حان الوقت لوقف الهتافات العنصرية في الملاعب

مواجهتها تتطلب من الاتحادين الأوروبي والدولي تعاملاً أكثر حزماً وجدية

ستيرلينغ وجماهير مونتينيغرو على ملعب «بودغوريتسا سيتي» (رويترز)  -  ساوثغيت طالب بعقوبات أكثر شدة ضد مرتكبي الإساءات العنصرية (رويترز)
ستيرلينغ وجماهير مونتينيغرو على ملعب «بودغوريتسا سيتي» (رويترز) - ساوثغيت طالب بعقوبات أكثر شدة ضد مرتكبي الإساءات العنصرية (رويترز)
TT

حان الوقت لوقف الهتافات العنصرية في الملاعب

ستيرلينغ وجماهير مونتينيغرو على ملعب «بودغوريتسا سيتي» (رويترز)  -  ساوثغيت طالب بعقوبات أكثر شدة ضد مرتكبي الإساءات العنصرية (رويترز)
ستيرلينغ وجماهير مونتينيغرو على ملعب «بودغوريتسا سيتي» (رويترز) - ساوثغيت طالب بعقوبات أكثر شدة ضد مرتكبي الإساءات العنصرية (رويترز)

ربما يكون الجزء الأكثر إحباطاً فيما يتعلق بتعرض لاعبي المنتخب الإنجليزي لكرة القدم لهتافات عنصرية من جمهور مونتينيغرو على ملعب «بودغوريتسا سيتي» هو أننا نحن الذين نتابع مباريات الفرق الإنجليزية في رحلاتها الخارجية قد عبّرنا مرارا وتكرارا عن غضبنا الشديد، وطالبنا بفرض عقوبات أشد، وأحدثنا حالة من الضجيج والصخب، في مرات ربما تفوق قدرنا على التذكر من الأساس.
وبمرور الوقت، فإن ما نتعلمه هو أنه لا يوجد أسهل من توجيه إساءات عنصرية كتلك التي وجهت للاعب الإنجليزي داني روز لمجرد أنه تجرأ وارتكب خطأ بارتدائه قميص المنتخب الإنجليزي ولعب أمام جمهور مونتينيغرو، الذي قرر توجيه الهتافات العنصرية له بسبب لون بشرته! وعند هذه النقطة يمكن أن تشعر بأننا جميعا قد عشنا هذه التجربة من قبل وبأنها لم تكن شيئا جديدا على الإطلاق. نحن نلقي باللوم الشديد على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب موقفه الضعيف في مثل هذه الحالات، ونؤكد مرارا وتكرارا على أن هذا هو الوقت المناسب بالنسبة للقائمين على هذه اللعبة لأن يتعاملوا بشكل صحيح مع مثل هذه الأحداث، لكن لا شيء يحدث.
ومن المؤكد أنه يحق لنا جميعاً أن نعبر عن غضبنا من أن هذه النقطة تحتاج إلى توضيح من الأساس، لأننا سبق وأن قلنا هذا الكلام مرارا وتكرارا من قبل. وبالتالي، فإن السؤال المطروح الآن هو: كم مرة يتعين علينا أن نوجه فيها النداء إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لكي يتعامل مع الأمر بجدية؟ وكم مرة لا يحرك فيها المسؤولون ساكناً لتغيير ما يحدث؟
وكان غاريث ساوثغيت هو الأحدث ضمن سلسلة طويلة من المديرين الفنيين لمنتخب إنجلترا الذين يسمعون بآذانهم الهتافات والإساءات العنصرية وهي توجه للاعبيهم باسم ممارسة الرياضة. وبالتأكيد، لن يكون ساوثغيت الأخير في هذا الأمر. لكن ساوثغيت كان بالتأكيد هو أول من يعترف بما كان يشكك فيه كثيرون منا، وهو أن لاعبيه قد فقدوا الثقة تماماً في النظام القائم، وأنهم لا يستطيعون أن يثقوا بالسلطات المعنية، وفي بعض الحالات، لم يعد لدى هؤلاء اللاعبين ثقة حتى في إمكانية إثارة الموضوع من الأساس.
وينطبق هذا على الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكذلك على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي اتهم مونتينيغرو بارتكاب سلوك عنصري الأسبوع الماضي. ويمكن لساوثغيت أن يقول هذا من موقف جيد لأنه سبق وأن أثار هذا الموضوع بالتحديد قبل انطلاق كأس العالم الأخيرة 2018 بروسيا، حيث قال: «بعضهم لا يريد حتى الإبلاغ عما يحدث، لأنه ليس لديهم ثقة بأنه سيتم التعامل مع الأمور بشكل مناسب، أو أن ذلك سيحدث فارقا».
ولم يكن رد الفعل مفاجئا عندما تعرض كل من ريان بروستر ومورغان غيبس وايت اللذين كانا ضمن صفوف المنتخب الإنجليزي الفائز بلقب كأس العالم تحت 17 عاما، لإساءات عنصرية من لاعب إسباني في المباراة النهائية للبطولة عام 2017، حيث رأى الاتحاد الدولي لكرة القدم أنه لم يكن هناك أي سبب للتعامل مع هذه القضية، لأن الأدلة غير كافية. ويبدو أن الاتحاد الدولي لكرة القدم كان يريد تسجيلا كاملا لما حدث واعترافا موقعا من جانب المذنبين وإفادات من الشهود من كل فرد من أفراد الجمهور الموجود في الملعب!
وبالمثل، من السهل جداً في بعض الأحيان إلقاء اللوم بالكامل على الجهات المعنية والوقوع في فخ الاعتقاد بأن توقيع المزيد من الإجراءات التأديبية سيجعل كل شيء أفضل بصورة تلقائية. لكن ذلك غير صحيح ولن يحدث، ولكي نعطي ساوثغيت حقه يجب الإشارة إلى أنه دائما ما يثير هذه النقطة، حيث سبق وقال: «لا يمكنني الحديث عن العقوبات، لأنني لا أعرف ما هي العقوبات المناسبة التي يجب فرضها؟ هل يجب فرض غرامة مالية كبيرة؟ هل يجب إغلاق جزء من الملعب أمام الجماهير؟ ما الذي سيحدث الفارق؟ أنا لا أعرف بكل صراحة» وأضاف: «أرى أن الشيء الذي سيصنع الفارق هو أن نعلم الناس. الأطفال يولدون في العالم وليس لديهم أي قدر من الخبث في أجسامهم، لذلك فإننا نحن من نعلمهم ذلك كبالغين. يمكننا أن نوجه الانتقادات للسلطات بسبب العقوبات، لكن المشكلة أعمق من العقوبات بكثير».
وكان من السهل أن نشعر بذلك بالفعل في ملعب «بودغوريتسا» يوم الاثنين، عندما أخبر المسؤول الصحافي في مونتينيغرو الصحافيين بأنه لم تكن هناك أي هتافات عنصرية خلال المباراة التي أقيمت في إطار تصفيات كأس الأمم الأوروبية 2020، قبل أن يعلق المدير الفني، ليوبيسا تومباكوفيتش، بهز رأسه في حيرة كبيرة ويقول إنه هو الآخر لم يسمع شيئاً من هذه الهتافات المزعومة.
ورفع أحد المراسلين المحليين يده للتعبير عن دهشته من أنها كانت مشكلة صغيرة وأن الهتافات لم تخرج سوى من عشرة أشخاص على الأقل! وسأل الصحافي ساوثغيت عما إذا كانت الصحافة الإنجليزية ستركز على هذا الموضوع بنفس القدر لو أن ما حدث قد حدث من جمهور دولة تحبها إنجلترا بصورة أكبر، مثل الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال! وكان هذا هو الصحافي الوحيد من مونتينيغرو الذي يتحدث حول هذا الموضوع، وقد ترك انطباعا، سواء كان ذلك عن قصد أم لا، بأنه يرى أن الموضوع عبارة عن جدل مصطنع، ويعد أمرا تافها في بلده وغطرسة معتادة من جانب الإنجليز.
ولكي نكون واضحين، فقد كان ما حدث مع داني روز فقط هو ما يمكن سماعه في النفق المؤدي لغرفة خلع ملابس المنتخب الإنجليزي، أو مقصورة الصحافيين أو المقاعد التي يجلس عليها مسؤولو الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. ومع ذلك، كان بإمكان المصورين في الملعب واللاعبين سماع أصوات القردة طوال فترات الشوط الثاني من المباراة.
ومن المؤكد أيضا أن رحيم ستيرلينغ قد سمع هذه الهتافات، بدليل أنه احتفل بعد إحرازه الهدف الخامس بوضع يديه في آذنيه في تحد واضح لمن يوجهون له ولزملائه الهتافات العنصرية، التي سمعها أيضا كالوم هدسون - أودوي، البالغ من العمر 18 عاماً الذي كانت هذه هي المباراة الأولى له بقميص المنتخب الإنجليزي الأول. وبالطبع سمع روز، الذي لم يرغب في الحديث عما حدث، هذه الهتافات، والتي كان من الواضح أنها كانت من جانب أكثر من عشرة أشخاص، على عكس ما زعمه صحافيو مونتينيغرو.
فهل كان يتعين على ساوثغيت أن يصدر تعليماته إلى لاعبيه لكي يخرجوا من الملعب بسبب هذه الهتافات العنصرية؟ وعندما سُئل المدير الفني للمنتخب الإنجليزي هذا السؤال، قال إنه يشعر بالأسف إذا كان يُعتقد أنه لم يفعل ما يكفي. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الهتافات العنصرية قد وجهت لداني روز في غضون ثوانٍ من صافرة النهاية، ولم تكن مسموعة طوال المباراة. لكن ساوثغيت فهم أن المقصود من السؤال هو أن الناس يريدون العمل وليس مجرد توجيه كلمات، لمواجهة العنصرية.
وقال ساوثغيت إنه بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير في الأمر والحديث مع لاعبيه ومساعديه، وأضاف: «لقد طرحت سؤالاً حول ما إذا كان يتعين علي أن أطلب من اللاعبين مغادرة الملعب، أليس كذلك؟ وهل كان ينبغي علي فعل المزيد؟ لذلك أريد أن أفكر فيما إذا كان ينبغي علي التعامل مع ما حدث بطريقة مختلفة. إن آخر شيء أريده هو أن أشعر أنني خذلت اللاعبين أو أضعت فرصة لتسليط الضوء على هذا الموضوع».


مقالات ذات صلة

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية لم تكشف الشرطة الإسبانية اسم اللاعب الذي طالته منشورات الكراهية (رويترز)

القبض على 4 متورطين في منشورات للكراهية تجاه فينسيوس

أعلنت الشرطة الإسبانية في بيان لها عبر موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، أنها ألقت القبض على 4 متهمين رئيسيين في حملة كراهية عبر الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.