تقنيات مطورة لتحليل المشاعر الإنسانية «غير المحكيّة» في الإنترنت

أجهزتكم ستعرف عنكم أكثر مما تعرفون عن أنفسكم

تقنيات مطورة لتحليل المشاعر الإنسانية «غير المحكيّة» في الإنترنت
TT

تقنيات مطورة لتحليل المشاعر الإنسانية «غير المحكيّة» في الإنترنت

تقنيات مطورة لتحليل المشاعر الإنسانية «غير المحكيّة» في الإنترنت

لمعرفة المزيد عن التقنية القادرة على قراءة العواطف البشرية، شاهدوا الحلقة الأولى من مدوّنة «شود ذيس إكزيست؟» الصوتية التي تناقش تأثير التقنيات الناشئة على الإنسانية.
عندما نجلس مقابل شخص آخر على طاولة في أحد المقاهي ونسأله عن يومه، غالباً ما يردّ بجواب مهذّب مثل: «لا بأس». ولكن عندما يكذب هذا الشخص، يمكننا معرفة ذلك من تعبيره ونبرة صوته وتشنجاته وتقلّص عضلاته، لأنّ غالبية أحاديثنا ليست لغويّة.
يقرأ الناس المعاني الضمنية - الأدلّة غير المحكيّة - لمعرفة الحقيقة ويغوصون في عمق ما يقوله الآخرون ليفهموا معناه. واليوم، مع إجراء الكثير من الأحاديث عبر النصوص الإلكترونية، بات الكثير من الرسائل التي تحمل نصوصاً ضمنية، تبوح بمعلومات أقلّ من أي وقت مضى.
تسعى رنا القليوبي، الشريكة المؤسسة لشركة «أفيكتيفا» Affectiva المتخصصة في تعليم تحليل المشاعر sentiment analysis للآلات، لتحسين الأدوات التي نستخدمها واستعادة عظمة تبادل الأحاديث مجدداً. وفي مقابلة لها مع موقع «كوارتز»، قالت رنا القليوبي إنّ «قسماً كبيراً من التواصل (93 في المائة منه) يضيع في الفضاء الإلكتروني.
ويعاني الناس اليوم من «العمى العاطفي»، ولهذا السبب، بتنا نرى تعاطفاً أقلّ حول العالم. ومن وجهة نظرها، فإن الحلّ لا يكون في التوقف عن استعمال التقنية التي تجرّدنا من إنسانيتنا، بل بتصميم أدوات تفهم البشر حقّاً.
- تقنية رصد العواطف
تبتكر شركة القليوبي أدوات للإبحار في المسافة القائمة بين اللغة والمعنى.
وتقنياً، تعمل رنا القليوبي وزملاؤها على جمع قاعدة بيانات لتعابير الوجه من حول العالم للحصول على صورة شاملة للتواصل البشري. حتى اليوم، جمع الفريق 7.7 مليون وجه من 87 بلداً، مع خمسة ملايين إطار وجهي. والفكرة هنا هي إثبات أنّ قدرة الآلات على قراءة النصوص الضمنية التي نكتبها، ستمكّنها من تلبية حاجاتنا بشكل أفضل وفي أوضاع مختلفة.
> رصد تجاوب التلاميذ في الصفوف الإلكترونية. لنتحدّث عن التعليم الإلكتروني مثلاً. تخيّلوا أنّكم تحضرون صفاً ما عبر الإنترنت وشعرتم بالضياع خلاله. عندها، سيفهم الكومبيوتر ضياعكم عبر الكاميرا من عبوسكم ونظرتكم المحتارة، وسيعمد إلى تنبيه النظام بشكل يدفع المادّة التي تدرسونها إلى التجاوب معكم حسب حاجتكم بإعطائكم مزيداً من الأمثلة أو مسائل أقلّ صعوبة للحلّ؛ حتى أنّه قد يغيّر المواضيع لتفادي الإحباط، تماماً كما قد يفعل أي أستاذ في غرفة صفّ عبر تغيير النشاطات أو التكتيكات بما يتناسب مع شكل استجابة الطلاب للمادّة.
في حال استطاعت الآلات قراءة النصّ الضّمني، إذن ستنجح في تلبية حاجاتنا بشكل أفضل وفي حالات كثيرة.
> تحليل حالات التوحد. بدأ استخدام عمل القليوبي حقّاً وفي مجالات مهمّة. يساعد التحليل الآلي للأحاسيس الأشخاص المصابين بالتوحد الذين يواجهون صعوبات في تحليل المعنى الضمني العاطفي في المحادثات، على فهم الحديث بشكل أفضل من خلال تفسير بيانات الطرف الآخر وتزويدهم بمعنى كلامه.
يمكن لجهاز يشبه النظارة، أن يرسل إشارة لمرتديه عندما يفوّت أدلّة مهمّة غير محكية وذلك كي لا يعتمد على الكلام فحسب في الحكم على موقف معيّن.
- مشاعر مستخدمي الإنترنت
> مشاعر المشاركين في ندوات الإنترنت. تستخدم رنا القليوبي أداتها الخاصة أيضاً في قياس مستوى تلقّي المستمعين خلال الندوات عبر الإنترنت. وعادة، يعجز المحاضر عن تبيان ما إذا كان المستمعون يركزون فيما يقوله عند التواصل مع مجموعة عبر الشبكة.
ولكن مع المساعدة التقنية، سيتمكّن من الإحساس بمدى انخراط الجمهور بمحاضرته، وبالتالي، سينجح في إيصال رسالته بفعالية أكبر. وأضافت رنا القليوبي قائلة إنّ عرض معلومات على شاشة المتحدّث تطلعه على مستويات مشاركة المتلقّين وفقاً لتعابيرهم، سيساعده في تقديم محاضرة أفضل.
استخدم المعلنون هذه الأداة أيضاً لاختبار ردود الجمهور على حملة إعلانية محتملة. في الوقت الذي كان فيه المتفرجون يشاهدون الإعلان، كانت تقنية «أفيكتيفا» تعمل على تحليل تعابير وجوههم. وهكذا، يحصل المروّجون على لمحة أفضل عن النجاح المحتمل لإعلانهم من خلال تحديد عدد إجابات المشاهدين غير المحكية في الوقت الحقيقي.
> تعابير ونظرات سائقي السيارات. تحدّثت رنا القليوبي أيضاً عن إمكانية تجهيز السيارات بتقنية لمراقبة نظر السائق وتعابير وجهه، كما تفعل «كيا» مع سياراتها اليوم. عندها، ستتمكّن السيارة من تنبيه السائق عندما يتشتّت انتباهه عن الطريق. كما ستصبح قادرة على تفادي الحوادث قبل حصولها وببساطة عبر التركيز على الحالة الذهنية للسائق وتنبيهه عندما يتشتت انتباهه أو يشعر بالدوار.
وترى القليوبي أن مجالات استخدام تقنيتها لا تعدّ ولا تحصى. ولكن مع استمرار عملها عليها، وتحسّن ترجمة هذه التقنية للمعلومات غير المحكية التي تتضمنها المحادثات، زاد تساؤل الباحثة حول أهمية الأحاديث التي تجريها في حياتها الخاصة، وتفكيرها بعدد المرّات التي اكتفت فيها بالكلمات الصادرة عن الأشخاص، وبأنّها لو تنبّهت لضعف قدرة اللغة على الإقناع، لفهمت أنّ ما كانوا يقولونه وما عنوه فعلاً هما أمران مختلفان.
- أخلاقيات التقنية
لا شكّ أن هناك احتمالات لا تنتهي، لتوظيف التقنية العاطفية في استخدامات خطرة أيضاً، ففي حال وقوعها في أيادٍ غير مسؤولة، يمكن استعمال هذه الأداة التي تقرأ وتحلّل المشاعر البشرية لأغراض التمييز والتلاعب ولاستغلال البيانات الخاصة بمشاعرنا.
> استخدامات شريرة. كانت القليوبي وزملاؤها قد تعهدوا بعد السماح باستخدام أداتهم لأغراض الأمن والمراقبة. وتجدر الإشارة إلى أن الفريق المبتكر أثبت وفاءه بعهده بعد رفض عروض مربحة لتوقيع اتفاقيات ترخيص على حساب مبادئ أفراده. وكشفت القليوبي أن شركة «أفيكتيفا» ترفض عروضاً أسبوعية لمستثمرين مهتمين بتطوير تقنية ذات أهداف بوليسية.
لا تخفي خبيرة «التقنية العاطفية» أي أسرار وتريد للجميع أن يعي المخاطر التي قد تخفيها أداتها، لأنها تعتقد أننا بحاجة للتفكير حول كيفية تطوير هذه الأدوات واستخدامها، وما قد تعنيه للمستقبل. وتعبّر رنا القليوبي بثقة عن أنّ هذه ليست إلّا البداية بالنسبة لأداتها التي ستؤثر حتماً على جميع الناس عندما تصبح مدمجة في كثير من الأجهزة التي نستخدمها.
إنّ أخلاقيات العمل التقني لا تعني المطورين فحسب، بل جميع من ينتهي به الأمر باستخدام منتجات لا يفهم آثارها أيضاً.
> الشفافية للحصول على كنز من البيانات. قبل كلّ شيء، تشدّد القليوبي على أهمية فهم المستخدمين وموافقتهم على إعطاء بيانات عن وجوههم عند استخدام أداة مشابهة. كما يتوجب على الشركات إظهار شفافية تامّة حول ما إذا كانت تجمع المعلومات ولأي أهداف، خاصة أن المعلومات التي تقدّم اليوم بشكل محصور يمكن أن تستغلّ علناً في المستقبل.
وعلى سبيل المثال، لا تعمل السيارات التي تستخدم أداة «أفيكتيفا» اليوم على تسجيل بيانات الوجه. في المقابل، قد يتيح تسجيلها لشركات التأمين استخدام تسجيلات تعابير الوجه للتأكد من مصداقية الحادث، أو يقدّم مساعدة فعالة للشرطة في تحقيقاتها. ويحب تذكر أن استخدامات البيانات تتكاثر وتتعدد، ولكنّها ليست جميعها لأهداف الخير.
- جمع وجوه كل العالم... تحليل الابتسامة والعبوس ورصد نبرة السخرية
> إزالة عيوب التقنية. تعتبر الاختزالية (اختزال كل الأمور والجوانب إلى حالة مبسطة) أحد العيوب الأخرى التي قد تشوب تقنية التحليل العاطفي. إذ يفترض بأداة قادرة على تمييز الاختلافات أن «تتعرّف» إلى جميع أنواع الوجوه في جميع الأماكن ومن بين عدد لا يعدّ ولا يحصى من الناس، لإعطاء المعنى الصحيح.
لكننا نرى في المقابل، أن الخوارزميات المبنية على مجموعة محدّدة من البيانات، تكون منحازة وقادرة على التعرّف على الوجوه التي رأتها بشكل متكرّر فقط، مما قد يؤدي إلى إعطاء الآلة لمعلومات خاطئة أو ظالمة.
ولكنّ تدريب الآلة على قراءة على جميع أنواع الوجوه يتطلّب جمع الكثير من البيانات من كثير من الأشخاص والثقافات، ويعني أيضاً فهم مجموعة كبيرة من التعابير وفي أماكن مختلفة.
> الابتسام والعبوس تعبيران عالميان. تتحكّم الثقافة بالتعابير التي تظهر على وجوهنا إلى حدّ ما. وترى القليوبي وزملاؤها أنّ الابتسام والعبوس هما تعبيران عالميان، ولكن التأثيرات الثقافية تزيد أو تلغي بعضاً من حدتهما. فقد توصّل الفريق مثلاً إلى أنّ الأميركيين اللاتينيين أكثر تعبيراً من الآسيويين من الشرق، وأن النساء حول العالم يبتسمن عامة أكثر من الرجال.
> السخرية - نبرة يصعُب رصدها. تحدّثت القليوبي أيضاً عما أسمته «الكأس المقدّسة» في مجالها وهي الخوارزمية المسؤولة عن رصد السخرية. فرغم اعتبارها نوعاً باهتاً من الطرافة، تستخدم السخرية نبرة تتعمّد إقناع الطرف الآخر بالرسالة المعاكسة، وهو نوع معقّد جداً من الرسائل.
يمكن القول إنّ السخرية هي نوع من الغمز الصوتي، وعندما تنجح أداة معينة في فهم هذا الوضع التواصلي المبطّن المصحوب غالباً بغمز حقيقي، سيعتبر هذا الأمر بمثابة الانتصار لتقنية التعلّم الآلي. ولكن لم يتضح حتى اليوم كيف ستنجح الآلة في فهم هذا التعبير وتوضيح فهمها له.
أدخلت شركة «أفكتيفا» منذ عامين نبرة الصوت في عمل أداتها، ولكن القليوبي لم تحدّد الوقت الذي يتطلبه الوصول إلى «الكأس المقدّسة». ولكنها تصف هذه الأداة بالجيدة، وترى أنّها تقنية تحلّل النبرة والتعابير بشكل دقيق في جميع الثقافات والشخصيات، ولكنّها لا تزال في منتصف طريقها نحو النجاح التام.

- « كوارتز»، خدمات «تريبون ميديا»


مقالات ذات صلة

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)
تكنولوجيا «Google Vids» هي أداة بسيطة لإنشاء فيديوهات احترافية تدعم العمل الجماعي والذكاء الاصطناعي لإعداد المخططات وإضافة الصور تلقائياً (غوغل)

«غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

تستهدف هذه الخدمة الشركات التي تتطلع إلى إنتاج محتوى مرئي احترافي بكفاءة وسرعة دون الحاجة للخبرة الفنية العميقة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تتيح «فينغيج» قوالب وأدوات تخصيص سهلة بينما تستخدم «نابكن إيه آي» الذكاء الاصطناعي لتحويل النصوص إلى تصميمات جذابة (فينغيج)

أدوات مميزة لتحويل أفكارك إلى تصميمات مرئية جذابة

تخيل أن بإمكانك تصميم إنفوغرافيك أو تقرير جذاب بسهولة!

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.