زمن التلفون المحمول و(الآيباد)، وما إلى هنالك من آلات إلكترونية، نفتقد إلى الحوار بين بعضنا وبعض. وسنغتم هذه المناسبة من أجل توطيد العلاقة بين الأهل وأبنائهم»، يوضح مروان فرعون في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وتحت عنوان «اسمعني»، سيتحاور الطرفان بعضهما مع بعض، ضمن أجواء زينة رمضانية ستعم المكان، من خشبيات وإنارة مستوحاة من الشهر الكريم. كما يلتقطون صوراً تذكارية على خلفية مجسمات ترمز إلى رمضان. وستعزف فرقة موسيقية ترافق مسيرة تجري في شوارع أسواق بيروت حتى شارع طرابلس، وتنشد أغانٍ رمضانية سبق أن أصدرتها الجمعية المنظمة في ألبوم غنائي كامل يمكن لرواد الاحتفال الحصول عليه هناك. وفي لوحات يحييها مهرجون وآخرون من فرقة الدراويش، سيمضي الأهل وأبناؤهم أوقاتاً مسلية، يتخللها لوحات فولكلورية مع السيف والترس، وكذلك تقام مراسم الزفّة بالطبل والزمر، ابتهاجاً بوصول الشهر الكريم.
وفي جدول الاحتفالات أيضاً «الحكواتي»، حيث يجسد هذه الشخصية خالد النعناع، المعروف بإجادته فن إلقاء القصص. «يعدّ الحكواتي أيضاً من رموز هذا الشهر الكريم، وسيجري في هذه الفقرة التي ستتكرر على مدى يومين متتاليين رواية قصص ترتبط بالشهر المبارك، وتعرفنا على المبادئ التي علينا اتباعها خلاله»، يقول مروان فرعون الذي يشير إلى أنه في الماضي كان الحكواتي عنصراً أساسياً في عادات أهالي المناطق اللبنانية. فكان يجلس في ساحة معينة، ويتجمع حوله الناس، ليصغوا إلى القصص التي يرويها لهم بشغف.
ويشير المؤرخ اللبناني دكتور حسان حلاق إلى أن هناك عادات رمضانية كثيرة لا تزال متبعة بين أهالي المدن، ولكن يتم تطبيقها بشكل عصري وجديد. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان أهالي بيروت في 29 شعبان يتوجهون إلى الشواطئ حاملين بعض الطعام، ليقتاتوه قبل المغيب بانتظار الاستبانة (هلال رمضان). وإذا ما تبين لبعضهم، يتم اختيار ثلاثة منهم من أهل الصدق والأخلاق الحميدة للإدلاء بشهادتهم في المحكمة الشرعية. وعندما يتأكد للمفتي وقضاة الشرع من أن هؤلاء موضع ثقة، يتداول الجميع بهذه الاستبانة، ويتم الإعلان عن بدء الصوم، وتطلق المدافع على هضبة السراي الكبير في الحقبة العثمانية».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».