التنانير «الميدي» و«الماكسي»... صيحة تُغطي كل الأذواق

من عرض دار «ديور» للخريف والشتاء القادمين
من عرض دار «ديور» للخريف والشتاء القادمين
TT

التنانير «الميدي» و«الماكسي»... صيحة تُغطي كل الأذواق

من عرض دار «ديور» للخريف والشتاء القادمين
من عرض دار «ديور» للخريف والشتاء القادمين

اتجاهات الموضة في 2019 أثارت الحديث حول النسوية والمساواة، مع استخدام بيوت الأزياء لمنصاتها لاستضافة هذه النقاشات وتعزيز التنوع، والأهم من ذلك كله، ابتكار أزياء تُشعر المرأة بالثقة والقوة، وربما حمايتها من الأذى في عالم ما زال لا يؤمن حقوقها.
وعلى ضوء ذلك، نرصد صعود اتجاه الأزياء المحافظة، حتى ضمن تشكيلات الربيع والصيف التي عُرفت أنها منصات مخصصة للملابس المكشوفة، فظهرت الأكمام الطويلة، والأزياء الفضفاضة، كما سيطرت الأطوال المتوسطة والطويلة على الفساتين والتنانير.
وخلال عروض أزياء ربيع وصيف 2019، شوهدت التنانير الميدي بأكثر من تصميم. في تشكيلات بيوت كل من جيل ساندر، جيفنشي، كالفن كلاين، وفندي تصدر «البليسيه» المشهد، بينما قدمت دار ديور تنانير تصل إلى أعلى الكاحل، ودار إسكادا تصاميم مستقيمة بطول متوسط مستوحاة من الثمانينات. دار مارك جاكوبس أيضاً عانقت هذا التوجه وقدمت مجموعة واسعة بخامات ناعمة مثل الساتان والحرير، أغلبها مزين بطيات عند الخصر.
تقول منسقة الموضة المصرية ندى حسام لـ«الشرق الأوسط» إن «صيحة التنانير، الميدي والماكسي، تصدرت مشهد الموضة وهي تستحضر صيحة قديمة». وتضيف أن «لا شيء يأتي صدفة في عالم الموضة. فهي أداة لكتابة التاريخ وتطور المجتمعات، وبما أن النسوية وتمكين المرأة فكرة واضحة هذا العام، فقد انعكست على هذه الأطوال».
لكن من المهم الإشارة إلى أن الأمر لا يخلو من اهتمام اقتصادي، تؤكده تطورات هذه القطعة عبر العقود.
في عشرينات القرن الماضي وتحديداً عام 1926، ربط الخبير الاقتصادي جورج تايلور بين المستوى الاقتصادي العالمي وطول تنانير النساء، وأطلق مؤشراً اقتصادياً عُرف باسم «هملاين» الذي يشير إلى أن هناك علاقة عكسية بين النمو الاقتصادي وبين طول التنانير. فكلما اعتمدت النساء تنانير قصيرة دلل الأمر على النمو الاقتصادي، وبرر «تايلور» نظريته بأن النساء في أوقات الرخاء يعتمدن التنانير القصيرة ليكشفن عن جواربهن الحريرية، أما في الأزمات فيفضلنها طويلة ليخفين جواربهن الرديئة أو لإخفاء أنهن لا يرتدين الجوارب من الأساس.
ورغم اتهام البعض لنظرية جورج تايلور بأنها لم تقدم دلائل قوية، وأنها مجرد هرطقة، خصوصاً أن عالم الموضة القائم على الخيال والأفكار التي قد تبدو جنونية وغرائبية لا يمكن أخذه على محمل الجد كمؤشر لعالم المال، فإنها ظلت فكرة لصيقة بالموضة.
ويدعم تقرير مصور لـ«بي بي سي» وجود تطبيق فعلي لنظرية «تايلور». في العشرينات ظهرت التنورة القصيرة وأقبلت عليها شريحة معينة من النساء، مثل الراقصة جوزفين بايكر. وفي 1929 ومع سقوط بورصة وول ستريت وما تابعها من كساد اقتصادي بدأ يزيد طولها لتصل إلى تحت الركبة.
وخلال الأربعينات والخمسينات اكتسحت الفساتين والتنانير متوسطة الطول الساحة، لتصبح لصيقة بتلك الفترة إلى الآن.
في الستينات عاد الاقتصاد ليزدهر، وهو ما تزامن مع ارتفاع الأصوات التي تنادي بحرية المرأة وصعدت حالة التمرد العامة بالتوازي مع الإقبال على التعليم الجامعي، وكان لكل هذا أثر واضح في ظهور التنانير القصيرة والتي عُرفت بمصطلح «ميني جيب»، سيطر هذا الاتجاه على الموضة النسائية حتى الثمانينات التي شهدت تنانير قصيرة بألوان زاهية وتصاميم مزدانة بالكرانيش، وأخرى بتصاميم أكثر ديناميكية تزامنت مع زيادة اندماج المرأة في بيئة العمل. ظلت التنانير القصيرة موجودة بقوة على منصات العروض ومن خلال الفرق الفنية مثل فريق «سبايس جيرلز» خلال التسعينات وبداية الألفية الجديدة، لكن بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في 2008، بدأت التنانير الميدي والماكسي تعود بشكل تدريجي.
من جانبها، تقول ندى حسام إنها ربما لا تعتقد في مصداقية نظرية «تايلور» لتربط بينها وبين اتجاهات الموضة هذا العام، لكنها ترى بوضوح عوامل أخرى ساعدت على صعود صيحات الميدي والماكسي، أهمها اختلاف مفهوم الحرية، «إذا كانت حقبة الستينات تربط حرية المرأة بتنورة الـ(ميني)، فإن هذه الفكرة اختلفت، فقد أصبح جزء من حرية المرأة أن تشعر بالراحة والحماية، من خلال أزياء واسعة تمنحها الحركة بانطلاق».
صحيح أن المفاهيم النسوية تغيرت، لكن أيضاً كان لصعود الشخصيات المؤثرة العربية، بعضهن يرتدين الحجاب أو على الأقل يتبعن نهج الملابس المحافظة، أثراً واضحاً الصرعات الجديدة. تقول ندى حسام: «المرأة العربية تميل إلى الملابس المريحة، فهذا شأن يتعلق بثقافتها، وهي في الوقت ذاته زبونة إيجابية لديها قوة شرائية لا يستهان بها».
على صعيد آخر، بررت ندى صعود طول «الميدي» و«الماكسي» إلى سبب آخر وهو أن «مصممي الأزياء يتمسكون بعبق أزمنة مضت، يستحضرون نفحاتها لأنه إرث لا يمكن الاستهانة به»، وتوضح: «واحدة من التصاميم الرائجة هذا العام، هي التنورة الطويلة بتصميم مستقيم أو منفوخ، لكن يميزها شق أمامي وأزرار كبيرة الحجم، هذه الصيحة خصيصاً عُرفت خلال حقبة التسعينات التي تسيطر على الموضة منذ العام الماضي».

أفكار للتنسيق
«الخيارات هذا العام لا حصر لها»، حسب ندى حسام، التي أكدت أنها تميل إلى هذه الصيحة، خاصة القطع المصنوعة من الحرير والتي تعد اختياراً يجمع بين الترف والعصرية. وتنصح «يمكن لأي امرأة أن تعتمد هذه الموضة. فهي تناسب معظم المقاييس والمقاسات، كما أنه لا يمكن حصرها ضمن الأزياء العملية أو الرسمية أو الـ(كاجوال)، فطريقة التنسيق هي التي تحددها».
وأكثر إطلالة موفقة بنظر ندى هي تلك التي يتم فيها تنسيق هذه التنورة مع حذاء رياضي وتي شيرت صيفي لإطلالة صباحية مفعمة بالعصرية. في المساء يمكن تنسيقها مع حذاء بكعب عالٍ وسترة رسمية بحزام يحدد الخصر.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.