«داعشيو الزلفي» المتعطشون للدم المتشحون بالسواد

تحولات لافتة في استراتيجية الذئاب المنفردة

منفذو هجوم الزلفي
منفذو هجوم الزلفي
TT

«داعشيو الزلفي» المتعطشون للدم المتشحون بالسواد

منفذو هجوم الزلفي
منفذو هجوم الزلفي

كان الأسلوب الدعائي حاضراً في نهج «داعش» قبل ساعات من بدء هجوم أربعة من المنتمين إلى التنظيم الإرهابي، أول من أمس، على مبنى تابع لجهاز أمن الدولة في محافظة الزلفي شمال العاصمة السعودية.
أربعة من المنتمين، أحدهم وهو ما يتضح أنه الأكبر سناً بينهم، يلقي خطابه التحريضي والتبريري، بالأسلوب القديم الذي لا يغادر الأذهان قبل عمليات تنظيم «القاعدة»، التي تعرضت خلال عامي 2004 و2005 إلى ضربات قوية أدت إلى نهايتها في الداخل السعودي.
ويتحدث الأكبر متوسطاً الطاقم الداعشي مبايعاً زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، الذي لا يُعرف حضوره أو غيابه في الواقع اليوم بعد انحسار مواقع التنظيم في سوريا ونهايته في العراق، لكن اللافت أن الثلاثة الآخرين من المنتمين يرددون المبايعة بخجل أمام الكاميرا المصورة، لكنه يمنح تساؤلات حول التحول في استراتيجية الذئاب المنفردة.
بيان أمن الدولة السعودي الإلحاقي أمس (الاثنين) أكد أن دواعش الزلفي الأربعة، اتخذوا وكراً في المحافظة للإعداد والتخطيط للهجوم الفاشل، حيث عثر بداخلها على «ما يشبه معملاً لتصنيع المتفجرات والأحزمة الناسفة». ليس هذا فحسب، بل ما يجذب الأنظار أكثر من وقفات المرددين لتسجيل شريطهم المصور، هو الانغماس في الفكر الإرهابي من خلال وضع أسماء وألوان سوداء تحمل هوية «داعش» الإعلامية في كل جزء من مفاصل الأدوات الإرهابية، بل والمقتنيات الخاصة.
المهاجمون الأربعة كانوا على متن سيارة ومسلحين برشاشات وقنابل وزجاجات حارقة وحزام ناسف، حاولوا اقتحام الحاجز الأمني لفرع مقر أمن الدولة في الزلفي بالسيارة، ثمّ ترجل اثنان منهم وأطلقا النار على رجال الأمن الذين تصدّوا لهما وقتلوهما على الفور، في حين حاول الثالث الفرار وتم قتله، وفجّر الرابع نفسه بحزام ناسف كان يرتديه. تلك خلاصة القصة، محاولة مواجهة وهرب، واثنان قتلا سريعاً.
ما يلفت مما كشفه أمن الدولة السعودي، وصية أحد الإرهابيين القتلى، حيث كتب وصيته لورثته، يأخذ بعده في محاولة حفظ الحقوق المادية، رغم أنه مقبل على ما هو أكثر توحشاً من استهداف أبرياء بانغماس في الفكر بعد التعبئة الآيديولوجية التي تعززها «داعش» في فضاءات الإعلام الإلكتروني، علاوة على منابع أخرى.
صناعة التوحش، التي ينتهجها التنظيم لا تختلف، هي متشحة بالسواد في تفاصيل الحياة، لكنها أكثر تعطشاً للدم، تأخذ منحاها السياسي في الدعاية كما كان خطاب رباعي إرهاب الزلفي، حيث يحاولون كما كانت خلايا التنظيم في مواقع مختلفة تسعى لإحداث الفتنة في البلاد، وأدلة عدة حول ذلك، استهداف دور العبادة ومواجهة منفردة مع مقيمين، والسعي والتحريض لقتل رجال الأمن؛ لأن خلق الاضطرابات منهج متجدد.
لكن ملمح التغيير في الاستراتيجية للذئاب المنفردة يحمل بعدين، أحدهما زمني والآخر مكاني. زمنياً، يأتي بعد تعرض التنظيم الإرهابي لهزات ونكبات خلال عامين بالتحديد، بعد جهود دولية لوقف تمدد الإرهاب الداعشي للمحيط، وبخاصة في معقليه في الرقة والموصل؛ مما أضعف أفراده وكسر الكثير من التمدد وفتح ملفات محاكمة المنتمين في العراق ودول أخرى ترفض استقبالهم، وبخاصة في أوروبا، وهو ما يؤكد أن إطلاق إشارات النصر ضد «داعش»، سابقة لوقتها، بل وربما تأخذ التحذير في نشوء التمدد الأفقي للفكر.
ملمح التغيير المكاني، هو محاولة استهداف في بلدة صغيرة ومبنى أصغر للقطاع الأمني، وبخاصة بعد الفشل الإرهابي ونجاح الضربات في مدن أكبر وإفشال القوات السعودية بضربات استباقية مخططات نوعية للتنظيم؛ كون الأمل الكبير الذي يحدو «داعش» وتكافح لأجله هو ضرب المقرات الأمنية لتشكيك الناس في مقدرة الأمن على الحماية واستنساخ تجارب عدم الاستقرار أمام المجتمعات، لكن الثابت في الذئاب هو الآلات التقليدية التي تخلق حالة من حروب الشوارع، طوتها القوات الأمنية.
«داعش» على وجه الخصوص، يسير في طريق نهايته واضحاً كما في سلفه تنظيم «القاعدة» الذي انتهى داخلياً بفعل القوة الأمنية، وتكشفت أساليب عمل «داعش» في شكل استراتيجي أشبه ما يكون إلى أعمال الميليشيات، وحروب الوكالة التي هي الواجهة لدول خارجية تستهدف المملكة وأمنها واستقرارها.


مقالات ذات صلة

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».