توقعات بأثر محدود على أسعار النفط لـ«تصفير» صادرات إيران

استعدادات خليجية لموازنة الأسواق

حقل نفطي إيراني (رويترز)
حقل نفطي إيراني (رويترز)
TT

توقعات بأثر محدود على أسعار النفط لـ«تصفير» صادرات إيران

حقل نفطي إيراني (رويترز)
حقل نفطي إيراني (رويترز)

توقعت مؤسسات مالية ومسؤولون أثراً محدوداً على أسعار النفط؛ جراء إنهاء الولايات المتحدة الإعفاءات التي منحتها لثماني دول لشراء نفط إيران، بينما سجلت الأسعار أعلى مستوياتها خلال العام الحالي أمس الثلاثاء.
وقال بنك «باركليز» في مذكرة، أمس، إن ضغط الولايات المتحدة لوقف صادرات النفط الإيرانية تماماً سيؤدي إلى شح كبير في أسواق الخام على المدى القصير، «لكن من غير المرجح أن يكون له أثر كبير على الأسعار لفترة أطول».
وطالبت واشنطن هذا الأسبوع أن يوقف مشترو النفط الإيراني وارداتهم بحلول 1 مايو (أيار) المقبل؛ وإلا واجهوا عقوبات، في مسعى لتجفيف منابع إيرادات طهران من النفط، مما دفع بأسعار «خام القياس العالمي» لأعلى مستوياتها في 6 أشهر بفعل المخاوف من أزمة محتملة في الإمدادات. فيما قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الرئيس دونالد ترمب واثق بأن السعودية والإمارات ستفيان بالتزاماتهما بتعويض النقص في سوق النفط.
وقال «البنك البريطاني»: «ينطوي الإعلان على خطر ارتفاع عن توقعاتنا الحالية لمتوسط سعر (برنت) هذا العام البالغة 70 دولاراً للبرميل... لكنه لا يؤثر على رؤيتنا للأسعار على المدى الطويل بشكل كبير»، موضحاً أن الخطوة الأميركية تزيد خطر الصراعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك إغلاق محتمل لمضيق هرمز الاستراتيجي.
في حين توقع «غولدمان ساكس» أن يكون لقرار إنهاء الإعفاءات من العقوبات على واردات النفط الإيراني «أثر محدود على الأسعار، رغم أن توقيت الوقف جاء مفاجئاً». وكتب البنك في مذكرة: «في حين نقر بمخاطر ارتفاع الأسعار على المدى القريب، فإننا نؤكد توقعاتنا الأساسية لنطاق سعر لـ(برنت) بين 70 و75 دولاراً للبرميل للربع الثاني من 2019».
وما زال البنك يتوقع تراجع الأسعار في 2020 بفعل تحسن الإمدادات في الأسواق، والضبابية حيال ما إذا كانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون سيواصلون التقيد باتفاق كبح الإنتاج لدعم الأسعار بعد يونيو (حزيران).
ويتوقع «بنك الاستثمار الأميركي» تقلص الإنتاج الإيراني 900 ألف برميل يومياً مقارنة مع طاقة عالمية فائضة تبلغ حالياً مليوني برميل يومياً، والتي من المنتظر أن تزيد بشكل أكبر في وقت لاحق هذا العام.
وأضاف أن الإعلان الأميركي سيدعم أسعار «خام دبي»؛ خام قياس الشرق الأوسط، قياساً إلى أسعار «برنت»، نظراً لفارق الجودة بين الكميات الإيرانية المفقودة والخامات الأخف التي سيجري التعويض بها من السعودية والإمارات.
من جانبه، قال وزير التجارة والصناعة الياباني، أمس، إن اليابان تتوقع أثراً محدوداً لقرار الولايات المتحدة عدم تجديد الإعفاءات التي منحتها في السابق من عقوبات استيراد نفط إيران. وأضاف هيروشيجي سيكو، أن الحكومة لا ترى أي حاجة للسحب من احتياطات النفط المحلية بعد القرار الأميركي.
وقلصت اليابان؛ رابع أكبر مستهلك للنفط في العالم، اعتمادها على إمدادات الخام الإيراني. وقال سيكو إن نفط إيران يشكل نحو 3 في المائة من المشتريات، مضيفاً: «سنراقب أسواق النفط العالمية عن كثب، ونتبادل الرؤى مع الشركات اليابانية المعنية بواردات النفط، وربما ندرس اتخاذ تدابير لازمة».
وسجلت أسعار النفط أمس أعلى مستوياتها لعام 2019، متأثرة بقرار واشنطن إنهاء جميع الإعفاءات الممنوحة في العقوبات الإيرانية، لتضغط على المستوردين من أجل وقف الشراء من طهران.
ورغم خطوة واشنطن، فإن محللين قالوا إن أسواق النفط العالمية ستكون قادرة على التأقلم مع تعطلات إيران، نظراً لتوافر طاقة فائضة كافية من موردين آخرين.
وفي الساعة 06.28 بتوقيت غرينيتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت عند 74.58 دولار للبرميل، مرتفعة 0.7 في المائة من أحدث إغلاق لها ومسجلة أعلى مستوياتها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.
وسجلت عقود الخام الأميركي «غرب تكساس الوسيط» أقوى مستوياتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018 عند 65.10 دولار للبرميل، بزيادة 0.8 في المائة عن تسويتها السابقة.
وقبل إعادة فرض العقوبات العام الماضي، كانت إيران رابع أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عند نحو 3 ملايين برميل يوميا، لكن صادرات أبريل (نيسان) الحالي انكمشت إلى أقل من مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات «رفينيتيف».
ونقلت «رويترز» عن مصادر في «أوبك» وبقطاع النفط، قولهم إنه بمقدور منتجي الخام الخليجيين في «أوبك» زيادة الإنتاج لتعويض أي نقص في إمدادات الخام، «لكنهم سيراقبون الوضع في البداية لمعرفة ما إذا كان هناك طلب حقيقي». وقالت المصادر إن منتجي النفط الخليجيين ملتزمون باستقرار السوق، وإن لديهم القدرة على زيادة الإنتاج، «لكن أي قرار بتعزيز الإمدادات يجب أن يُدرس في ضوء الطلب».


مقالات ذات صلة

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

الاقتصاد منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)

«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

قالت 3 مصادر إن شركة النفط الحكومية الروسية «روسنفت» وافقت على توريد ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة التكرير الهندية الخاصة «ريلاينس».

«الشرق الأوسط» (موسكو - نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة النفط «إكسون» في ليندن بنيوجيرسي (أ.ب)

أسعار النفط تحافظ على مكاسبها وسط عوامل متباينة

لم تشهد أسعار النفط تغييراً يذكر في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الخميس، في حين تترقّب الأسواق حالياً أي مؤشرات بشأن التحرك الذي سيتبناه الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

أعلنت إدارة معلومات الطاقة يوم الأربعاء أن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام انخفضت بينما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.

«الشرق الأوسط» (دنفر)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.