«كارتييه: الأناقة والتاريخ».. قراءة في مسيرة الدار الفرنسية

معرض يستعرض قوتها وفنيتها وتأثرها بنساء مميزات

التاج الذي ظهرت به كيت ميدلتون في حفل زواجها في عام 2011 صنعته دار «كارتييه» بالأساس للملكة الأم في عام 1936 ثم انتقل بعدها إلى ابنتها ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث الثانية
التاج الذي ظهرت به كيت ميدلتون في حفل زواجها في عام 2011 صنعته دار «كارتييه» بالأساس للملكة الأم في عام 1936 ثم انتقل بعدها إلى ابنتها ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث الثانية
TT

«كارتييه: الأناقة والتاريخ».. قراءة في مسيرة الدار الفرنسية

التاج الذي ظهرت به كيت ميدلتون في حفل زواجها في عام 2011 صنعته دار «كارتييه» بالأساس للملكة الأم في عام 1936 ثم انتقل بعدها إلى ابنتها ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث الثانية
التاج الذي ظهرت به كيت ميدلتون في حفل زواجها في عام 2011 صنعته دار «كارتييه» بالأساس للملكة الأم في عام 1936 ثم انتقل بعدها إلى ابنتها ملكة بريطانيا الحالية إليزابيث الثانية

هناك معارض تخرج منها بآلام في الظهر والساقين ناهيك بصداع في الرأس، إما بسبب الملل أو بسبب سؤال ملح لا تستطيع التخلص منه عن مدى جدواها والغرض منها. في المقابل، هناك معارض تخرج منها منتشيا، وأنت في حالة من الحلم لا تريد أن تفيق منه، مثل معرض يحتضنه لوغران باليه بباريس هذه الأيام، يتناول تاريخ دار كارتييه وأسلوبها في التصميم. معرض يحتفل بـ160 عاما من الإبهار والفخامة والبريق من خلال نحو 600 قطعة من الجواهر تشد الأنفاس وتحكي ألف قصة وقصة في الجمال والتاريخ. بطلات كل قصة سيدة متميزة ومؤثرة ربطتها بالدار علاقة حب وتقدير متبادل. المثير فيها أيضا أنها بتصاميم يمكن للدار أن تتحدى أي أحد لتحديد الفترة التي صممت فيها وهي واثقة بأنه سيعجز عن ذلك. فما صمم في بداية القرن التاسع عشر مثلا يبدو وكأنه خارج من معامل الدار الفرنسية للتو. لكن هذا لا يعني أنك ستجد في المعرض قطعا حديثة أو متوفرة في الأسواق، لأن آخر التصاميم التي يستعرضها، تعود إلى السبعينات من القرن الماضي، لسبب مهم، وهو عدم رغبتها في أن تتهم بأنها تقوم بالدعاية لنفسها. فـ«كارتييه» لا تحتاج إلى ذلك بحكم تاريخها الفني والثقافي، وبالتالي تحرص على أن يكون هذا المعرض احتفالا بإرثها وقراءة اجتماعية وفنية لكل الفترات التي مرت بها وأثرت عليها، لا أكثر ولا أقل.
من هذا المنطلق، يمكن القول بكل ثقة بأن المعرض، الذي يحمل عنوان «Cartier: Style & History» من بين أهم المعارض التي شهدتها أروقة «لوغران باليه» منذ فترة. فرغم أن جواهر الدار كانت موضوع ما لا يقل عن 25 معرضا في الربع الأخير من القرن وحده، إلا أنه هنا يكتسب أهمية كبيرة، كونه مقاما في باريس، وفي «لوغران باليه». فهذا الأخير يعتبر بأهمية برج إيفل، على الأقل من ناحية أنه شيد في نفس الفترة تقريبا. وبينما سبق لـ«كارتييه» أن سافرت إلى جهات متعددة من العالم، ودخلت معارض مختلفة لعرض جواهرها واستعراض فنيتها وخبرتها، من نيويورك ولندن وبراغ إلى شنغهاي، إلا أنها المرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاما، التي تنظم فيها معرضا بهذا الحجم في مسقط رأسها، باريس. أهمية المعرض تكمن أيضا في أن معظم القطع نادرة، وخصوصا أنه لم تقع عليها سوى عيون أصحابها إلى الآن، حيث يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من قرن من الزمن، بينما يعتبر بعضها الآخر ملكا لمتاحف عالمية، أو لزبائن يفضلون التكتم على مشترياتهم، استطاعت «كارتييه» الوصول إليهم واستعارتها منهم لتضيفها إلى ما يضمه أرشيفها الخاص في جنيف. وهو أرشيف غني، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «كارتييه» قررت منذ عام 1906 تصوير كل قطعة تصممها والاحتفاظ بها، الأمر الذي كانت ثمرته منجما لا ينضب يلهم مصمميها في أي وقت.
من بين القطع التي استعارتها، ماسة زرقاء ضخمة من متحف قطر، وتاج لافت أيضا تتدلى منه ماسات بجودة عالية للشيخة موزا. هناك أيضا تاج صنع للملكة الأم في عام 1936 قبل أن ينتقل إلى ابنتها ملكة بريطانيا الحالية، إليزابيث الثانية، التي أعارته بدورها لأختها الأميرة مارغريت في عام 1955، ثم لكايت ميدلتون في حفل زواجها في عام 2011. بتصميمه الكلاسيكي وماساته الصافية، يؤكد أنه مناسب لأي زمان وجيل. هناك أيضا بروش خاص بملكة بريطانيا، مرصع بالماس على شكل وردة تتوسطه ماسة وردية ضخمة ونادرة بصفائها ولونها، ظهرت به في عدة مناسبات، فضلا عن كثير من القطع التي تملكها عائلات مالكة أوروبية أو من روسيا القيصرية أو عائلات من المجتمع المخملي أو نجمات هوليوود.
وربما هذه الصور الرائعة، التي تذوب فيه الخيوط بين الماضي والحاضر، هي سبب ذلك الشعور بالانتشاء والانبهار الذي يخامرك وأنت تجول بين أروقة «لوغران باليه»، وتقرأ قصة كل قطعة وعلاقتها بالنساء المحظوظات اللواتي امتلكنها في فترة من الفترات، وكيف لم تفقد أي واحدة توهجها أو جمال تصميمها. فالجواهر، على العكس من الأزياء، تحافظ على بريقها وألوانها، لا تبهت بفعل الزمن، ولا تتأثر بصرعات الموضة الموسمية، التي يمكن أن تجعل بعض التصاميم والخامات موضة قديمة لا تناسب العصر. فرغم أن أغلبها هنا صمم منذ أكثر من قرن من الزمن، فإنها تبدو مناسبة للعصر الحالي بفضل أناقة تصاميمها وجودة أحجارها وفخامتها. أكبر مثال على هذا مجموعة من التيجان المرصعة بسخاء بأحجار الماس، تتباهى ببريقها والشخصيات التي زينت رؤوسها من القرن الماضي إلى الآن، كل تاج منها يتمتع بأسلوب خاص ومختلف يعكس الفترة التي صمم فيها. فـ«الأرت ديكو» يظهر في الأشكال الهندسية التي صيغ بها الماس والعقيق ورص بها اللؤلؤ، بينما يظهر الاهتمام الذي اجتاح العالم بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون في عام 1922، في مجموعة فرعونية لعب فيها مصممو الدار على اللونين الأزرق والأخضر من خلال أحجار الزمرد واليشم وما شابههما.
هناك أيضا التأثير الهندي الذي ظهر في عدة قطع من بينها سوار من البلاتين رصع بالزمرد والعقيق والماس يعود تصميمه إلى 1923، وهو تصميم استلهمه السيد كارتييه إثر رحلة قام بها إلى القارة الآسيوية. الباروك أيضا وجد طريقه إلى كثير من الإبداعات، بما فيه حقائب اليد. وغني عن القول إن المعرض يزخر بأشكال مستوحاة من الطبيعة والكائنات الحية التي تتميز بها الدار وتبدعها في كل موسم لحد الآن. كل هذا التنوع يفسر إلى حد ما سر بقاء دار كارتييه في الواجهة، وكيف نجحت في تجاوز التذبذبات والأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم، وتغير الخريطة الاجتماعية وموازين القوى منذ بداية القرن الماضي. فقد برهنت تصاميمها على قدرة هائلة على التأقلم مع التغيرات ومواكبة تطورات العصر، بتركيزها على الجانب الجميل من كل حقبة. وهذا ما يجعل المعرض بمثابة تأريخ لمسيرتها من ناحية، وللأحداث الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها العالم ككل من ناحية ثانية. وفي كل الحالات، تلح عليك فكرة واحدة، وأنت تجول في المعرض وتعاين قطع الجواهر التي طلبها أثرياء العالم من الدار منذ تأسيسها في عام 1847، أنه في وقت الأزمات تشتعل الرغبة في كل ما هو غال ونفيس، ويزيد إقبال هؤلاء على اقتناء كل ما هو مرصع بأحجار كريمة صافية وضخمة وكأنهم يحتمون بها من غدر الزمن. وقد تكون الجواهر، الحالة الوحيدة والنادرة التي لا تشعر فيها الطبقات الأرستقراطية في أوروبا بالحرج عندما يتعلق الأمر بكل ما هو ضخم وبراق، وتتفق فيها مع مهراجات الهند وقياصرة روسيا.
ومع ذلك فإن المعرض لا يركز على القيمة المادية لهذه الجواهر ولا على فنيتها فحسب كما تعودنا في مثل هذه المعارض، بل يركز أيضا على الأشخاص الذين اقتنوا هذه الجواهر، ومدى تأثيرهم على الحياة الاجتماعية في الفترات التي عاشوا فيها، مما يجعل هذه القطع لا تقدر بثمن، سواء كانت لثريات من أميركا أو ملكات من أوروبا أو نجمات من هوليوود. فإلى جانب سيدات من المجتمع المخملي مثل باربرا هاتون، أو ملكات مثل إليزابيث الثانية أو الملكة ماري من رومانيا، تحتل نجمات هوليوود مكانة مهمة في سجلات الدار، من مارلين ديتريش وغلوريا سوانسون إلى إليزابيث تايلور وغرايس كيلي. فهذه الأخيرة، مثلا، صممت تاجا رصعته بالألماس والياقوت بطلب من الأمير رينييه في عام 1956، إضافة إلى خاتم زواج مرصع بماسة بزنة 10.47 قيراط، حرصت النجمة على إبرازه في آخر أفلامها «هاي سوسايتي»، وهو الفيلم الذي ودعت به عالم هوليوود، قبل أن تتوج أميرة لموناكو. وطبعا لا يمكن الحديث عن الجواهر والنجمات، من دون الحديث عن إليزابيث تايلور. فقد كانت معروفة بعشقها للأحجار الكريمة وتحرص على أن تتلقى في نهاية كل فيلم تصوره هدية غالية، عبارة عن قطعة جواهر، سواء من الاستوديو أو من أحد أزواجها. لهذا كان من الطبيعي أن تربطها بـ«كارتييه» علاقة قوية، تتمثل في كثير من القطع، من بينها قلادة مرصعة بالياقوت أهداها لها زوجها الثالث، مايك تود، تعمدت «كارتييه» أن تظهر جمالياتها بعرض فيلم قصير تظهر فيه النجمة بهذه القلادة وأقراط أذن من نفس المجموعة خلال إجازة على الريفييرا الفرنسية في عام 1957. هناك بالطبع قطع أخرى كثيرة لا تقل جمالا «كل واحدة منها فريدة ومميزة مثل المرأة التي تلبسها» كما يشرح أمين المعرض، باسكال لوبوه. ما يقصده أنها في غاية الأناقة والترف، والأهم أنها موجهة بالأساس لنساء مميزات كان لهن دور مهم في تصميمها، أو على الأقل في اقتراح أفكار وأشكال تجسدت في تحف فريدة من نوعها. أكبر دليل على هذا تأثير الممثلة المكسيكية، ماريا فيليكس، التي كانت مغرمة بالتماسيح. تقول القصة إنها أتت إلى محل «كارتييه» في شارع «دي لا باي»، الذي كان في ذلك الوقت أهم شارع موضة في العالم، ومعها تمساح حي يسبح في قنينة طالبة استنساخه لها بالأحجار الكريمة. لبت الدار طلبها وكانت النتيجة مبهرة على كل المستويات. واحدة من القطع التي حصلت عليها بروش على شكل التمساح الذي أحضرته معها، تشعر وأنت تنظر إليه متسلطنا وراء زجاج خزانة العرض بمخالبه وتقوس ظهره، بأنه يتابعك بعيونه متوثبا للحركة. ويبدو أن الممثلة الغريبة الأطوار، كانت تعشق كل أنواع الزواحف وليس التماسيح فقط، الأمر الذي تؤكده قلادة ضخمة على شكل أفعى، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تحفة فنية وتقنية على حد سواء، بحرفيتها وتفاصيلها، والأهم من ذلك بمرونتها وقدرتها على الالتفاف حول العنق بسهولة. هذه القدرة على تطويع المعادن وترويضها من التقنيات التي تفخر بها الدار وتكررها في كثير من إبداعاتها إلى اليوم.
هناك أيضا المصممة جان توسان التي يقال إنها كانت القوة الدافعة لتصميم مجموعة «بانتير» الشهيرة. فمما يذكر أنها التحقت بدار «كارتييه» في عام 1910، وكانت تتمتع بحدة طباع لا يضاهيها سوى قوة حدسها في اختيار القطع الفريدة، مما جعل السيد لويس كارتييه يلقبها بالنمرة. وسرعان ما تمخض عملها مع الدار عن ولادة مجموعة «بانتير». ونظرا للنجاح الذي قوبلت به المجموعة، زين شكل النمر بطاقات الدعوة لحضور معرض خاص بها نظم في عام 1914. وفي السنة نفسها، ولدت ساعة صمم ميناؤها على شكل نمر رصعت بالألماس والعقيق. مرت السنوات، وفي عام 1948، استعاد النمر قوته بعد أن طلبه دوق ويندسور على شكل بروش ليهديه لواليس سمبسون. ولا بد هنا من التنويه بأن علاقة الدوق بالدار الفرنسية كانت مهمة للغاية أثمرت كثيرا من التعاونات والأشكال المثيرة التي كانت دائما من نصيب واليس. أكبر دليل على قوة هذه العلاقة وتأثيرها الممتد إلى اليوم أن «كارتييه» اكتسبت لقبها «صائغ الملوك، وملك الجواهر» من وصف تبرع به الدوق في إحدى المرات. من جهتها، لعبت واليس سيمبسون الدور بإتقان، وكانت من النساء المميزات والمؤثرات على مسيرة الدار. فقد كانت تعشق الجواهر وتتقن التزين بها، خصوصا وأنها كانت تتمتع بذوق رفيع وأسلوب هادئ وبسيط فيما يتعلق بالأزياء، مما جعل هذه الجواهر تجد الأرضية المناسبة للبروز والتألق. واليس سيمبسون أيضا، لم تكن تؤمن بالحلول الوسطى ولا تتنازل عن الجودة والتفرد مهما كان الثمن، فمن أشهر مقولاتها أن الجواهر «عندما تكون متاحة ويسهل الحصول عليها، تفقد متعتها». رأي جسدته كل القطع الخاصة بها، من البروش الذي يمثل نمرا ثلاثي الأبعاد رصع بزفير كشمير إلى بروش آخر يجسد طائر الفلامنكو وهلم جرا من الجواهر التي تؤكد ذوقها الرفيع وفي الوقت ذاته ومهارة حرفيي الدار الفرنسية في صياغة أشكال مبتكرة بأجود الأحجار.

* يمتد المعرض إلى 16 فبراير (شباط) 2014 في «لوغران باليه» Le Grand Palais بباريس
* كل الصور من Pierre - Olivier Deschamps © Cartier



حقائب اليد لهذا الموسم... بين النوستالجيا والتجديد

«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
TT

حقائب اليد لهذا الموسم... بين النوستالجيا والتجديد

«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)
«مي بولسا» حقائب تدمج الدفء الإسباني بالكلاسيكية البريطانية (مي بولسا)

إذا كان هناك شيء واحد يمكن أن يجدد إطلالتك، فهو حقيبة اليد. إكسسوار يُثبت منذ تسعينات القرن الماضي قدرته العجيبة على الارتقاء بأي إطلالة مهما كانت بسيطة. منذ ذلك الحين وهو استثمار لا يخيب، على شرط اختياره بمواصفات معينة، تبدأ بمصدر الخامات وطريقة دباغتها إلى التصميم المبتكر، مروراً بجودة الخامة نفسها. فقط عندما تتوافر فيها هذه العناصر، تحافظ على قيمتها وقدرتها على شد الانتباه في الوقت ذاته.

الليدي إليزا وتوأمها الليدي أميليا سبنسر وحقائب للمساء والسهرة من «أسبينال» (أسبينال)

علاقة تجارية أولاً

الجدير بالذكر أنها لم تكتسب روح الاستثمار في التسعينات. فهذه الحقبة كانت المساحة التي بنت عليها سمعتها بوصفها إكسسواراً مهماً. شكّلت بالنسبة لصناع الموضة فرصة ذهبية لإغراء المرأة بشراء في كل موسم بجديد، ومن ثم تحقيق الربح. وسرعان ما أصبحت الترموميتر الذي تقاس به قدرة المصممين وتحدِّد نجاحهم وبقاءهم. كل هذا جعل المنافسة على أشدها بين كبار بيوت الأزياء لابتكار «حقيبة الموسم». وهذا يعني زيادة الضغوطات على المصممين الذين تسابقوا على طرح أشكال وألوان كثيرة منها، حتى إذا خابت واحدة تصيب أخرى. وطبعاً ساهمت المرأة في نشر هذه الثقافة الاستهلاكية بشرائها حقيبة أو أكثر في كل موسم.

بطلة السباحة يسرى مارديني وحقيبة من دار «سالفاتوري فيراغامو» (فيراغامو)

الأمر يختلف حالياً؛ إذ أصيب الجيل الجديد بنوع من التخمة من كثرة التصاميم الموسمية. عقليته وسلوكياته الشرائية أيضاً تختلف عن الجيل السابق. لم تعد منتجات تفقد وهجها بعد أشهر أو سنة تثيره، كما بدأ يبتعد عن كل ما يحمل «لوغو» صارخاً. الأناقة الحقيقية بالنسبة للغالبية هي تلك التي تقوم على الاستدامة والجودة العالية والابتكار، وهذا يعني الاستثمار في حقيبة يمكن أن تبقى معه طويلاً. تصرخ بالرقي من دون صوت أو ضجيج، بفضل شكلها وخاماتها. هذا التوجه كان له تأثير السحر على علامات معينة مثل «لورو بيانا» و«ذي رو» للأختين ماري كايت وآشلي أولسن، وعلامة «أسبينال»، التي تربطها خيوط متينة بالعائلات الأرستقراطية.

في حملتها الأخيرة، استعانت العلامة الإنجليزية بالليدي إليزا وأختها الليدي أميليا سبنسر، ابنتَيْ إيرل تشارلز سبنسر، شقيق الأميرة الراحلة ديانا لتسويق مجموعتها الجديدة. فهما سفيرتان للدار منذ سنوات، وتُجسدان روحها الإنجليزية الراقية. بينما بقيت التصاميم كلاسيكية، تنوعت أحجامها وتلونت بألوان الأحجار الكريمة، وكأنها تقول إنها لا تقل قيمة عنها. تشير الدار إلى أن الأختين ستظهران في كل مناسبات الأعياد بحقائب من هذه المجموعة؛ لأنها وبكل بساطة «تليق بالأميرات والملكات»، وتتنوع في أشكال تغطي كل المناسبات.

الليدي أميليا سبنسر وحقيبة «توت» لمناسبات النهار وأماكن العمل (أسبينال)

العودة إلى القديم

المشكلة المطروحة أن التنافس بين بيوت الأزياء والأسماء الكبيرة على خطف القلوب والوصول إلى الجيوب، خلق تنوعاً يُصيب بالحيرة، لا سيما أن جرعة الابتكار تضاعفت بدليل التصاميم التي طرحتها كل من «جيورجيو أرماني» و«ديور» و«بوتيغا فينيتا» و«سكياباريللي» و«فيراغامو» و«فندي» وغيرها. بعضهم تبنى فكرة أن تكون التصاميم جديدة بكل معنى الكلمة مثل «جيورجيو أرماني»، بينما عاد بعضهم الآخر إلى كلاسيكيات قديمة نجحت في عصرها باعتبارها مضمونة. في الحالتين، تستشعر رغبة محمومة في جعل حقيبة اليد تستعيد نفس النجومية التي حظيت بها في التسعينات وبداية الألفية، حين كان مجرد ظهور واحدة على كتف نجمة أو يد أخرى يجعلها، بين ليلة وضحاها، ظاهرة، تنفد من الأسواق، وتضاف إلى قوائم الانتظار لأشهر طويلة.

لشتاء 2025 شهدت حقيبة Paddington تطوراً دقيقاً مع الحفاظ على جوهرها (كلوي)

لم يكن هذا النجاح محض صدفة أو نتيجة تسويق ذكي، بل كان نابعاً من جاذبية التصميم. أكبر مثال على هذا، حقيبة «بادينغتون» التي تميزت بقفل كبير وجلد ناعم وتفاصيل مستوحاة من عالم الفروسية. حققت لدار «كلوي» نجاحاً منقطع النظير عندما أصدرتها أول مرة في عام 2005، وحلقت بفيبي فيلو، مصممتها آنذاك إلى العالمية. عيبها الوحيد كان وزنها الثقيل، وهو ما صححته «كلوي» هذا الموسم. استعملت معادن أخف وزناً، وجلداً أكثر نعومة ومرونة، وأضافت فتحة بسحاب واحد زاد من عمليتها. كل هذا من دون أن تغير بأساسيات هيكلها... فهو مكمن قوتها.

ولأنه من الصعب جداً ابتكار أشكال جديدة تماماً، فإن العديد من بيوت الأزياء الكبيرة عادت إلى قديمها بترجمات تقتصر على التفاصيل مثل المقابض والمشابك والتطريزات إضافة إلى إدخال مواد جديدة أو تطوير الخامات.

من بين هذا الكم الهائل من الحقائب المطروحة هذا الموسم والمواسم المقبلة، اخترنا التالي:

«لايدي ديور»

«لايدي ديور» النسخة الجديدة مزخرفة بحرفية وكأن قطرات ماء صافية تتدلى منها (ديور)

في كل موسم، يُعاد ابتكار حقيبة «لايدي ديور» بأسلوب يعكس روح الدار وحرفيّتها. وفي مجموعة «ديور كروز» لعام 2026، عادت بحلّة مصغّرة مصنوعة من الجلد الأبيض الناصع، تزينها تفاصيل شفافة وكأنها قطرات ماء صافية تؤكد مهارة حرفيي الدار في تقطيع الجلد، وصياغة المقابض وتثبيت كل جزئية بعناية مدروسة، بما في ذلك الأحرف التي نقش بها اسم «ديور». فهو ليس «لوغو» بقدر ما هو زخرفة تضاف لجمال الحقيبة.

من «جيورجيو أرماني»

دار «جيوجيو أرماني» استعارت تفاصيل من الأزياء في حقائب مفعمة بالأناقة والفخامة (جيورجيو أرماني)

تبرز مجموعة بجلود فاخرة وتفاصيل أنثوية دقيقة، منها الأيقونتان «لابريما» و«لابريما سوفت» إلى جانب تصاميم جديدة، تتميز بآليات إغلاف فريدة مستوحاة من السترات التي برع فيها المصمم الراحل وأصبحت مرادفاً لقدرة الدار على الإبداع. أما حقيبة توت الجديدة فتستحضر أشكالاً أرشيفية تم تجديد الجزء العلوي منها لتصبح أخف وأقرب إلى التصميم المفكك، ما يمنحها عملية وأناقة. فهي تحتوي على كيس داخلي وحزام كتف قابل للتفكيك. وتأتي بجلد العجل المحبب أو السويد. تضم التشكيلة أيضاً حقائب «كلاتش» لتلك المناسبات الخاصة من جلد النابا أو السويد مع تطريزات أنيقة، وحقائب كتف من جلد العجل المحبب أو السويد بشكل شبه منحرف وحواف معدنية.

من «فندي»

طرحت «فندي» نسخاً جديدة من أيقوناتها الناجحة (فندي)

ركّزت دار «فندي» في مجموعتها لربيع وصيف 2026 على إكسسوارات تلعب على نقش Falena (الفراشة) بأسلوب تجريدي، بدءاً من حقائب Baguette التي جاءت مطرّزة بأجنحة الفراشة أو مرصّعة بالترتر، إلى حقائب Peekaboo المصنوعة من صوف الشيرلينغ المجزوز أو بالأنماط الزخرفية المحبوكة. تمتد طبعات الفراشة أيضاً على حقيبة FENDI Spy الناعمة. وحقيبة FENDI Verse الجديدة متعددة الاستخدامات مع أحزمة كتف قابلة للتعديل ومزيّنة بقطع معدنية تحمل شعار FF، فيما تأتي حقيبة Baguette أيضاً بتصميم clutch مع مشبك إغلاق يحمل شعار FF.

إيكارنو من «سان لوران»

حقيبة «إيكارنو» من «سان لوران» أصبحت حقيبة معتمدة من قبل النجمات (سان لوران)

نسخة مصغرة أيضاً طرحتها دار «سان لوران» لخريف وشتاء 2025من تصميمها الشهير «إيكارنو». إضافة إلى حجمها الذي يراعى الموجة السائدة حالياً في عالم الحقائب، يمزج تصميمها الأناقة بالعملية الوظيفية، ما يجعلها مناسبة لكل الأوقات. فحجمها رغم صغره عملي بامتياز بفضل سحاب الإغلاق ونعومة الجلد، تحافظ على رموز الدار وشخصية «إيكارنو» من ناحية جلد العجل الناعم، والخياطة المضلعة ذات الشكل الماسي المسطح، فضلاً عن الألوان المتنوعة ما بين الأسود والرمادي والأخضر والبني الباهت والبرتقالي المطفي وغيرها من الألوان. اختيارها بلون كلاسيكي محايد يجعلها استثماراً بعيد المدى.

«نيو لاغيج» من «سيلين»

حقيبة «نيو لاغيج» من سيلين ربما تكون الأكبر حجماً لتستوفي كل عناصر الأناقة والعملية (سيلين)

يبدو أن «سيلين» Celine أيضاً عادت إلى قديمها لتجدده. رسا الاختيار هذه المرة على حقيبة «نيو لاغيج» NEW LUGGAGE المستوحاة من حقيبة «فانثوم لاغيج» Phantom Luggage التي صممتها مديرتها الإبداعية السابقة، فيبي فيلو، وحققت نجاحاً كبيراً في 2010 بتفاصيل تستحضر حقيبة «ميسترال» التي صُممت أول مرة في عام 1969 على يد سيلين فيبيانا، مؤسسة الدار سيلين.

النسخة الجديدة تتميز بحجم أكبر، ومن جلد الحمل الناعم واللامع، فيما تم تحسين هيكل الحقيبة باستعمال خياطة عكسية مع حواف مخيطة وسحاب. تفاصيل تزيد من نعومتها وخفة وزنها وفي الوقت ذاته من عمليتها. فهي مطروحة بأحجام متنوعة وباستخدامات متعددة. حجمها الصغير يتيح حملها على الكتف أو باليد بعد إزالة الحزام. وبحجمها المتوسط يمكن أن تحمل باليد أو على المرفق، وبحجمها الصغير على الكتف أو بمقبض اليد.

«مي بولسا» Mi Bolsa

رغم خاماتها المترفة مثل جلود العجل الناعم والتماسيح تؤمن «مي بولسا» بأن جمال الحقيبة في بنيتها لا في سعرها (مي بولسا)

تعني بالإسبانية «حقيبتي». عمرها لا يتعدى بضع سنوات، ومع ذلك أكدت أن لها رؤية مبتكرة تجمع الأسلوب الإسباني المنطلق والكلاسيكية البريطانية. تأسست على يد ميكايلا وشقيقها أليكس، اللذين يجمعان خلفيات وتجارب متنوعة. فميكايلا مثلاً كانت تعمل في قطاع المال بلندن، وبعدها في تطوير المنتجعات في كوريا الجنوبية لكن شغفها بالحقائب جعلها تتخلى عن مسيرة مهنية مضمونة لتدخل عالم المنافسة من خلال حقائب حرصت على أن تعكس شخصيتها، وكل ما تعنيه كلمة الفخامة من معانٍ، لكن بأسعار متوسطة. فهي ترى أن الفخامة لا تقاس بالسعر بقدر ما تقاس بتلك العلاقة التي تربطها بصاحبتها. والنتيجة أن العلامة تقدم مجموعة واسعة من التصاميم، تخاطب كل الأوقات والأذواق. لكن يبقى الجلد الناعم والخفة قاسمين مشتركين في كل هذه التصاميم، سواء تلك التي تُحمل باليد أو على الكتف.


تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
TT

تانيا فارس أول لبنانية تفوز بجائزة الموضة البريطانية وجوناثان أندرسون يحقق ثلاثية ذهبية

تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)
تانيا فارس خلال تلقي كلمتها بعد حصولها على جائزة تقدير على إسهاماتها في دعم المصممين الناشئين (غيتي)

في الوقت الذي كان فيه لبنان يحتفل بزيارة البابا روبرت بريفوست (ليو الـ14) التاريخية، كانت اللبنانية تانيا فارس تكتب التاريخ في مجال الموضة بوصفها أول لبنانية تفوز بجائزة التقدير الخاص (Special Recognition Award) عرفاناً لها بـ15 عاماً من مبادرة BFC Fashion Trust، وتقديراً لدورها في تأسيس هذه المبادرة.

تانيا فارس عبَّرت عن فخرها بكونها أول لبنانية تحصل على الجائزة (غيتي)

بكلمات تُعبّر عن فخرها بهويتها قالت تانيا وهي تتسلم الجائزة، إن لا شيء يضاهي سعادتها سوى فخرها بأصولها اللبنانية وكونها أول لبنانية تحصل عليها.

جدير بالذكر أن حفل جوائز الموضة البريطانية السنوي من أهم فعاليات عالم الموضة، حيث تُقدَّم فيه جوائز لأهم المصممين العالميين والشباب إلى جانب صناع الموضة والمؤثرين من رؤساء تنفيذيين ومصممين ومبدعين في مجالات فنية مختلفة أخرى. كما يحضره أفراد من الحكومة دعماً لصناعة تدر على البلد الملايين وتوظف الآلاف.

عمدة لندن صادق خان يتوسط المصممة روكساندا والنجمة كيت بلانشيت لدى وصولهم الحفل (رويترز - أ.ف.ب)

هذا العام، وفي أول ليلة من ديسمبر (كانون الأول)، وبين زخّات مطر خفيفة تلامس شوارع لندن، ازدانت قاعة رويال ألبرت هول بالبريق: أضواء مشعة ونجوم في فساتين مثيرة، وكأنها بهذا الكم من الأناقة الراقية، تطوي عاماً حافلاً بالإبداع والفن والتغييرات الجريئة.

منذ اللحظة الأولى وحتى قبل بدء الحفل، بدت الأجواء خارج القاعة واعدة. مشاهير من عالمي الفن والموضة تحدّوا الطقس اللندني وتألقوا على السجادة الحمراء. من شارون ستون وكيت بلانشيت وصادق خان، عمدة لندن، وهلمّ جراً من الأسماء الكبيرة، والتي كان عدد لا يستهان منها يأمل في أن يسمع اسمه من بين الفائزين.

أندرسون... ثلاثية ذهبية

من هؤلاء كان الآيرلندي جوناثان أندرسون، المدير الإبداعي الحالي في دار «ديور» والذي فاز بجائزة مصمم العام، محققاً بهذا إنجازاً قياسياً. فهذه المرة الثالثة التي يفوز بها باللقب على التوالي، وإن كان هذا العام يحمل قيمة إضافية بالنسبة له؛ لأنه فاز بالجائزة عن علامته الخاصة «جي دبليو أندرسون» وعن دار «ديور» التي التحق بها مؤخراً وقدم لها أول مجموعة من إبداعه منذ أشهر قليلة.

جوناثان أندرسون بعد تسلمه جائزة مصمم العام للمرة الثالثة على التوالي (غيتي)

وقف أندرسون وسط تصفيق حار، وقال بروح مرحة: «سأكون سريعاً... أعلم أن الجميع يرغب في الاحتفال». ثم عبّر عن شكره لدلفين أرنو، الرئيسة التنفيذية للدار وإلى فريقه قائلاً: «أؤمن بأن التعاون طريق النجاح». إنجاز أندرسون لا يقتصر على تحقيقه الرقم القياسي هنا، بل يمثل لحظة تحول مهمة لدار «ديور» التي من المتوقع أن يضخها بروح جديدة تجمع بين الحداثة والحرفية وبين الماضي والمستقبل.

جوائز تُكرّم الإبداع البريطاني

وفي سياق الجوائز التي تحتفي بالفعل الإبداعي البريطاني، فازت سارة بيرتون بجائزة مصمّمة الأزياء النسائية البريطانية للعام عن عملها في دار «جيفنشي»، التي التحقت بها مؤخراً، مؤكدة استمرار تأثيرها الراسخ في عالم الأزياء النسائية.

وعلى الجانب الآخر، توّجت غريس ويلز بونر بجائزة مصمّم الأزياء الرجالية البريطانية للعام عن علامتها Wales Bonner، بعد عام شهد حضوراً قوياً لها على منصات العرض وفي النقاشات الثقافية المرتبطة بالهوية والموضة، لا سيما بعد دخولها دار «هيرميس» خليفة لفيرونيك نيشانيان التي تولت القسم الرجالي لنحو 37 عاماً.

أما جائزة Vanguard، التي تُمنح للمواهب الواعدة، فكانت من نصيب المصمّمة ديلارا فندك أوغلو، التي واصلت خلال العام الماضي فرض نفسها بوصفها واحدةً من أكثر الأصوات الشابة إثارة للاهتمام في عالم الأزياء التجريبية.

برونييلو كوتشينيلي

شارون ستون وبرونيلو كوتشينلي قبل دخولهما قاعة الحفل (أ.ف.ب)

ومن بين الجوائز المهمة أيضاً في الأمسية، كانت جائزة الإنجاز المُتميز التي ذهبت هذا العام إلى المصمّم الإيطالي برونيلو كوتشينيلي، المعروف ببناء إمبراطورية عالمية للرفاهية الهادئة من مقره في قرية سولوميو الحالمة بوسط إيطاليا. وكان توم فورد هو الفائز بهذه الجائزة في العام الماضي؛ الأمر الذي يؤكد استمرار الاعتراف بالأسماء التي تركت بصمتها على الصناعة بأبعادها الإنسانية والحرفية.

الجانب الإنساني يسرق الأضواء

رغم أن أسماء الفائزين ببعض الجوائز كانت معلنة قبل الحدث، فإن اللحظات التي عاشها الضيوف داخل القاعة لم تفقد تأثيرها.

كانت أنوك ياي، الفائزة بجائزة عارضة العام، من أبرز هذه اللحظات. العارضة السودانية - الأميركية التي تصدرت أغلفة المجلات العالمية مثل «فوغ» فرنسا، وظهرت في حملات سان لوران وفيرساتشي، وقدّمت عطراً من تييري موغلر، اعتلت المسرح وهي تتلقى الجائزة من الفائزة السابقة أليكس كونساني. وقالت ياي بخفة ظل: «قيل لي إن مسيرتي لن تتجاوز ستة أشهر... ويبدو أنها كانت ستة أشهر طويلة، أليس كذلك؟»، ثم تحوّلت عباراتها رسالة تمس القلوب: «إلى كل الفتيات السود الصغيرات اللواتي يشاهدنني الآن... لونكن ليس لعنة. أنتنّ أقوى مما تتخيلن». كلمات جعلت القاعة تصمت في لحظة إجلال، قبل أن تنفجر بالتصفيق.

إبداع يربط الموضة بالثقافة

جائزة المبتكر الثقافي كانت من نصيب ليتل سيمز، الفنانة التي تجمع بين الموسيقى والتمثيل، والتي أهدت جائزتها «لنسختها الصغيرة» التي لم تكن لتتخيل هذا اليوم، لكنها «رأته حتى النهاية».

كما شهد الحفل منح جائزتي تقديراً خاصاً في هذا المجال لكل من دلفين أرنو وBFC Fashion Trust متمثلة في تانيا فارس بمناسبة مرور 15 عاماً على تأسيسه.

وحصلت لولو كينيدي ورافاييل مور على تكريم 25 عاماً من Fashion East، بينما ذهبت جائزة «لحظة باندورا الأسلوبية» للعام إلى سام وولف.

أما جائزة «إيزابيلا بلو للإبداع»، فقد مُنحت لكلٍّ من راي كاواكوبو، وأدريان جوفي، وديكون باودن عن Dover Street Market.

تخللت الحفل أنشطة فنية وترفيهية عدة عربوناً على لقاء الموضة والفنون (رويترز)

وهكذا اختُتمت أمسية جمعت بين الأزياء وعروض حية من الموسيقى والباليه، إضافة إلى القصص الإنسانية، وفي الوقت ذاته كرّست مكانة جوائز الموضة بين أكثر الأحداث تأثيراً في روزنامة الموضة العالمية. ليلة كتبت فيها لندن فصلاً جديداً، وكان بطلاها الأساسيان لبنانيةً وآيرلندياً.


أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
TT

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)
انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

بين افتتاح المتحف المصري الكبير وفضول عالمي متزايد بسوق الموضة وصعود مصممين من أبناء البلد يطمحون لترك بصمتهم على العالم، يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية. سلاحها، العودة إلى الجذور وإلى حكايات ملهمة إلى جانب توظيف خامات طبيعية محلية.

يبدو واضحاً أن معظم المصممين والمبدعين متمسكون بالجذور رغم تطلعهم للعالمية (خاص)

تحت عنوان «التطور» انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري في احتفال يعكس خطوات واثقة بدأت تحققها صناعة الأزياء منذ إطلاق الحدث لأول مرة في عام 2023. في هذه الدورة برزت رغبة محمومة من قبل المصممين المشاركين في توظيف خامات طبيعية كالقماش والقطن. وطبعاً إحياء حرف يدوية تقليدية في مسار يُعبِد الطريق نحو مستقبل مستدام وهوية تصميم مصرية معاصرة.

فتحت الفعاليات أبوابها للجمهور داخل مبنى كونسوليا وبيت بدير في قلب وسط البلد، بعدما أعادت إحياءهما شركة Coterie الشريك الرئيسي لهذا العام.

من علامة «باز القاهرة» تصاميم مستوحاة من التراث بلغة معاصرة (خاص)

كان هناك حرص على أن تُجرى كل فعاليات الحدث في مكان محدد، حتى لا يضطر الحضور إلى التنقل بين الأماكن في زحمة سير القاهرة، وما يمكن أن يترتب عليه من تأخير وضغوط. ثم إن المكان يتوفر فيه كل شيء، بدءاً من فناء أخضر فيه مقهى إلى طوابق مختلفة يحتضن كل واحد منها فعاليات معينة. الطابق الخامس مثلاً خُصص لأعمال أبرز المصممين المصريين عبر معارض ومنصات تفاعلية وورش عمل، فيما خصصت الطوابق العليا، كمسرح لعروض الأزياء وصالونات للماكياج وتصفيف شعر العارضات.

هناك رغبة في العودة إلى الجذور واستعمال خامات طبيعية مستدامة (خاص)

لكن ما ميز أسبوع هذه الدورة أيضاً، تعدد برامج الحوارات، التي شارك فيها أكثر من 30 شخصية محلية ودولية مؤثرة، من ضمنهم الأرشيدوقة كاميلا فون هابسبورغ-لوتيرينغن والمصممة أمينة غالي من عزة فهمي، و كاميلا فراكاسو ديافيريا من White Milano

والباحثة التراثية شهيرة محرز وشرين رفاعي مؤسسة أسبوع الموضة الأردني.

وشاركت ثمانٍ من أبرز مؤسسات تعليم الموضة في مصر إما بعروض أو معارض تبرز أفكاراً مبتكرة لطلاب يدعمهم برنامج GTEX التابع للمركز الدولي للتجارة ومؤسسة دروسوس بعد عملية انتقاء دقيقة لكل واحد منهم.

كانت القاعات تنبض بالنقاشات حول الاستدامة، الملكية الفكرية، تعليم الحرف والتمويل. وفي ورش العمل، قدّم المصمم الأردني ليث معلوف عروضاً تطبيقية على الأقمشة، بينما شرح مشرفون من مبادرة MSNJ كيف أصبح الصبار خيطاً ناعماً يمكن إدخاله في أزياء صديقة للبيئة.

تقول سوزان ثابت، أحد مؤسسي الأسبوع، إن مصر تزخر بالموارد والمواهب، وتاريخ غني في مجال الموضة لا يعرفه كثيرون ويستحق التعريف به وتسليط الضوء عليه بعد أن طاله غبار الزمن.

المصمم بريهان أبو زيد من علامة «باز» (خاص)

من هذه الفكرة أو الرغبة تبدأ قصة أسبوع الموضة في مصر تحت عنوان «التطور».

كانت التصاميم تشبه دفاتر يوميات مفتوحة ترجم فيها الطلاب رؤية لعالم يريدون أن يكونوا جزءاً منه عن استحقاق.

لكن وراء الألوان والقصات والأضواء وتسريحات الشعر الأنيقة، يقف اقتصاد ضخم. فصناعة النسيج مثلاً من أهم ركائز الاقتصاد المصري، وكذلك القطن المصري الذي يعد علامة فارقة في المنتجات العالمية من ناحية جودته وفخامته. تقول سوزان: «هذا تحديداً ما يرتكز عليه أسبوع الموضة ليعيد صياغة هذه الصناعة، ليس فقط عبر تصدير الخامات، بل عبر خلق علامات مصرية قادرة على المنافسة عالمياً وتحمل مفهوم (صنع في مصر)».