قيادي كردي يدعو إلى تدارك {ضياع كركوك} بسبب القوائم المنفردة

الصراعات الحزبية أظهرت زيف شعارات عدت المدينة «قلب وقدس كردستان»

ارشيفية لمحمد الحاج محمود سكرتير عام الحزب الاشتراكي (يمين) و بارزاني
ارشيفية لمحمد الحاج محمود سكرتير عام الحزب الاشتراكي (يمين) و بارزاني
TT

قيادي كردي يدعو إلى تدارك {ضياع كركوك} بسبب القوائم المنفردة

ارشيفية لمحمد الحاج محمود سكرتير عام الحزب الاشتراكي (يمين) و بارزاني
ارشيفية لمحمد الحاج محمود سكرتير عام الحزب الاشتراكي (يمين) و بارزاني

بعد تفرق الأحزاب الكردية في كركوك نتيجة تفاقم صراعاتها حول آليات خوض الانتخابات البرلمانية القادمة هناك، وتمزق القائمة الكردية الموحدة بعد يوم من إعلانها جراء تعيين الاتحاد الوطني عضو مكتبه السياسي ومحافظ المدينة نجم الدين كريم لرئاسة القائمة الموحدة، الذي جُوبِه برفض قاطع من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، تتجه الأحزاب الكردية هناك إلى خوض تلك الانتخابات بقوائم متفرقة ما عدا ثلاثة أحزاب صغيرة وحدت قوائمها ضمن قائمة سمتها قائمة «التحالف الوطني الكردستاني»، وتضم كلا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني وحزب الكادحين والحزب الشيوعي بهدف تدارك الفراغ الذي تركه انقسام الأحزاب الكبيرة هناك، ويدعو رئيس القائمة القيادي الكردي المعروف محمد الحاج محمود سكرتير عام الحزب الاشتراكي قيادة الأحزاب الكبيرة إلى «تدارك الموقف قبل فوات الأوان والانضمام إلى القائمة الكردية الموحدة قبل وقوع كارثة محققة ستكون لها نتائج وخيمة على الوضع الكردي بكركوك».
وقال الحاج محمود في حوار مع «الشرق الأوسط»: «طوال الأيام الفائتة كنا على اتصال مكثف مع قيادة الحزبين الرئيسين، الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، بهدف إثنائهما عن قرارهما بخوض الانتخابات بقوائم منفردة، وأرسلت بعدة رسائل إلى الأخ مسعود بارزاني وبقية قيادة الحزبين للعودة إلى القائمة المشتركة لكي نوحد الموقف الكردي في كركوك، وأبديت كامل استعدادي للتنازل عن رئاسة القائمة لأي شخص يجري التوافق عليه من أجل توحيد الموقف الكردي، لأني أرى أن المستقبل في ظل انعدام وحدة الخطاب الكردي لن يكون في مصلحة شعبنا الكردي، وكان الأمل يحدوني إلى يوم أمس وقبيل انتهاء المهلة القانونية للمفوضية بتقديم أسماء المرشحين أن تستجيب قيادة الحزبين لنداءاتنا المخلصة، ولكن للأسف ذهبت هذه الفرصة من أيدينا أيضا».
وفي وقت أعرب فيه القيادي الكردي عن خيبة أمله في الأحزاب الكبيرة التي تتصارع من أجل مصالحها الحزبية والشخصية وليس مصلحة الشعب الكردي، وجه انتقادات شديدة إلى قيادة تلك الأحزاب وقال: «إن انهيار الموقف الكردي الموحد بكركوك وتغليب المصالح الحزبية على المصلحة العليا للشعب أظهر زيف الشعارات التي كانت بعض الأحزاب ترفعها بشأن اعتبار كركوك قدس كردستان أو قلبها، وبالنتيجة ظهر بأن الصراعات الحزبية أقوى من الحرص على المصالح الشعبية، وهذا في وقت يفترض أن تتغلب فيه المصالح القومية على المصالح الحزبية، وأن كركوك أكبر من الأحزاب وصراعاتها».
وكشف سكرتير الحزب الاشتراكي الذي اقترح أحد قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يكون بديلا عن محافظ كركوك لقيادة القائمة الموحدة أن «الحزبين الرئيسين، الاتحاد والديمقراطي، لم يردا إلى الآن على مقترحنا بالعودة إلى القائمة الموحدة، في حين أن حركة التغيير والاتحاد الإسلامي أبديا استعدادهما الكامل للعودة إلى القائمة الموحدة وخوض الانتخابات تحت رايتها، بينما رفضت الجماعة الإسلامية العودة إلى القائمة وفضلت قيادتها خوض الانتخابات بقائمة مستقلة عن الآخرين».
وحول توقعاته لنتائج الانتخابات المقبلة والوضع الكردي قال محمد الحاج محمود: «بالتأكيد سنخسر كثيرا بخوض تلك الانتخابات بقوائم منفردة، ففي الدورة السابقة كانت هناك ستة مقاعد من نصيب الكرد في المحافظة، خمسة مقاعد حصل عليها الاتحاد الوطني (حزب طالباني)، ومقعد واحد للحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب بارزاني)، وأعتقد أن المقاعد الستة الحالية ستنقسم بحيث ستذهب ثلاثة منها إلى الاتحاد الوطني وواحد للديمقراطي وآخر لحركة التغيير وواحد للأطراف الأخرى، وأعتقد أيضا أنه لو كانت هناك قائمة موحدة لكنا قادرين على انتزاع سبعة مقاعد بالمحافظة، ولكن هذا ما حصل، وللأسف يتحمل الحزبان الرئيسيان نتائج هذا الانقسام بعد أن أبدت بقية الأطراف استعدادها الكامل لخوض الانتخابات بقائمة موحدة».
يذكر أن الخلافات حول تسمية رئاسة القائمة الكردية الموحدة والمرشح لها محافظ المدينة نجم الدين كريم قد ظهرت بعد يوم واحد من تشكيلها، ومنذ تلك الفترة يتبادل الحزبان الاتهامات بالتسبب في الانقسام الكردي في كركوك، حيث توجه اتهامات إلى الاتحاد الوطني بنيته إعلان كركوك إقليما مستقلا، ولكن قيادات الاتحاد تؤكد أنه ليست هناك أية دلائل مؤكدة وموثقة تدعم هذه الاتهامات.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.