مصر تفتتح «معبد أوبت» بالأقصر لأول مرة منذ اكتشافه

بحضور ممثلين من 21 دولة

مصر تفتتح «معبد أوبت» بالأقصر لأول مرة منذ اكتشافه
TT

مصر تفتتح «معبد أوبت» بالأقصر لأول مرة منذ اكتشافه

مصر تفتتح «معبد أوبت» بالأقصر لأول مرة منذ اكتشافه

استكمالاً لاحتفالات مصر بـ«يوم التراث العالمي»، افتتح وزيرا السياحة والآثار المصريان، أمس، «معبد أوبت» بالأقصر في صعيد مصر، للمرة الأولى منذ اكتشافه، وذلك بعد الانتهاء من مشروع متكامل لترميمه، بحضور وفد من أعضاء مجلس النواب وسفراء وممثلي 21 دولة.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، إن «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها افتتاح معبد أوبت منذ اكتشافه»، مشيراً إلى أن «وزارة الآثار نفذت مشروعاً متكاملاً لترميم المعبد وتنظيفه، وإعادة رسوماته إلى صورتها وألوانها الطبيعية».
ويقع «معبد أوبت» على المحور الجنوبي من «معبد أمون - رع» بمجمع «معابد الكرنك»، إلى الغرب من «معبد خنسو»، وكان مخصصاً لعبادة «أوبت» بعد تأسيسه في عصر الملك تحتمس الثالث وأمنحتب الثاني، وبدأ ترميم المعبد في أغسطس (آب) الماضي.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات صحافية على هامش افتتاح المعبد، أمس، إن «المبنى الحالي للمعبد تم تشييده وتزيينه في الفترة ما بين القرنين الرابع والأول قبل الميلاد، ويضم بوابة لنختنبو الأول، تفتح عبر السور العظيم وتؤدي إلى فناء حيث توجد بقايا مقصورة لبطليموس، ومن هناك تصل إلى فناء آخر خاص بالأسرة 25، وبعده توجد بقايا كشك يعود لعصر نختنبو».
ونفذ المركز المصري الفرنسي أعمال ترميم لوحات السقف في الغرف الشمالية والجنوبية للمعبد في الفترة ما بين عامي 2005 و2007، ثم استأنفت وزارة الآثار أعمال الترميم العام الماضي.
وعلى مدار الشهور الماضية عمل فريق من المرممات المصريات على ترميم المعبد، وإعادته إلى سابق عهده، وإزالة الطبقات السوداء التي غطت جدرانه، باستخدام التنظيف الكيميائي والكمادات للحفاظ على النقوش والألوان، وتركت المرممات بعض الأجزاء الصغيرة في السقف والأعمدة باللون الأسود لبيان الحالة التي كان عليها المعبد قبل الترميم.
وقال مصطفي الصغير، مدير عام آثار الكرنك، إنه «طبقاً للمعتقدات الطبية المرتبطة بالمعبودة (أوبت)، فإن المكان المقام به المعبد هو المكان الذي استراحت به المعبودة (أوبت) قبل أن تُعطى الحياة والولادة لابنها أوزوريس».
والمعبودة «أوبت» هي «أُنثى فرس النهر الحميدة»، وكانت بمثابة «المعبودة المُغذية والواقية»، حيث ذُكر بـ«نصوص الأهرام» أن «الملك رضع من ثدييها لدرجة أنه لم يعطش ولم يجع إلى الأبد»، وأُطلق عليها بالبرديات التي تعود إلى عصور متأخرة أنها «سيدة الحماية السحرية».
وأوضح الصغير لـ«الشرق الأوسط» أن «مشروع الترميم شكل تمهيد الطريق المؤدية للمعبد، التي كان مليئة بالحشائش الضارة، كما تم عمل أرضيات ومسارات لتأهيل المعبد لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تعتبر معابد الكرنك أكبر منطقة أثرية بمسارات لذوي الاحتياجات الخاصة».
وتسعى مصر لتنشيط السياحة الثقافية واستعادة مكانتها في هذا المجال عبر مجموعة من الاكتشافات الأثرية، والمعارض الخارجية، وإنشاء متاحف جديدة.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، في تصريحات صحافية، أمس، إنه «رغم انحسار السياحة الثقافية عالمياً، إلا أن الاكتشافات الأثرية الأخيرة، والمعارض الخارجية للآثار، تجذب أنظار العالم لمصر من جديد، وتؤكد أن مصر ما زالت تبهر العالم بحضارتها وثقافتها»، مشيرة إلى أن «آثار مصر ليست الأهرامات فقط، فهناك آثار مهمة في محافظات سياحية أخرى مثل المنيا والأقصر».


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».